يُعتبر محمد صادق محمد الكرباسي هو مؤسس ومدير المركز الحسيني للدراسات المعتمد كمؤسسة غير ربحية في لندن، وهو مؤلف أجزاء الموسوعة (دائرة المعارف الحسينية) باللغة العربية المختصة بالامام الحسين(ع)، والتي طبع منها سبعة وسبعون مجلداً من مجمل ما يزيد على ستمائة مجلد، ولقد أوقف هذا المجتهد المُتَرجَمُ له حياتَه على إدراج وتصنيف وتوثيق المواد في مختلف الأبواب المتعلقة بشخصية الامام الحسين بن علي(ع).
وتمثل الموسوعة الحسينية، موسوعة تاريخية زمنية ومشروعاً طموحاً يجسد حركة الانسان، وإنَّ دراسة الامام الحسين(ع) بحد ذاته اعتراف بتراثه الثَّر نظراً لتأثيره في الحوادث كافة خصوصا في الوقت المعاصر، في رسم ودمج العديد من الثقافات معاً، وهذه الدراسة عن شخصية الامام الحسين (ع) تُعبر عن نفسها كعمل مضيء (مشرق) ووطني وتاريخي.
لم تعد الموسوعة لتكون مكرسة فقط كمنهج أكاديمي مع إنَّ العاملين فيها (المساعدين) هم مِن أصحاب الخبرات الجامعية في مختلف الاختصاصات (باحثون، شعراء، أدباء، وصحفيون) وليس هذا المشروع الهائل مجرد تلخيص للبحوث في مختلف مجالات البحث المفيدة للمؤمنين، ولكنها أيضا أداة هامة للباحثين خارج منطقة الشرق الأوسط في هذا المجال.
إن مقدمات هذا المجموعة الرائعة تمثل العمل الجاد والتطوير المنظم كمساهمة فاعلة في حياة الامام الحسين(ع) وسيرته الذاتية، وفكره وإدارته والشخصيات المحيطة به، وأبعاد نهضته ومواضيع أخرى غيرها لا تحصى.
ثمة أجزاء أخرى تناقش موضوعات مختلفة، مثل الحسين في القرآن، الحسين في السنة، سيرته، أدعيته، الحسين والتشريع الاسلامي، وتاريخ المراقد الحسينية، ومع ذلك فإنَّ الجزء الأكبر من الموسوعة الحسينية أي أكثر من ثلثها يركز على الشعر والأدب في عدد من اللغات الفصيحة والدارجة.
لقد ظهر قبل الجزء الأول من ديوان الشعر الفارسي الصادر عام 2011م في 448 صفحة من القطع الوزيري، "المدخل إلى الشعر الفارسي" وهو مجلد يختص بالشعر الفارسي ومراحل تطوره المختلفة، خصص لما يلي: المعنى الشعبي او القومي لمفردة (فارسي)، عائلة اللغات الهندية الأوربية، ألفباء الفارسية القديمة، ألفباء الفارسية المتوسطة (البهلوية)، الفارسية الحديثة (دَري)، الفباء الفارسية الحديثة، الهندية، التركية، الانكليزية، الفرنسية، والمفردات الدخيلة على العربية في الشعر والأدب من الفارسية القديمة الإفستية، العصور الفارسية، المفردات الفارسية ومميزاتها، الشعر الديني ومدارس الشعر الفارسي (كالخراساني والعراقي والهندي)، تطور علم الصَّوتيات الفارسي، علم العروض الفارسي، والقياس المتري، وهناك أيضا مؤشرات أخرى.
إن المقدمات الواردة تعتبر دليلا جيدا لديوان الشعر الفارسي، مما يجعلها مساهمة فريدة من نوعها خاصة لقراء العربية، لانها غير مألوفة في اللغات الفارسية والأوربية، ومع ذلك ليس ثمة ما يشير إلى مختلف الأشكال الشعرية مثل القصيدة ، الغزل، القطعة أو المثنوي. والمحتويات تبدو من الأساس على قاعدة ذبيح الله صفاء، تاريخ أدبيات إيران (ج6 1332-1362، 1953-1983. وگنجينه سخن (ج3، 1344ش/1960م)، تاريخ نظم ونثر لسعيد نفيسي (ج2 1344/1965)، وأيضا فرهنگ دانش لبرويز أسدي باهنر (1377 ش/1998م)، وستكون هناك حاجة إلى مراجعة أكثر شمولية عن مصادر لا تعد ولا تحصى تلك المتوفرة في اللغة الفارسية لتغطية جوانب واسعة فيها من أجل إغناء الموسوعة الحسينية.
