بمناسبة عيد الغدير الاغر :
يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و اللّه يعصمك من الناس إن اللّه لا يهدي القوم الكافرين.
الحمد اللّه الذي جعلنا من أهل البصيرة و الولاء،و الصلاة و السلام علي صاحب الشريعة الغراء سيدنا محمد و آله الكرماء و أصحابه النجباء و علي جميع المرسلين و الأنبياء.
أري أنه من الواجب أن أقدم شكري و مراتب تقديري إلي القائمين الأعزاء بهذا المؤتمر المقدس و المهرجان الإسلامي،فشكر اللّه مساعيهم الجميلة و جزاهم عن الإسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين.
و بعد أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم:
يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل اليك من ربك و إن لم تفعل فما بلغت رسالته و اللّه يعصمك من الناس إن اللّه لا يهدي القوم الكافرين.
المائدة/67،و قوله تعالي:اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا..المائدة/3.
موضوع الغدير و البحث عنه لا يرتبط بغير المسلمين لأنه فرع الرسالة و الخاتمية و من لا يعتقد بهما أو بأحدهما كيف يبحث معه حول الغدير الذي يختصّ به الإسلام و المسلمون لأن من لا يعترف بشيء لا يناقش معه عن لوازم هذا الشيء.
فعلي هذا يبحث موضوع الغدير مع المسلمين لأنهم فارغون من نقاش التوحيد و الرسالة و الخاتمية و الإسلام و القرآن و خلود أحكامه.و كل هذا مفروغ منه عندهم.
و كذلك هم مجمعون علي أنه يجب عقلا و شرعا أن يكون بعد الرسول إمام أو خليفة الشريعة و إدارة الأمة و لا يرتاب أحد منهم في ذلك،فكل الفرق متفقون من حيث الكبري الكلية علي لزوم الإمام بعد الرسول إلا انهم مختلفون في المصداق و التطبيق و لذلك ذهب كلّ إلي مذهب و سلك مسلكا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا...الكهف 104.
و من المعلوم أنه ليس كل المذاهب و المسالك من حيث المجموع حقا فالمنهج القويم و الصراط المستقيم ليس إلا واحدا،للحديث الوارد عن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله و سلم)«ستفترق أمني».
و لقوله تعالي:و أنّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلك وصّاكم به لعلكم تتّقون..الانعام 153.
فيجب أن يعرف هذا الصراط و السبيل أولا،و يتّبع ثانيا و هو الذي يبرهن عليه بالدليل و البرهان و الحديث و القرآن.
فموضوع الغدير في إثباته رمز معرفة الصراط المستقيم فإذا ثبت يعرف المذهب الحق و المنهج القويم،و لكنه موضوع ناقش فيه المسلمون بين مثبت و ناف، فالمثبتون هم الشيعة قاطبة و جمع من علماء و مؤلفي السنة.و المنكرون جمع كثير منهم فيقع الكلام و البحث حول الغدير مع هؤلاء المنكرين استدلالا و تاييدا بالكتاب و السنة فالأدلة و الشواهد كثيرة جدا حيث يصعب إحصاؤها فنقول مع الاختصار.
البداهة تحكم بأن الإنسان بمقتضي طبعه لا يهمل أي شيء يتعلق به كائنا ما كان من دار عقار أو أهل و أولاد أو دراهم أو دنانير فلا يغفل عنها في حضوره و غيابه بل يهتم بها حتي بعد مماته فإذا أراد سفرا و لو قصيرا يكفّل و يكلف أحدا موثوقا لأن يتصدي لأمره المهتم به فلو ترك الأمر من دون تعيين من يقوم بما يلزم يعتبره العقلاء إما سفيها أو غيره مهتم بأمره و كل منهما قبيح مستهجن.
فالاهتمام بالمهام حقيقة هي من نواميس الكون بل هي مركوزة في كل من له تمييز،حتي الطفل نراه يودع ألعابه حينما يمشي إلي حاجة عند أفراد أهله حتي يستلمها سليمة فإذا كان هذا شأن الأمانات المادية و الأمور العادية فكيف بالأمانات الإلهية التي تضمن السعادة الأبدية.
و هذا الأمر المركوز كان جاريا من بداية الخلق و أجراه اللّه تعالي قبل خلق الإنسان بقوله تعالي:
و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة
البقرة/30.و بعد الخلق بقوله:..يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق
ص/26.
