* بقلم - جميل ظاهري
عاش الامام جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام في عصر الاتجاهات غير المتجانسة فجمع (ع) بين المتفرقات وفرق بين المجتمعات ، وكان (ع) مدرسة شاملة ومستوعبة لكل ما تحتاجه الأمة في حاضرها ومستقبلها ومعبّراً عن طموحها وتطلعاتها. منهله عذب لرواده، ومنتج لقصاده. يزدحم أهل الفضل في رحابه، ويشرفون بتقبيل أعتابه. والكل يرجعون بطاناً مرويّين يشهدون بقوة حجته وشدة عارضته، يذعنون له تسليماً واطمئناناً، ويعترفون بمرجعيته تقديراً واحتراماً.وعاشر الامام (ع) خلال ايام حياته المباركة ملوكاً من بني أمية وبني العباس في حقبة من الزمن كان الصراع بينهما على أشده الى جانب انتفاضات العلويين والزيديين والقرامطة والزنج وسواهم من طالبي السلطة.. مما أتاح للامام جعفر الصادق (ع) ممارسة نشاطه التبليغي والتصحيحي ودوره العلمي والتربوي على أكمل وجه ويتمتع الاسلام الحنيف والمسلمون وعامة الناس بالمعارف الالهية والحكم النبوية والأسرار العلوية والحقائق الدينية والدنيوية.فقصـده الطالبون من مختلف البلاد والأقاليم حتى اجـتمـع في مـحضره أربعة آلاف طالب علم ، فألقى عليهم (ع) من غوامض الحكم وحقائق العلوم ، وأظهر ما أخفى آباؤه وأجداده خوفا من فراعنة بني أمية ، فشرع بترويج حقائق الشريعة المحمدية الاصيلة وإظهار أسرارها ، وبيان رموزها ونشر أحكامها ، حتى أشرقت شمس الهداية على البلاد ، وسطع نور العلم على العباد ، وكل أخذ على قدر ذوقه واستعداده واشتياقه من الحكمة والفقه والأخلاق وسائر العلوم مثل الجغرافيا وحتى الكيمياء ومن الجاذبية ودوران الأرض حتى علوم الخلايا والطب و...غيرها رغم انه (ع) في أواخر عمره حاصره المنصور العباسي من كل صوب وحدب وشدد عليه الضغط ولم يترك له مجالا للتدريس والتعليم ولكنه الامام جعفر الصادق(ع) تمكن من اسدال أشعة معارفه على مشارق الأرض ومغاربها وأرسل عنوان التشيع الى شعوب الأمة وقبائلها ، ومن هنا سميت الشيعة الاثنا عشرية بالجعفرية ، وأصبح رئيسا للمذهب صلوات الله عليه وعلى آبائه الطيبين وأبنائه الطاهرين وأصحابه المكملين وشيعته المقهورين أجمعين ما دامت السماوات والأرضين.فانصرف الامام جعفر الصادق عليه السلام عن الصراع السياسي المكشوف نحو بناء مقاومة علمية ، وفكرية ، وسلوكية ، تحمل روح الثورة وتقاطع حكام الجور وسلاطين الظلم عبرطريق نشر الوعي العقائدي ، والسياسي ، والتفَقُّه في أحكام الشريعة المحمدية الأصيلة ومفاهيمها ويثبت لهم المعالم والاسس الشرعية والواضحة کقوله عليه السلام :" العامل بالظلم والمعين له والراضي به شرکاء ثلاثتهم "- اصول الکافي ج 2 .ولم تكن علوم الامام الصادق (ع) محصورة بعلماء المسلمين بل تداولها واستفاد منها وتعالمها علماء وطلاب علوم سائر البلدان والاديان أكثر بكثير مما أهتم به المسلمون ولسوء الحظ رغم وقوفهم جميعاً من أن أهل البيت عليهم السلام هم خزان علم اله وورثة أنبيائه.ولقصر المقام وضيق الوقت نكتفي هنا في الاشارة الى ما كتبه جلة من علماء العلوم الحديثة والمعاصرة من الغربيين ضمن كتاب يحمل اسم " الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب" وهو عبارة عن مجموعة من البحوث تم طرحها في عدة ملتقيات دولية علمية نظمتها جامعة "استراسبورغ" الفرنسية عام 1968م ، والتي شارك فيهامئات العلماء من شرق الأرض وغربها استعرضت حياة الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) العلمية طرح خلالها خمسة وعشرون من أشهر العلماء والمستشرقين في جامعات فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وسويسرا وبلجيكا وأميركا ولبنان وإيران وهم:1. البر فسور "آرمان آبل" استاذ جامعتي بروكسل، وكان في بلجيكا.2. البرفسور "جان أوبن" استاذ جامعة السوربون الفرنسية وله عدّة مؤلفات.3. البرفسور "روبرت برانشويتس" أستاذ بجامعة السوربون بباريس.4. البرفسور "كلود كاهن" رئيس قسم الدراسات التاريخية، وأستاذ جامعة سوربون.5. البروفسور" أنريكو جروللي" استاذ الدراسات الشرقية ونائب مدير المجمع العلمي الايطالي بروما.6. البروفسور"هنري كورين"رئيس كرسي الاسلاميات وأستاذ الدراسات الاسلامية للدراسات العليا بجامعة باريس.7. البرفسور "توفيق فهد " استاذ جامعة استراسبورغ الفرنسية.8. البرفسور" فرانشيسكو حبرائيلي" كبير اساتذة اللغة العربية وادبها بجامعة روما الايطالية.9. البرفسور "ريتشارد جرام ليخ" استاذ جامعة هامبورغ الألمانية.10. البرفسور "جرار لوكنت" استاذ قسم الدراسات الاسلامية ومعهد اللغات بباريس.11. الدكتورة "آن لامبيتون" مديرة معهد الدراسات الشرقية بجامعة لندن البريطانية.12. البرفسورة "ايفون لينان دوبل فوند" مديرة معهد الأبحاث العلمية بباريس.13. البرفسور "ويلفريد مدلونك" استاذ جامعة شيكاغو الأميركية.14. البرفسور"هنري ماسة" مدير قسم الدراسات الشرقية واستاذها بجامعة استراسبورغ بفرنسا.15. البرفسور "جورج ويدا " استاذ جامعة ليون الفرنسية.16. الدكتور "سيد حسين نصر" استاذ جامعة طهران ورئيس الجمعية الفلسفية الايرانية.17. البرفسور "شارل بلا" استاذ جامعة سوربون الفرنسية.18. الامام المغيب السيد موسى الصدررئيس المجلس الاسلامي الأعلى في لبنان آنذاك.19. البرفسور "روبرت أرنالديز" استاذ جامعة ليون الفرنسية.20. البرفسور" ألياش" استاذ جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس - اميركا..21. الدكتورة "دورن هينج كليف" استاذة جامعة لندن - بريطانيا.22. البرفسور "فرتيز يميير" استاذ جامعة بال السوسرية.23. البرفسور "حوزف مانوز" استاذ جامعة فريبورغ الالمانية.24. البرفسور "هانس رومر" .25. البرفسور "هانس مولر" استاذ جامعة فريبورغ الالمانية.حيث استنتجت الدراسات المقدمة للملتقيات نتائج كبيرة جداً لا يسع للمقال ذكرها ولكن نذكر بعضاً منها حتى لا يظن ظان أن أهل البيت عليهم السلام أصبحوا أئمة في الفقه والصلاة والعبادة وحسب بل هم أصل العلم ومعدنه، ومن تلك النتائج:أولاً: الامام الصادق (ع) أول من قال بدوران الأرض حول الشمس.ثانياً: الامام الصادق (ع) أول من أشار إلى الأوكسجين.ثالثاً: الامام الصادق (ع) أول من أشار إلى الجاذبية.رابعاً: الامام الصادق (ع) أول من أشار إلى أن الأعراض لها جزئيات ( اللون، الطعم، الرائحة ).خامساً: الامام الصادق (ع) أول من فنّد نظرية العناصر الأربعة التي يذهب إليها أرسطو وصححها علمياً.ومن نظرياته في الطب التي توصل إليها قبل الآخرين انتقال العدوى عن طريق الضوء، وليس عن طريق الهواء الملوث فقط. وله نظريات في الفيزياء والكيمياء والأحياء، والطب، والفلك والهيئة والبيئة و... غيرها ، ولاهمية ما دار في تلك الندوات فقد تم ترجمت الدراسات وكذلك كتاب"الامام الصادق كما عرفه علماء الغرب".. الى عدّة لغات.ولكن ذلك لا يروق لاعداء الرسول محمد (ص) وأهل بيته الميامين (ع) لذا قصد المنصور العباسي حياة الامام الصادق حوالي 17 مرة وأمر باغتياله في أكثر من مكان في الحيرة وبغداد والكوفة ومكة وحتى المدينة كما نقل ذلك المفضل بن عمرو والسيد أبو القاسم علي بن طاووس في کتابه "نهج الدعوات" ، حيث دعا بقائد من قواده فقال: انطلق إلى المدينة في ألف رجل فاهجم على جعفر بن محمد وخذ رأسه ورأس ابنه موسى بن جعفر في مسيرك..( مهج الدعوات ص260) ، كما وأمره بإحراق بيته (المناقب لابن شهر آشوب ج4 ص280 وبحار الأنوار ج47 ص2 رقم 4).حتى استشهد الامام جعفر الصادق (ع) مساء يوم الاثنين (25) شهر شوال سنة (148) للهجرة وله من العمر (65) سنة ، متأثراً بسم دسه إليه المنصور العباسي على يد عامله على المدينة، محمد بن سليمان ونحن اليوم نعيش هذه الذكرى الأليمة والفاجعة الكبيرة ندعو الله سبحانه وتعالى بهذه الدعوة المباركة: "اللهم اجعلنا من شيعة الامام جعفر الصادق (ع) كما أراد لنا مولانا جعفر بن محمد (عليه السلام).
https://telegram.me/buratha