تحتوي الموسوعة على ثلاثة وخمسين مجلداً في الشعر الفارسي مع مجلدين هو المدخل الى الشعر الفارسي ومجلدين في دراسات السيرة للشعراء الناطقين باللغة الفارسية، وهذه الدراسة تعتبر بمثابة قراءة غير اعتيادية لأجزاء الموسوعة وإضافة جديدة لمصادر الأدب الفارسي.
ويعد ديوان الشعر الفارسي هو المجلد الأول في هذا الجانب ويغطي فترة زمنية من القرن الرابع – التاسع، والقرن العاشر إلى الخامس عشر، ويشمل على مداخل (مقدمات) لاكثر من مائة قصيدة فارسية لكل فترة مع هوامش مفصلة مكرسة للحسين(ع).
وعلى الرغم من أنه لا يمكن إعتباره مرجعاً أساسياً في الشعر الفارسي لكنه حقق بعض المطالب الصعبة في تبيان الشعر الفارسي الخاص بالامام الحسين بشكل موسع إبتداءً من الفترة الصفوية (مثلا في الصفحات 29، 50، 111، 128، 172، 264 و303)، وهناك مقدمات مهمة عن الشعراء في الفترات المبكرة لا تتحدد فقط بآماق بخاري، عثمان مختاري، قطران دليمي، أثير الدين أخيسكاتي، ظاهر الدين فارابي، وفروخي سيستاني، إلى جوار مشاهير الشعراء مثل سعدي، حافظ، خاقاني، والرومي، وإضافة إلى كل ذلك ثمة مختارات شعرية تتبعها ترجمة عربية، وشروح تبين قواعد العروض الفارسي مدعمة بالمصادر الموثقة.
كل النقاط الواردة في المقدمات تعتبر وسيلة للمزيد من البحث من قبل أولئك المهتمين بهذا الحقل من الدراسات، وهذا العمل القيم يحتاج إلى إظهاره وبيانه على يد عدد من الإختصاصيين لمعاينة التفاصيل الدقيقة فيه، وهناك نقطتان تستحقان النظر:
1- في الصفحة 439، العنوان: تاريخ البلعمي. الذي يعرف بتاريخ الطبري. لمحمد تقي بهار (1341ش/1962م) ومحمد پروين گنابادي (1353ش/1974م، 1386ش/2007م). الذي هو ترجمة مختصرة لمحمد بن جرير الطبري (تاريخ الرسل والملوك)، علاوة على ذلك تمت الاشارة في المجلد الخامس إلى أنَّ النسخة الأولى أُعيد طبعها في مجلد واحد.
2- في الصفحة 390. تحت جمشيد، يُقرأ: يحتمل انه " ملك الجحيم"، ومن ما تجدر ملاحظته أنه في رواية "روايت پهلوي" (31، 478) وقصة "دادستاني دينج" (38:19-21) فإنَّ جمشيد تتعلق بالجحيم كما في آهورا مازدا كأعتقاد ديني، والاسوء من ذلك فانه (يعني جمشيد) يقدم نفسه بأعتباره خالق العالم كما في زورستر (زرادشت) فإنه يتداخل مع آهورا مازدا بالنيابة (نيابة عنه) في مكافحة الشياطين ومنع الناس من إيذاء الحيوانات المفيدة، وإذ قبل جمشيد هذا العرض (أنظر) (مينوجي خارد: 26/37)، وقد تاب من خطاياه وذهبت روحه إلى المطهر (هاميستاغان)، لكن هيرودوت (أنظر واعتقد يقصد تاريخ هيرودوت) (7/114) يقرر أنَّ الفرس يعتقدون أن إلها معيناً (إله ما) يقود أرواح المتوفين في الجحيم منذ أن فشل جمشيد في إيجاد طريقه إلى الجنة، وقد أخطأ بويس في إشارته التي تقول أنَّ إلإله هو جمشيد نفسه كما جاء في الثقافة الشعبية الهندية. (راجع رج فيدا: 10.13.4)، ياما هو إله الموت الذي تبادل الخلود مع أبنائه وأرسل بعد ذلك إلى الجحيم.
على الرغم من القصور وعدم الدقة في بعض من ورد ذكرهم في فهرس الأعلام، إلا أننا نجد أن هذا الجزء (المجلد) مفيد للقراءة، ونحن نعتقد أنَّ الموسوعة الحسينية عمل يُشار إليه بالبنان وذو قيمة عليا في دراسة شخصية الامام الحسين(ع).
26/5/13416
https://telegram.me/buratha