و كذلك الأنبياء أجروا هذا الأمر المركوز واحدا بعد واحد فنري أن أبانا آدم قد أوصي إلي شيث، و نوح أوصي إلي سام،و إبراهيم إلي إسماعيل،و موسي إلي يوشع،و داود إلي سليمان،و عيسي إلي شمعون،و نري أن سيدنا موسي الكليم يغيب عن قومه ثلاثين أو أربعين يوما فيستخلف أخاه هارون في بني إسرائيل، و ذلك قوله تعالي: و قال موسي لأخيه هارون اخلفني في قومي و أصلح و لا تتبع سبيل المفسدين...الاعراف/142.
ثم أنه لا يستثني من هذا المركوز البديهي و الناموس الإلهي صاحب الشريعة الإسلامية خاصة و أن شريعته أكمل الشرائع و آخرها فلا شريعة بعدها و لا نبي بعده و هو سينتقل إلي ضيافة ربه،فلو قلنا كما قيل إن رسول اللّه ما اختار بعده وصيا و لكننا لأنفسنا اخترنا أما أسأنا إليه؟بأنه ترك هذه السنة السنية الإلهية المعمولة لدي الأنبياء و هو أفضلهم؟ أو أهمل هذا الأمر العرفي عند العقلاء و هو رئيسهم؟ أو ما اعتبرنا أنفسنا أحرص منه علي الأمر حيث نحن شعرنا بالحاجة إلي من يحفظ بساط الرسالة و يتولي أمر الأمة و هو مات من دون حرص علي دينه و أمته، فالعياذ باللّه من هذه الإساءة.
و ببيان أوفي نقول:إن رسول اللّه(صلي اللّه عليه و آله و سلم)إن لم يفعل أي إن لم يعيّن اللّه من بعده فما بلّغ رسالته فعدم تبليغ الرسالة إما من السفاهة و حاشاه لأنه مرشد العقول و رئيس العقلاء و إما من عدم اهتمامه بدينه و حاشاه لأنه من بداية ما تحمّل أعباء الرسالة اهتم بهذا الدين و صبر علي العداء و العناء و الشقاء و الجفاء أفضل ما صبر أولوا العزم من الرسل،فكيف يتصور أنه لا يهتم بدينه لما بعد مماته.
و إما ترك الأمر لأمته حتي يختاروا من يرغبون و هذا بمعني تمزيق الأمة لأن كل حزب بما لديهم فرحون و يرون غيرهم علي باطل فيظهر الفساد و النزاع و التخالف و التناظر و طبعا مناقض للغرض و هو التسالم و التفاهم و التحابب و التواد بين المسلمين علي حدّ
إنما المؤمنون إخوة...سورة الحجرات 10.
فبالجملة إن الرسول الأعظم(صلي اللّه عليه و آله و سلم)أجل من ذلك كله فمع بطلان التوالي في الفروض يبطل المقدم و هو عدم تعيين الخليفة فالنتيجة أنه عين وليا لأمور المسلمين و حافظا لشريعته.
و بعد ذلك فهل عين من لم يكن مستأهلا للخلافة حاشاه
أفمن يهدي إلي الحق أحقّ أن يتّبع أمّن لا يهدي فما لكم كيف تحكمون...يونس 35.
أو عيّن فظا غليظا حاشاه لأن دينه مبني اللين و الملاطفة
و لو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك...آل عمران 159.
أو عيّن من لا يري إلا مصلحة نفسه و قومه يخضم مال اللّه خضم الإبل نبتة الربيع حاشاه لأن الدّين و بيت مال المسلمين قائمان لمصلحة العام لا لفئة خاصة أو جهة معينة.
أو عيّن من يلعب بأحكام اللّه و يحرف الكلم عن مواضعها حاشاه لأنه و من لم يحكم بما أنزل اللّه فأولئك هم الكافرون
أو الظالمون أو الفاسقون....المائدة:44-45-47.
أو عيّن أحدا كان مشركا في بداية أمره و لو في وقت ما حاشاه لأنه لا ينال عهدي الظالمين...البقرة 124.
