قال تعالى : ((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً))(1)..
ونحن نترقب مهرجان النجف عاصمة الثقافة الاسلامية يغمرنا الفرح والسرور للاهتمام بهذا الصرح الخالد من قبل المخلصين الذين يبحثون عن اعطاء كل ذي حقا حقه ,وبمعنى أخر وضع النقاط على الحروف .
ومن اولى النقاط التي تعاني منها هذه العاصمة السابقة الاحقة هي تهميش واقصى المفكرين الاسلاميين .
حيث يمر بعض الباحثين مرور الكرام على ترجمة سيرهم ,وبعض الاحيان لايسلطون الاضواء على نقاط مهمة من سيرتهم الغراء ,فيعتبرونهم مجرد علماء كان بروزهم في وقت معين وتلاشى برحيلهم .
وهذه الفكرة من الافكار الجامدة التي لاتدلل على ارتقاء مستوى تفكير الباحث أو المؤرخ أو المثقف ,فأننا اليوم بحاجه ماسة لتطبيق مؤلفات واصدارات العلماء الفطاحل على واقعنا المعاصر في شتى المجالات ,ومنها الثقافية .
وفي كتابتنا المختصرة عن المفكر الاسلامي العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي (قدس سره) سنبتعد قدر الامكان عن الكتابة الكلاسيكية او بالاحرى نبتعد عن ماذكره الكتاب سابقا .
فالحديث اليوم عن هذا العالم المفكر الاسلامي المجاهد الاديب الشاعر الزاهد الورع يحتاج الى مجلدات .
كونه يعد الرائد الاول في شتى المجالات .. فهو موسوعه علمية وادبية ثقافية ناهيك عن الاسلوب الابداعي الذي تحول الى منهج رائج في العصور الاحقة .
لذلك سنحاول كتابة ماتجود به اليد من سيرته النسبية مع الاشارة الى بعض مؤلفاته التي تعتبر منهج تجديدي في تاريخ الحوزة العلمية .وذكر نبذه من قصائده الرائعة بحق اهل البيت (عليهم السلام ) .
النسب والاسرة
ينحدر المفكر الاسلامي الشيخ محمد جواد البلاغي من قبيلة ربيعة ,واجداه امراء القبيلة ,ويتصل نسبه بجده الاكبر الشهيد بلاغ المتوفي سنة 812 هـ بن ولي الله أمير ربيعة ,وفي المصادر التاريخية يذكر تسلسله النسبي بالشكل التالي :
الشيخ محمد جواد ( 1282هـ ـ 1352 هـ) بن حسن بن طالب بن عباس بن إبراهيم بن حسين بن عباس بن حسن بن عباس بن محمد علي بن محمد البلاغي النجفي الربعي . (2)وذكرت الترجمة في عدة مصادر (3).
والده الشيخ حسن صاحب المنظومة الفقهية .
وجده الثالث الشيخ طالب البلاغي بن عباس العاملي النجفي كان تلميذاً لصاحب الجواهر وكان معروفاً بالعلم والفضل والجلالة والورع والزهد والأخلاق وكان حياً سنة 1274 هـ. (4).
وجده الثامن الشيخ محمد علي من علماء القرن العاشر الهجري مؤسس اسرة البلاغ في النجف الاشرف , الشيخ محمّد عليّ بن محمّد البلاغي كان فقيهاً متبحراً في القرن العاشر الهجري. قال حفيده الشيخ حسن بن الشيخ عباس في كتابه تنقيح المقال: محمّد عليّ بن محمّد البلاغي جدّي(رحمه الله) وجه من وجوه علمائنا المجتهدين المتأخرين وفضلائنا المتبحرين ثقة عين صحيح الحديث واضح الطريقة نقي الكلام جيد التصانيف وكان من تلامذة أحمد بن محمّد الأردبيلي(قدس سره).وفي عام 1000 هـ 1479 م(5)..
ومن اسرتهم وأحدعلماء القرن الثالث عشر الهجري الشيخ محمّد عليّ بن عباس البلاغي النجفي كان من العلماء المؤلفين المكثرين كتب نحو ثلاثين مجلداً في الفقه واُصوله وكان حياً سنة 1228 هـ(6).
