بقلم : عبود مزهر الكرخي
نستكمل في جزءنا هذا خصوصية وأهمية أقامة الشعائر الحسينية والموجبات المؤكدة والتي توجب زيارة سيد الشهداء سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين(ع) وقد ناقشنا في جزءنا السادس الدلائل والأسانيد التي تؤكد على على وجوب أحياء وإقامة الشعائر الحسينية ولنمتثل بقول أمامنا جعفر الصادق الذي يقول((أحيا الله من أحيا أمرنا)) وكل أئمتنا أمروا بإقامة الشعائر والذي أكدوا على أقامتها وضرورة زيارة كربلاء ومن هنا يقول أبي عبد الله الصادق(ع)في زيارة الأربعين ((أن في كل خطوة يخطيها إلى الحسين تكتب حجة وعمرة، إن الله ينظر إلى زوار أبي عبد الله الحسين قبل النظر إلى حجيج عرفة))وسوف يأتي من هؤلاء الدواب(أجلكم الله) ويعترض على هذا ونقول له إن الحسين(ع) قد وهب كل شيء لله خالصاً سبحانه وتعالى وكما قلنا سابقاً وهو الرب الذي يعرف قيمة كل عباده بحيث قال في حديث قدسي شريف ((عبدي طعني تكن مثلي تقول للشيء له كن فيكون)).(1)فكيف وهذا لخامس أصحاب الكساء الذي أطاع به وأخلص له إلا إن يكون ربه وهو الكريم في إعطاءه كل هذه المزايا والكرامات وهو الجواد السخي والذي يعطيها لإمامٍ خلق قبل آدم وأسمه مكتوب على يمين ساق العرش والتي يقول عنها نبينا الأكرم(ص) عندما أسري به ((إن الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة))(2)إي أنه ينجي من يركبها ويهلك من تخلف عنها كسفينة نوح ولأزيد لك أخواني وأخواتي هناك حديث للرسول(ص) يقول وهو مسند من قبل كل الصحاح الستة والبخاري((عن الإمام الحسن بن عليّ (عليهما السلام) قال :كنّا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) أنا وحارث الأعور قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله)يقول : يأتي قوم في آخر الزمان يزورون قبر ابني الحسين ، فمن زاره فكأ نّما زارني ، ومن زارني فكأ نّما زار الله سبحانه ، ألا ومن زار الحسين فكأ نّما زار الله في عرشه)).(3)فإذن زيارة الحسين هي زيارة لله فما أعظمها من زيارة التي تكون في ضيافة الله وسبحانه ومن هنا أكرمه الله في إن تحت قبته يستجاب الدعاء لأنك وصلت إلى الحضرة الآلهية عند قبة الحسين ومن هنا كانت كرامة استجابة الدعاء ومن هنا كان الحكم شرعي في إن الصلاة تكون فرضاً كاملاً تحت القبة وليس قصراً (أي ركعتين)لأنك في حرم من حرمات الله وهو ما أمرونا به أئمتنا المعصومين(سلام الله عليهم جميعاً) وهم عندما يقولون ذلك فهو إيحاء من الله لأن وكما ذكرنا في أجزاءنا السابقة أنهم حجج الله على أرضه ولديهم مواريث الأنبياء وإذا لا يقولون هذا القول عبثاً(حاش لله) فهذا يعني إن الله يصدر منه العبث وهذا مستحيل وهذا ما متفق في كل المذاهب أن الله سبحانه وتعالى له الكمال والعصمة الكاملة.جاءت روايات كثيرة في فضل زيارة الامام الحسين (عليه السلام) بل في وجوبها، منها:1 ـ قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «من زار الحسين (عليه السلام) بعد موته فله الجنّة»(4)2 ـ وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) أنه قال: «زيارة الحسين بن علي (عليه السلام) واجبة على كل من يقرّ للحسين بالامامة من الله عزّوجلّ».(5)3 ـ وقال (عليه السلام): «زيارة الحسين (عليه السلام) تعدل مائة حجّة مبرورة، ومائة عمرة مـُتـَـقبـّـلة».(6)4 ـ وروي: أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان ذات يوم جالساً وحوله عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فقال لهم: «كيف بكم إذا كنتم صرعى وقبوركم شتّى؟ فقال له الحسين (عليه السلام): أنموت موتاً أونقتل؟ فقال: بل تقتل يا بني ظلماً، ويقتل أخوك ظلماً، وتشرّد ذراريكم في الارض. فقال الحسين (عليه السلام): ومن يقتلنا يا رسول الله؟ قال: شرار الناس، قال: فهل يزورنا بعد قتلنا أحد؟ قال: نعم، طائفة من أمتي يريدون بزيارتكم برّي وصِـلـَتي، فإذا كان يوم القيامة جئتهم الى الموقف حتى آخذ (باعضادهم فأخلصهم) من أهواله وشدائده».(7)5 ـ وروى شيخنا المفيد (قدس سره) باسناده الى عليّ بن ميمون، عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام)، قال: «يا عليّ، بلغني أن قوماً من شيعتنا يمرّ بأحدهم السنة والسنتان لا يزور الحسين (صلوات الله عليه)».قلت: جعلت فداك، اني أعرف ناساً كثيراً بهذه الصّفة.قال: «أما والله لحظّهم أخطأوا، وعن ثواب الله زاغوا، وعن جوار محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تباعدوا».قلت: جعلت فداك، في كم الزيارة؟قال: «يا علي، إن قدرت أن تزوره كل شهر فافعل» .(8)6 ـ وجاء عن الحسين (ع) أنه قال ((من أحبنا كان منّا أهل البيت))وأستدل على ذلك بقوله تعالى تقريراً لقول نبي الله إبراهيم (ع) {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.(9) وواضح أنِّ من أحبهم فسوف يتبعهم ومن تبعهم فأنه منهم.(10)7 ـ ويقول (ع) ((ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله(ص) إلا من بغضهم علياً وولده)).(11)ومن هنا فإن كل يبغض أهل البيت ويحقد عليهم فهو منافق و مشرك بالله لهذا كان لنا حب أهل البيت وهو ما أمر به رسول الله(ص) ورب العزة والجلالة والآيات الخاصة موجودة ومعروفة من قبل الجميع.وربما بعض القراء سوف يقولون هذه مصادر شيعية ولايحب لهم أن يستندوا مع العلم نحن نقرها لأنها صادرة من جهات وعلماء موثقون ولايصدر منهم إلا بعد التثبت والتأكد من كتبهم ومايقولونه وعلى العموم ندرج في فضل زيارة الحسين من مصادر السنة وهي كالآتي1 ـ أحمد بن حنبل - فضائل الصحابة - ومن فضائل علي ( ع )1118- حدثنا أحمد بن إسرائيل قال : رأيت في كتاب أحمد بن محمد بن حنبل رحمه الله بخط يده :نا أسود بن عامر أبو عبد الرحمن قثنا الربيع بن منذر ،عن أبيه قال:كان حسين بن علي يقول:من دمعتا عيناه فينا دمعة ، أو قطرت عيناه فينا قطرة ، أثواه الله عز وجل الجنة. (12)[ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ].2- عن الربيع بن منذر عن أبيه قال كان حسين بن علي ( ر ) يقول : من دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة آتاه الله عزوجل الجنة ، أخرجه أحمد في المناقب.(13)[ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ]3- عن موسى بن علي الرضا بن جعفر قال سئل جعفر بن محمد عن زيارة قبر الحسين فقال أخبرني أبى أن من زار قبر الحسين (ع) عارفا بحقه كتب الله له في عليين وقال إن حول قبر الحسين سبعين ألف ملك شعثا غبرا يبكون عليه إلى يوم القيامة ، خرجه أبو الحسن العتيقي.(14)[ النص طويل لذا إستقطع منه موضع الشاهد ]ولنأتي إلى أمامنا علي الهادي(ع) حيث يحدّثنا التاريخ عن مرض الإمام الهادي(عليه السلام) في سامراء، ولم تكن سامراء مدينة كما نراها الآن ، بل كانت قاعدة عسكرية مدجّجة بالسلاح والجنود ، وقد أنتدب الإمام الهادي(عليه السلام) داود أبا هاشم الجعفري ، وهو أحد كبار تلاميذ الإمام ، وهو فقيه من الفقهاء الكبار ، والذي كان من نسل جعفر الطيار ، وكان من تلاميذ الرضا والجواد والهادي(عليهم السلام) ، وهذا الشخص شخص عزيز لا يفرّط به ، مع ذلك انتدبه الإمام الهادي(عليه السلام) للدعاء له تحت قبة الحسين(عليه السلام) ، وكان ذلك في زمن المتوكل المعروف ببغضه للحسين وأهل البيت(عليهم السلام) ، وفتكه بشيعتهم حتّى أنّه كان يقطع أيدي زوّار الحسين(عليه السلام) .إذن إرسال الإمام الهادي(عليه السلام) لأبي هاشم الجعفري في هذا الجو الخطر رغم مقامه العلمي الشامخ يدل على اهتمام الإمام البالغ بزيارة الإمام الحسين(عليه السلام) ، وعندما استغرب أبو هاشم الجعفري من هذا الطلب من الإمام المعصوم المستجاب الدعوة ، قال له الإمام الهادي(عليه السلام) : "... إنّ لله مواضع يحب أن يعبد فيها ، وحائر الحسين(عليه السلام) من تلك المواضع".