فمع التحاشي عن هذه الأسئلة فلا بد أن يعيّن و يختار من يكون بريئا مما ذكر بكل يكون جامعا لشرائط الولاية و الوصاية و هو الذي لم يسجد لصنم قط و يفسر و يجري أحكام اللّه كما هي ويلائم الناس و يلاطفهم و يرجحهم علي نفسه و أهله و يقسم التبر قبل التبن و بالجملة يكون في جميع الجهات و الشؤون الرسالية بمنزلة نفس النبي فيختاره امتثالا لأمر اللّه و اتباعا للمركوزات و البديهيات، ثم إنه هل نجد أحدا بهذه المواصفات؟ نعم،هل نجد في القرآن ما يدل علي ذلك أو يشير إليه؟ نعم، أو هل صرح الرسول باسمه؟ نعم،أو هل نقله أصحاب الحديث؟نعم.
فأما الشخص المتصف بهذه الصفات فهو الإمام علي بن أبي طالب(ع)ثم أبناؤه المعصومون حتي الإمام المهدي.
و أما الادلة القرآنية فهي كثيرة نكتفي بالإشارة إليها من خلال آيات التطهير و المباهلة و الولاية و الإطاعة حيث تشمل عليا و بعضها تنحصر فيه حسب ما جاء في التفاسير.
أما تصريح الرسول باسمه و أوصافه فهو أكثر من أن يحصي و الرسول لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي و جاء بالتصريحات في مجالات و مواقف عديدة بسمع من الأصحاب و بمنظرهم حيث شاع في نقل المحدثين و ملأ كتب المؤلفين يفرقهم.
و يكفينا إشارة لبعض الأحاديث المتواترة عند الكل مثل حديث المنزلة و حديث الطير و حديث الحوض و حديث الإخاء و حديث إعطاء الراية و حديث مدينة العلم و صريح قوله (صلي اللّه عليه و آله و سلم)«لكل نبي وصي و وارث و إن وصيي و وراثي علي بن أبي طالب» رواه ابن المغازلي الشافعي المتوفي 483 هـ، و جمع كثير من المؤلفين بطرقهم في أن عليا(ع)أحق الناس بالوصاية و أفضلهم و أقضاهم و أولهم إسلاما و أكملهم إيمانا حق علي علي المسلمين كحق الوالد علي الولد(مناقب ابن المغازلي ص 47).
و هذه الأحاديث مع كثرتها و تواترها لا تبلغ في الأهمية و المكانة حديث الغدير لأن موضوع الغدير في النهاية هو إعلان عام في مشهد عظيم و مثل هذا الموقف لم يسبق أن وقفه المسلمون من جهة الزحام و الاجتماع و هو آخر بلاغ مع التصريح و التأكيد في تجديد عهد ولاية علي بن أبي طالب و ميثاقه و بعثه و ذلك بعد نزول
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ..المائدة 67.
فتساءل أن الرسول بعد نزول هذه الآية هل بلّغ أمر ربه؟أو ما بلغ؟و طبعا لا يستطيع أي مسلم يدعي بأنه فرّط و ما بلّغ ما أنزل إليه و هو رسول أمين
و مبلغ رسالات ربه و صادع بما أمر و مبيّن للحق جهارا فلا بد أن نقول و نقر جميعا بأن الرسول ما قصّر و ما فرّط في التبليغ.
قالت عائشة علي ما رواه الطبري:« من زعم أن محمدا كتم شيئا من كتاب اللّه فقد أعظم علي اللّه الفرية و اللّه يقول:يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك(الغدير 1/225)فبالنتيجة نعرف أن الرسول الأعظم(صلي اللّه عليه و آله و سلم)بعدما نزلت هذه الآية بالتأكيدات العديدة قام بالتبليغ و أدي الرسالة و صدع بالأمر حقا و جهارا و بعد هذا التبليغ الهام العام جاءت الآية:اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا...المائدة 3
فنري ربطا عميقا بين آيتي التبليغ و الإكمال إثباتا و نفيا أي مع تبليغ هذا الأمر يكمل الدين و مع عدمه لا يتحقق الكمال.
فإذن يجب أن يكون هذا الأمر في الأهمية بمثابة الرسالة حيث يقول و إن لم تفعل فما بلّغت رسالته فعلينا أن نبحث في ماهية الأمر الذي يكون مكملا للرسالة بل هو استمرار خطها و رمز دوامها إذ لولاه يصبح الدين غير كامل و المقصد منه غير حاصل و بالمآل يبقي بلا فائدة مطلوبة فهل يكون هذا الأمر الهام المأمور بتبليغه هي الواجبات؟مثل الصلاة و الصوم و الزكاة و الحج؟أو المحرمات مثل الخمر و الميسر و الزنا و الفواحش؟أو الأخلاقيات مثل الصدق و الكذب و النصيحة و الغيبة و التواضع و التكبّر؟أو الأسرويات مثل الزواج و الطلاق و حقوق الزوجين و الأولاد و الوالدين؟طبعا لا تكون هذه الامور لأنها أولا:قد بلغت من دون أي ريب ونقاش،و ثانيا:علي فرض عدم تبليغ بعض منها لا يكون في الأهمية علي مستوي عدم تبليغ الرسالة.