وعمه الشيخ حسين البلاغي صاحب القصيدة المشهورة في رثاء الميرزا الشيرازي الكبير ( قدس سره).
وال البلاغي بيت علم وفضل وأدب ,وقد تم ذكرهم في المصادر القديمة والحديثة التي منها انساب القبائل العربية المبطوع عام 2011 ,وجاء فيه :
من الاسر العلمية في العلم والادب والبلاغة .وهذه الاسرة من ذرية الشيخ محمد البلاغي أحد اعلام وشعراء القرن العاشر الهجري ومن عيون هذه الاسرة الاستاذ الاديب الصحفي محمد علي البلاغي وكذلك محمد علي البلاغي المتوفى سنة 1000هـ .بن الشيخ محمد ,وأيضا الشيخ محمد جواد المتوفى سنة 1354هـ بن الشيخ حسن بن الشيخ طالب بن الشيخ من أبرز المجاهدين مع الميرزا محمد تقي الشيرازي (7).
والشيخ محمد جواد البلاغي ولد في رجب(عام 1282هـ 1865 م), ونشأ, وتوفي في شهر شعبان ( 1352ه ـ 1933 م )في النجف الاشرف .
بعد أن أكمل دراسته في النجف الاشرف على يد جهابذة العلماء ,انتقل الى سامراء عام 1326 هـ لاكمال طلب العلم على يد الإمام الميرزا محمد تقي الشيرازي (قدس سره ) ,فمكث عشرة سنوات هناك ,ثم انتقل الى مدينة الكاظمية المقدسة ,فاقام بها سنتين,وبعدها عاد إلى النجف الأشرف الى أن وافاه الاجل المحتوم ليلة الاثنين الثاني والعشرين من شعبان .
ويقول الشيخ جعفر ال محبوبة بعد أن ذكر بعض مؤلفاته العلامة الخبير الشيخ محمد جواد البلاغي الذي هو أحد اقطاب تلك العاصمة الكبرى ,وقد راجت مؤلفاته في سائر الاقطار وترجمة جملة منها الى اللغات الاجنبية .ثم يسرد في الهامش كان هذا الشيخ من اعلام النجف المشاهير حاويا لفضيلتي العلم والجهاد بالقلم وقف حياته للدفاع عن الدين ,وله المواقف المشهودة قبال الماديين والطبيعين وسائر المخالفين تخرج على المجدد الشيرازي في سامراء .وله الالمام بجميع اللغات الاجنبية .وفي وفاته كما ذكرنا تاريخ الوفاة .فخسره العالم الاسلامي أجمع وكان يوم وفاته يوما مشهودا .(8).
كيفية تعلم الشيخ البلاغي للغات اخرى ..اللغة العبرية مثلا :
يروي المرجع المعاصر السيد صادق الحسيني الشيرازي (مد الله في ظله ) إن المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي قدّس سرّه كان من العلماء الأعلام، وكان أحد أساتذة والدي قدّس سرّه. وقد صرف هذا العالم الجليل عشرات السنوات من حياته لأجل تأليف كتابين، هما: «الرحلة المدرسية»، و«الهدى إلى الدين المصطفى صلى الله عليه وآله»، وذلك في بيان التناقض الموجود في العهدين: التوراة والإنجيل.
نقل والدي رحمه الله عن هذا العالم الجليل وقال: نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلها الشيخ البلاغي رحمه الله في تأليف الكتابين المذكورين، فقد ابتلي رحمه الله بأمراض عديدة ومات إثر ذلك، حيث كان فقيراً من الناحية المادية ولم يتمكّن من علاج نفسه. وقد اطّلع أحد القساوسة في بريطانيا على واحد من هذين الكتابين، فقرأه بتمعّن، فأسلم وتشيّع، وكتب رسالة إلى الشيخ البلاغي كتب فيها: أنتم الشيعة جناة على الإنسانية! لأنكم تملكون مثل هذه العلوم الثمينة والقيّمة ولا تنشرونها في العالم ولا تعرّفونها للبشرية.
https://telegram.me/buratha