(15)ولهذا كان ائمتنا الأطهار (سلام الله عليهم أجمعين)يحضون ويوصون بزيارة الحسين حتى أمامنا الباقر يقول إن زائر الحسين ((يكون في طوال زيارته تحفه الملائكة في ذهابه وإيابه وتكتب له السلامة وأن زيارة الحسين لا تحسب من عمر الزائر وتمد له في العمر والنماء في الرزق))وهذا موجود في كتاب الأمالي للطوسي ومفاتيح الجنان لعباس القمي.ولنأتي إلى زيارة جابر في الأربعين حيث إن زيارة هذا الصحابي الجليل والذي كان في ذلك قد بلغ من العمر عتياً وهو أعمى ولكن زاره بوصية من رسول الله حيث قال له ((يا جابر زر الحسين في كربلاء ..))وهوأمر من نبينا بالزيارة وكما أن قال له (ص) عندما سأله عن سبب تسمية أمامنا الباقر قال له روحي له الفداء ((لأنه باقر علوم الأولين والآخرين وسوف تدركه وأبلغه عني السلام))وقد وجده في زيارة الأربعين مع ركب زين العابدين وكان من العمر تقريباً أربع سنوات وابلغه جابر سلام النبي(ص)فرسول الله وهو نبي الأمة يوصي بالسلام على خامس أئمتنا المعصومين(عليهم السلام أجمعين)فهذا دلالة على مكانتهم وأمر النبي بمحبتهم وإتباعهم لأنهم هم القرآن الناطق الذي يسير في الأرض وهم الورثة الحقيقيين للنبوة ومهبط الوحي ومختلف الملائكة وهم الذين يامرون بزيارة الحسين(ع) والذين هم لديهم مواريث الأنبياء فعندما يتم التوجيه في هذا الأمر اليس من المفروض أن نتبعه واتباعهم واجب لأنهم حبل الله المتين من الأرض إلى السماء.وهذا أمامنا علي موسى الرضا(ع)يقيم العزاء على جده الحسين(ع) في عاشوراء ويأتي الشاعر دعبل الخزاعي ينشد من الشعر في رثاء الحسين ويقول البيت المشهور :أفاطم لو خلت الحسين مجدلا* وقد مات عطشانا بشط فراتإذا للطمت الخد فاطم عنده* وأجريت دمع العين في الوجناتأفاطم قومي ياابنة الخير واندبي* نجوم سماوات بأرض فلاتقبور بكوفان واخرى بطيبة* واخرى بفخ نالها صلواتيويصل إلى بيت : أفاطم لو خلت الحسين...فيعلو البكاء في مجلس العزاء ويسمع بكاء وشهقة أمراة فيسأل دعبل عن مصدر هذا الصوت فيقول الرضا لا عليك فهذه أمنا فاطمة(ع) قد حضرت مجلسنا والبكاء على أبنها وهذا يعني حضور الزهراء روحي لها الفداء مجالس العزاء التي تقيمها الشيعة وهذا مايصرح على الدوام به خطباء المنبر الحسيني في مجالس العزاء فمن هنا نلاحظ ونستنتج إن أقامة مجالس العزاء والشعائر الحسينية هي أمر من نبيه الكريم(ص) وبعده كل أئمتنا المعصومين يحضون ويأمرون على أحياءها وإقامتها لكي يبقى ذكر الحسين حياً ونابضاً في قلوبنا وفي عقولنا وفي ضميرنا وفي وجداننا وليبقى وهج وألق الثورة الحسينية مشعة ويبقى الدين محمدي خالصاً لوجه الله جل وعلا.ولأروي لكم حادثة حصلت في الأردن وهي أنه بعد سقوط الصنم أخذت الجالية العراقية بإقامة مجالس عزاء حيث صادف عاشوراء بعد سقوط المقبور صدام مباشرة وهناك التي قامت بذلك الجالية الشيعية في الأردن وفي قبور الصحابة التي تقع جنوب عمان وفيها قبر جعفر الطيار (ع)وعبد الله بن رواحة وآخرين ولاحظوا هذا العدد الكبير الموالين وتوزيع الطعام وبهذا النفس العالي في حب الحسين(ع) فاستغربوا من هذا الحدث الذي لم يألفوه وقام التلفزيون الأردني بنقل هذه الوقائع وهناك التقى المذيع بدكتور عراقي كان من المشاركين هناك وسأله سؤال باستفزاز وتهكم وقال له(أنكم تقيمون المأتم على الحسين وقد مضى على موته أكثر من 1300 سنة)وهنا قال له الأستاذ الذي أجابه بجواب جداً رائع لا زال أذكره وهو يعمل في أحدى الجامعات الأردنية هناك في ذاك الوقت قال له(من عندك ميت تعزه؟فاجابه بأن له جده.عند ذاك قال له هل تتذكره؟ أجابه بارتباك : لا.