فالنتيجة أن أيّا من المذكورات و نظائرها ليست مقصودة في الآية فيجب أن يكون شيئا آخر فوق هذه الأشياء و أهم من هذه الأمور.
فيحث أن تشخيص هذا الأمر ليس من الأمور العقلية المحضة حتي يستّقل العقل بتفسيره فلا بد أن نفحص في النقل موردا لهذا الخطاب فكثير من المفسرين من إخواننا السنة ساكتون عن التفصيل و التوضيح و بعض منهم كالبيضاوي فسر قوله تعالي: ما أنزل إليك
بأمر مهم فنسأله إن الرسول حينما بلّغ هل صرّح و وّضح هذا الأمر المهم أم لا و الثاني لا يقبله العقل و الاعتبار لأنه إن بقي أمرا مبهما لا فائدة في تبليغه بل وجوده كالعدم فتعيّن الأول و هو تبليغه مع البيان و الإيضاح و هو ثابت لدينا بالبراهين الواضحة و الأدلة القاطعة.
فنقول ملخصا:أما أصل الموضوع أي موضوع الغدير فهو أن رسول اللّه (صلي اللّه عليه و آله و سلم)حج العام العاشر من الهجرة في مائة و عشرين ألفا من المسلمين،و اشتهر هذا الحج بحجة الوداع لأنه فيها خوطب من قبل اللّه تعالي بقوله:
يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك
فلما وصل في رجوعه من الحج إلي صحراء رمضاء بقرب غدير خم قام و صعد المنبر الذي أعده له المسلمون و خطب فيهم خطبة بليغة طويلة ذات مواضيع خطيرة و ذكر فيها كثيرا من المطالب الهامّة منها علي الإجمال و المثال لا علي الحصر و الكمال:
-قوله(صلي اللّه عليه و آله و سلم):ألا إنه لا ليس أمير المؤمنين غير أخي هذا و لا تحل إمرة المؤمنين لأحد غيره.
-و قوله(صلي اللّه عليه و آله و سلم):معاشر الناس قولوا الذي قلت لكم و سلموا علي علي(ع)بإمرة المؤمنين.
-و قوله(صلي اللّه عليه و آله و سلم):معاشر الناس السابقون إلي مبايعته و موالاته و التسليم عليه بإمرة المؤمنين أولئك هم الفائزون في جنات النعيم.
و هنا نكتفي بذكر نص ما ورد في مناقب ابن المغازلي الشافعي و هو يروي بسنده المتصل إلي أبي هريرة أنه قال: من صام يوم الثامن عشر من ذي الحجة كتب اللّه له به صيام ستين شهرا و هو يوم غدير خم.لّما أخذ النبي بيد علي بن أبي طالب(ع) فقال:ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟قالوا بلي يا رسول اللّه قال من كنت مولاه فعلي مولاه،فقال عمر بن الخطاب:بخ بخ لك يا علي بن أبي طالب أصبحت مولاي و مولي كل مؤمن.فأنزل اللّه تعالي:اليوم أكملت لكم دينكم...المائدة 3(المناقب ص 19).
و للّه در فقيدنا الغالي العلامة الأميني(قده)حيث بذل جهده و استقصي حتي ما بقي بعده مجال لمحقق آخر أكثر مما حققه و لكن نقول:حديث الغدير كوجه البدر المنير يزيدك حسنا إذا ما زدته نظرا،فلقد ظفر بمائة و عشرة من أعاظم الصحابة الذين رووا حديث الغدير مسندا و منقحا مع ذكر أسمائهم و عناوينهم بما فيهم الخليفتان أبو بكر و عمر(رض).
