أحياناً نساق في طريق النور بدون مقدمات...
أول أمس وجدتني طائر بلا أجنحة،
أجوس فضاءات النور اللا متناهي،
أشق طريقي بلا عناء ..
دعيت ـ وهل أستحق أن أدعى؟! ـ الى حضور لحظة من لحظات الانغمار في أقداس تنتح من ينبوع أبي عبد الله الحسين عليه السلام...
أول أمس أزيح الستار عن الشباك الجديد للضريح الطاهر..وقبلها كانت قد مرت أربعين يوما ثقالا على الزائرين، يعدون ثوانيها دقائق ودقائقها ساعات وساعاتها أيام وأيامها شهور وشهرها دهر..!
رأيت شيخا طاعنا بالسن يقف على باب الحضرة المقدسة لإمام الأحرار وهو بعين باكية وعين تقدح فرحا...
أول أمس شهدت بعيني هاتين وإلا عميتا مصداقا لقوله تعالى: (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[سورة الزمر:68].
رأيت علماء أجلاء ومفكرين وقادة مجتمع وأدباء وكتاب وطلاب علم ووزراء وساسة من جنسيات مختلفة ...وأعرف أنهم مختلفين في أشياء كثيرة ، بالاهتمامات ، بالمشارب ، بالأذواق، في سحناتهم ، في رؤاهم ، في ملابسهم في تجلياتهم حتى... لكنهم في حجرة الضوء كانوا موحدين الى حد التماهي مع الضوء الذي سبحوا فيه...
كنت بينهم و للحظات لا أعرف طولها شعرت أني منعزل عنهم ..اعتقدت أني وحدي هكذا مثلما يعتقد الذي كان يقف جنبي، والذي أبعد وأبعد الى نهاية من أراهم والذين لم أراهم، أني أعشق الضوء الحسيني أكثر من غيري..
خطر لي ساعتها ـ وكان قد أعتلى منبر الخطابة شاعر ـ أن أعتلي أنا أيضا منبر الخطابة، ,أطلق مسابقة في حب النور..مسابقة أعلن فيها من ينافسني في كم هذا الحب..وأنا واثق ثقة مطلقة أني أنا الفائز...لكن صوتا في داخلي أيقضني من خطرتي هذه..الصوت كان يقول: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ ِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )[النور: 35].
https://telegram.me/buratha