هناك قال له أنت أول سنة تذكرته وأقمت له العزاء وبعد السنة نسيته وهذا موجود لدى كل الناس ولهذا نحن نقيم هذه الشعائر الحسينية لكي يبقى ذكر الحسين حاضراً عندنا وما جرى فيها الظلم والضيم لأبن بنت رسول الله ونتذكر كل البطولة والشموخ والتي رافقت هذه الملحمة الخالدة)"وانقل لكم في ختام هذا البحث بعض ما قاله معاصريه في حق الحسين (ع)1 ) قال عمر بن الخطاب للحسين (ع) فإنما انبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم انتم.2 ) قال عثمان بن عفان بن عفان في الحسن والحسين (ع) وعبد الله بن جعفر: فطموا العلم فطماً وحازوا الخير والحكمة .3 ) قال ابو هريرة : دخل الحسين بن علي وهو معتم، فظننت وان النبي قد بعث .وكان الحسين (ع) في جنازة فأعيا وقعد في الطريق ،فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه فقال له : ياابا هريرة وأنت تفعل هذا، فقال له : دعني فوا لله لو يعلم الناس ما أعلم لحملوك على رقابهم .4 ) اخذ عبد الله بن عباس بركاب الحسن و الحسين (ع) ،فعوتب في ذلك وقيل له : أنت أسن منهما! فقال :أن هذين ابنا رسول الله (ص) أفليس بسعادة آخذ بركابهما ؟.
5 ) قال انس ابن مالك (وكان قد رأى الحسين (ع) : كان أشبههم برسول الله (ص)6 ) قال ابو برزة الاسلمي ليزيد حينما رآه ينكث ثغر الحسين (ع) : أتنكث بقضيبك في ثغر الحسين؟!أما لقد أخذ قضيبك في ثغره مأخذاً لربما رأيت رسول الله(ص) يرشفه . أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وأبن زياد شفيعك! ويجيء ومحمد شفيعه."(16)وهذا عمر بن الخطاب عندما ساد القحط في المدينة المنورة وعدم هطول الأمطار يأخذ الحسن والحسين(ع) إلى جبل في المدينة ويستشفع بهم إلى الله لنزول المطر. وأيضاً بلال مؤذن الرسول يدعو عند قبر الرسول ويستشفع به والمصدر موجود في باب الشفاعة في صحيح البخاري.
وانقل هذا الحديث من كتب السنة وهو
- روى الحاكم في المستدرك ج: 3 - 34: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا الحسن بن على بن نصر، ثنا الزبير بن بكار، حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني، عن داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أنه قال: استسقى عمربن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال (اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا).
فما برحوا حتى سقاهم الله. قال فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس إن رسول الله كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما نزل بكم! انتهى... إلى آخر البحث.(17)
ولانقل لكم هذه الحادثة والتي حصلت بعد وفاة نبينا الأكرم محمد(ص) لتثبت بالدليل القطاع من هم الذين حرموا وقام بتكفير كل من يزور النبي والأئمة(سلام الله عليهم وصلواته)
قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وآله بثلاثة أيام فرمى بنفسه على قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحثا من ترابه على رأسه وقال : يا رسول الله قلت فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه فوعينا عنك، وكان فيما أنزل عليك : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك. الآية.
وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي.
فنودي من القبر : قد غفر لك.(18)
وفي رواية أخرى عن داود بن أبي صالح : أقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه [ جبهته ] على القبر فأخذ مروان برقبته ثم قال : هل تدري ما تصنع ؟ فأقبل عليه فإذا أبو أيوب الأنصاري، فقال : نعم إني لم آت الحجر إنما جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا على الدين إذا وليه غير أهله.(19)
وهذا هو نفس المنطق الذي ينادي به السلفية والنواصب والقاعدة فهم أحفادهم هؤلاء الملعونين من بني أمية آل زياد وآل سفيان وآل زياد(لعنهم الله أجمعين).
فإذن الشفاعة وزيارة القبور موجودة ولم ينهى عنها الرسول ولا صحابته ولكن المحدثين من الذين المحسوبين على الإسلام بدءً من معاوية وبالتسلسل هم الذين ابتدعوا بدعة عدم جواز زيارة القبور والاستشفاع بهم وكانوا وعاظ السلاطين الذين أغدقوا عليهم الأموال خير أبواق لهم ولحد الآن من الكتاب والمفتيين الدواب (أجلكم الله).
وهذا ما اشار السيد الأميني (رض) بقوله
قال الأميني : إن هذا الحديث يعطينا خبرا بأن المنع عن التوسل بالقبور الطاهرة إنما هو من بدع الأمويين وضلالاتهم منذ عهد الصحابة، ولم تسمع أذن الدنيا قط صحابيا ينكر ذلك غير وليد بيت أمية مروان الغاشم، نعم : الثور يحمي أنفه بروقه، نعم : بعلة الورشان يأكل رطب الوشان.
نعم : لبني أمية عامة ولمروان خاصة ضغينة على رسول الله صلى الله عليه وآله منذ يوم لم يبق صلى الله عليه وآله في الأسرة الأموية حرمة إلا هتكها، ولا ناموسا إلا مزقه، ولا ركنا إلا أباده، وذلك بوقيعته صلى الله عليه وآله فيهم وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى.
فقد صح عنه صلى الله عليه وآله قوله : إذا بلغت بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولا، ومال الله نحلا، وكتاب الله دغلا.
وصح عنه صلى الله عليه وآله قوله : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا دين الله دغلا، وعباد الله خولا، ومال الله دولا.
وصح عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله : إني أريت في منامي كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة.(20)
فالشيعة نحن قد أحببنا الحسينبعقولنا لأنه رسم المنهج العقلي والموضوعي لديننا الإسلامي الصحيح.وأحببناه بقلوبنا لأنه يمس شغاف فؤاد كل شيعي ومسلم شريف وكل إنساني يؤمن بقيم الحق والعدالة فهو أبو الضيم التي في فاجعة الطف التي حدثت قد أدمت كل القلوب وأضحت حرارة في قلوب كل مؤمن ولن تنطفئ هذه الحرارة إلا بظهور المهدي(عجل الله فرجه الشريف).وأحببناه بضمائرنا لأنة نادى بقيم العدالة والإنصاف وانتصار المظلوم على الظالم وسيادة الحق على الباطل.وأحببناه بحياتنا وبذلنا الغالي والنفيس في هذا الحب لأنه يمثل انتصار الدم على السيف فرسم بذلك طريق الحياة والخلود والوقوف بوجه الجبروت والطاغوت.وأحببناه باخرتنا لأنه مثل لنا الحبل المتين لله سبحانه وتعالى والعروة الوثقى والفوز بالتالي بجنة الخلد في اعلي عليين .فهذا هو حبنا لسيد الشهداء روحي له الفداء والذي يبقى خالداً على مدى الزمان ليكون بالتالي المنهج الحقيقي لكل موالي ومسلم وأنساني شريف ولترتفع كل الرايات والبيارق لحب الحسين وأخيه العباس (ع) وأصحابه الميامين وليكونوا كواكب منيرة في سماء الخلد تظل منيرة على مدى التاريخ ولتعلم كل الأجيال معنى البطولة والشموخ والكبرياء والتضحية بكل معانيها السامية والنبيلة وبالتالي لترتفع المقولة بأعلى مضامينها ((انتصار الدم على السيف)).
وهذا هو ختام بحثي الذي أردت أن انهل هذا المنهل الصافي لفكر الثورة الحسينية الذي لا ينضب وأرجو إن يجد لديكم قبولاً حسناً والذي عندما أكتب وصدقوني تجري الكلمات وبدون أي شعور لتخرج هذه المقالات والتي طلبت من سيدي مولاي أبا عبد الله الحسين(ع)بالتفقه في سيرته وثورته وطلبت منه في أحدى زيارتي له وهذا ما حصل في كتاباتي التي كانت تكتب وببركات الحسين التي منّها عليه بجوده وببركاته لأنه لا يرد زائراً لضريحه الشريف عندما يطلب منه.
فالسلام عليك يا سيدي ومولاي يوم ولدت ويوم سماك جدك الحسين ويوم تقلدت الإمامة ويوم استشهدت وسفك دمك الشريف على أرض كربلاء والسلام عليك يوم تبعث حياً.
والسلام على جدك المصطفى محمد وعلى أبيك المرتضى علي وعلى أمك الزهراء فاطمة وعلى أخيك المجتبى الحسن والسلام على التسعة المعصومين من ولدك مابقي الليل والنهار وحشرنا الله معهم في زمرتهم وأنالنا شفاعتهم يوم الورد المورود.
والسلام على أخيك قمر العشيرة العباس(ع)وعلى أختك بطلة كربلاء الحوراء زينب وعلى أبنك على الأكبر وعلى رضيع أهل البيت وعلى آل بيتك وأصحابك المنتجبين.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ونسألكم الدعاء والمسألة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالمصادر :1 ـ المصدر :سلوني قبل أن تفقدوني ج2 / ص 256 الحديث ذكره الشيخ رجب البرسي في (مشارق أنوار اليقين)، ولكنه ورد بعدة ألفاظ منها قصيرة ومنها طويلة ، وممن ذكره كذلك الديلمي في (ارشاد القلوب)، وابن فهد الحلي في (عدة الداعي).وقد أفاد الشيخ جعفر مرتضى العاملي: أن أصل الأحاديث القدسية ومنها هذا الحديث والحديث السابق هو الكتب المقدسة المترجمة عن اللغات الأجنبية وهو من حيث السند كالحديث السابق، أعني لم يعثر له على سند ولكن تلقاه بالقبول أغلب العلماء، وذكروه في كتبهم.2ـ بحار الأنوار 36 / 204 , الحديث 8. خصائص الحسينيّة لآية الله المحقّق الشيخ جعفر التستري الصفحة 47 و 48.3 ـ الإمام الحسين (عليه السلام) في عرش الله ، السيد عادل العلوي الفصل الثاني عشر زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) زيارة الله في العرش . بحر الأنوار :36 ، ص 2864ـ تهذيب الاحكام 6: 40/84 ـ .5 ـ كامل الزيارات: 121.6 ـ اي تعدل بثوابها ـ كامل الزيارات: 142.7 ـ الارشاد: 1/131.8 ـ تهذيب الاحكام 6: 45 / 97.9 ـ [إبراهيم : 36].10 ـ المصدر السابق : 582 عن نزهة الناظر وتنبيه الخاطر: 85 .11 ـ المصدر:أعلام الهداية الإمام الحسين (سيد الشهداء).المجمع العلمي لأهل البيت.قم المقدسة.ص222.12 ـ أحمد بن عيدالله الطبري - ذخائر العقبى - رقم الصفحة : ( 19 ) .القندوزي الحنفي- ينابيع المودة - الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة : ( 117 ، 373 ).13 ـ أحمد بن عبدالله الطبري - ذخائر العقبى - رقم الصفحة : ( 151 )14 ـ محمد بيومي - السيدة فاطمة الزهراء ( ع ) - رقم الصفحة : ( 49 )15- كامل الزيارات: 459 ،الحديث 698 ،الباب (90) أنّ الحائر من المواضع التي يحب الله أن يدعى فيها .16 ـ إعلام الهداية . الإمام الحسين (سيد الشهداء).الجمع العلمي لأهل البيت ،قم المقدسة ، ص29 ، 30.17 ـ كتاب الانتصار للعاملي المجلد الخامس باب التوسل ص 4218 - أخرجه :الحافظ أبو سعيد عبد الكريم السمعاني المتوفى 573.الحافظ أبو عبد الله ابن نعمان المالكي المتوفى 683 في " مصباح الظلام ".أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبد الله الكرخي.الشيخ شعيب الحريفيش المتوفى 801 في " الروض الفائق " 2 ص 137 .السيد نور الدين السمهودي المتوفى 911 في " وفاء الوفاء " 2 ص 412.أبو العباس القسطلاني المتوفى 922 في " المواهب اللدنية ".الشيخ داود الخالدي المتوفى 1299 في " صلح الأخوان " ص 540.
19 ـ أخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 ص 515، وصححه هو والذهبي في تلخيصه، ورواه أبو الحسين يحيى بن الحسن الحسيني في [ أخبار المدينة ] بإسناد آخر والطبراني والاوسط
20 ـ بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 4 ، ص 110
https://telegram.me/buratha