و طبعا يجب ان يكون أكثر من ذلك بكثير لأنه صلوات اللّه عليه و آله بلغه في حشد عدده حوالي مائة و عشرين ألفا،و هم جميعا حريصون علي نقل ما يرون أو يسمعون من أفعال الرسول(صلي اللّه عليه و آله و سلم)و أقواله و خاصة في مثل هذا الأمر الهام لأنه عّد من أهم الأحاديث التي حدثت في تلك الايام..
و كذلك تنقل رواية الغدير عن أربع و ثمانين من التابعين الذين و ثقّهم علماء الرجال و عدّ من العلماء الذين رووا حديث الغدير بأسانيدهم المختلفة إلي أعاظم الصحابة من علماء القرن الثاني إلي قرننا ثلاثمائة و ستين شخصا.
و كذلك ذكر الأميني رحمه اللّه من المؤلفين حول الغدير من الشيعة و السنة أسماء ست و عشرين مؤلفا فبعد هذا التحقيق و الااستقصاء هل يبقي للشك مجال؟ أفلا يكون ثبوت القضية كالشمس في رابعة النهار؟
فمن يستطيع بعد ذلك أن ينكر هؤلاء الأعلام أو يخدش في رواياتهم و تآليفهم مع أن أحكام الشريعة كلها ثابتة عن طريق هؤلاء الأعاظم فإن جاز النقاش فيما يروونه من حديث الغدير فيجوز أن يخدش و يناقش فيما يروونه من أحكام الحلال و الحرام فإذن لا يصلح في الذهن شيء إذا احتاج النهار إلي دليل.
إن في ذلك لمن كان له قلب أو ألقي السمع و هو شهيد....سورة ق 37.
هذا كله مع أن البصير المتتّبع حينما يري أن ألوفا من شعراء العرب و العجم جاءوا بذكر الغدير في قصائدهم المطولة المسطورة في الكتب المؤلفة يعرف يقينا بأنه ليس تخيّلا و مجازفة بل يعتقد بكونه أصلا ثابتا و أمرا واقعا.
ثم إن موضوع الغدير بلغ من التواتر و الاشتهار إلي أن خرج من إطار أبحاث المسلمين من الشيعة و السنة و تجاوز إلي غير المسلمين من محققيهم و منصفيهم و ذكر العلامة الأميني(قده)عددا من شعرائهم و أدبائهم فقال: ففي الآونة الأخيرة نظم الأستاذ بولس سلامة قاضي أمة المسيح ببيروت بعدما قرأ كتابنا هذا(أي الغدير)قصيدته العصماء تحت عنوان(عيد الغدير)فيي ثلاثة آلاف و خمس و ثمانين بيتا و فيها تحليل و تدقيق و إعراب عن حقائق ناصعة و ما جري في التاريخ الصحيح طبعت في ثلاثمائة و سبعة عشر صفحة.
و أذيل حيث أكتفي بما جاء عن بقراط بن أشوط و هو أحد البطاركة الأرمن و قائدهم الأكبر و أميرهم في القرن الثالث،حيث قال: عديّ و تيم لا أحاول ذكرها بسوء و لكني محب لهاشم و ما تعتريني في علي و رهطه إذا ذكروا في اللّه لومة لائم يقولون ما بال النصاري بحبهم و أهل النهي من أعرب و أعاجم فقلت لهم إني لأحسب حبهم سري في قلوب الخلق حتي البهائم
و في موضوع الغدير قال:أليس بخم قد أقام محمد عليا بإحضار الملا في المواسم فقال لهم من كنت مولاه منكم فمولاكم بعدي علي بن فاطم فقال إلهي كن ولّي وليّه و عاد أعاديه علي رغم راغم
و قوله في علي:-و عاديت في اللّه القبائل كلها و لم تخش في الرحمن لومة لائم و كنت أحق الناس بعد محمد و ليس جهول القوم في حكم عالم و أفضل ما أختتم به الكلام ما هو افتتحت به من كلام اللّه عز و جل يقول سبحانه و تعالي في وصف من يري البراهين و آيات الحق ثم لا يعترف بها،أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم
فبأي حديث بعده يؤمنون...سورة الأعراف 185 صدق اللّه العظيم.
و اسأل اللّه أن يوحد صفوفنا علي الحق و يجمع كلمتنا علي الهدي.فهو سبحانه خير مجيب للدعاء و السلام علي من اتبع الهدي.
عن النبي(صلي اللّه عليه و آله و سلم) (أفضل العبادة سهر العيون بذكر الله سبحانه)
---------
4/5/1030/ تح: علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha
