المسلمون في مدينة القدس المحتلة اعتادوا منذ العهد العثماني، على صوت مدفع رمضان إحتفالاً بثبوت رؤية هلال شهر رمضان أولاً، ثم للإعلان عن بدء صيام اليوم والانتهاء منه
لا زال رجائي يحيى صندوقة يضرب مدفع رمضان في القدس معلناً عن وقتي الإمساك والإفطار، بالرغم من كل التضييقات والشروط التي تضعها السلطات الإسرائيلية لضرب المدفع الرمضاني المقدسي في محاولة لإسكات صوته أو تهويده.
ونفى صندوقه ان يكون رجلاً يهودياً هو الذي يضرب المدفع الرمضاني في القدس. مؤكداً لمؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية ان ضرب مدفع رمضان في القدس هو تقليد مقدسي عمره مئات السنين توارثته عائلة صندوقة أباً عن جد، وطالب رجائي المؤسسات المقدسية بالإسهام الفعال في تثبيت إستمرار ضرب مدفع رمضان بأيدٍ اسلامية للحيلولة دون تدخل السلطات الإسرائيلية في عملية ضرب المدفع الرمضاني في القدس.
هذا وكانت قد تناقل وسائل إعلام مختلفة، خبراً مفاده أن السلطات الإسرائيلية أوكلت مهمة ضرب المدفع الرمضاني في القدس الى رجل يهودي بحجة ان رجائي صندوقة لم يستجب لطلبات السلطات الإسرائيلية بحضور دورات تدريبية بخصوص ضرب المدفع، الا ان رجائي صندوقة نفى في لقاء مع مؤسسة الأقصى بشدة حول تهويد مدفع رمضان، واستبدال ضارب المدفع من فلسطيني إلى يهودي، وقال: “هذه التصريحات عارية عن الصحة ومبالغ فيها، لأني أضرب المدفع منذ أكثر من عشرين عاما مضت وسأستمر في ذلك، ويستحيل أن أدع يهوديا يضرب المدفع، المدفع جزء من جسدي ودمي تواصلت معه ولا أقدر الاستغناء عنه، وسأبقى لآخر عمري أعمل على ضرب المدفع في شهر رمضان المبارك والأعياد ولن أسمح لأي مخلوق غير مسلم استخدام المدفع”.
ويعود استخدام مدفع القدس خلال شهر الصيام إلى الفترة العثمانية و بعد أن تم تثبيته داخل مقبرة “الساهرة” في القدس القديمة بجوار المسجد الأقصى، ومن حينها يتولى أبناء عائلة صندوقة، والتي تنتمي لحي “وادي الجوز” المقدسي، مهمة إطلاق المدفع، وفي عام 1945 نصب البريطانيون مدفعًا جديدًا مكان المدفع التركي الموجود حاليًّا في المتحف الإسلامي بالقدس.
هذا ورغم انتشار الأجهزة الالكترونية والمنبهات بأشكالها المختلفة وصوت الآذان الذي يصدح من فوق المآذن وأجهزة المذياع والتلفاز المنتشرة في كل بيت ومتجر ومؤسسة، إلاّ أن المسلمين في مدينة القدس المحتلة اعتادوا منذ عشرات السنين، أو منذ العهد العثماني، على صوت مدفع رمضان إحتفالاً بثبوت رؤية هلال شهر رمضان أولاً، ثم للإعلان عن بدء صيام اليوم والانتهاء منه، حيث ينتظر الجميع سماع صوت المدفع للدخول في الصيام “الإمساك” أو الخروج منه “الإفطار”، فضلاً عن ضربه في العديد من المناسبات الدينية الإسلامية، وخاصة للإعلان والاحتفال ببدء عيدي الفطر والأضحى، حتى أضحى هذا التقليد إرثاً إسلاميا متوارثاً رغم تعاقب العديد من الأنظمة على المدينة المقدسة.
وعلى كل حال، يبقى مدفع رمضان رمزاً مقدسياً وارثاً تاريخياً حضارياً، وعادةً رمضانية من أيام القدس في الأزمنة الجميلة، تُضاف إلى العادات الرمضانية الأخرى الخاصة بأهل القدس والمتوارثة عن الآباء والأجداد، والتي تؤكد هوية المدينة وسكانها رغم كل أساليب الأسرلة والتهويد.
هذا ويقع المدفع التاريخي في مقبرة باب الساهرة بشارع صلاح الدين وسط مدينة القدس، وعلى بعد عدة أمتار من سور القدس، ويشرف على ضربه المقدسي رجائي يحيى صندوقة، وورث ذلك عن والده وأجداده الذين تعاملوا مع المدفع منذ عشرات السنين، وحاولت سلطات الاحتلال الإسرائيلي القضاء على هذا الإرث التاريخي الذي تتميز به مدينة القدس، في إطار محاولاتها طمس هوية المدينة وسكانها وتغليب الطابع اليهودي عليها.
والتزاما بتقاليد عائلته يطلق الفلسطيني رجائي صندوقة قنابل صوتية بدلا من مدفع رمضان في مقبرة باب الساهرة التي تطل على القدس القديمة وذلك مع حلول موعد الافطار ثم مع حلول موعد بدء الصيام كل يوم طوال شهر رمضان.
ويطلق رجائي صندوقة القنابل الصوتية عقب تلقيه إشارة من المسجد الأقصى القريب.
وتتولى عائلة صندوقة هذه المهمة جيلا بعد جيل منذ ما يزيد على 120 عاما.
وقال رجائي صندوقة لتلفزيون رويترز ان جده كان يتولى مهمة اطلاق مدفع رمضان في العهد العثماني موضحا ان المدفع الذي كان يستخدم في شهر رمضان في العهد العثماني استبدل بالمدفع الحالي الذي يطلق من مقبرة باب الساهرة في القدس خلال الفترة التي تولى فيها الأردن إدارة شؤون الضفة الغربية منذ عام 1948 وحتى 1967.
وأضاف رجائي لتلفزيون رويترز "مدفع رمضان أول ما بدي في مدينة القدس هو كان جدي كان يضربه في العهد العثماني وطبعا مكنش (لم يكن) هذا المدفع اللي استعمله جدي. المدفع اللي كان يستعمله جدي حاليا موجود في المتحف الاسلامي في المسجد الاقصى وتم استبداله في العهد الاردني وأعطونا هذا المدفع بداله."
وتابع رجائي صندوقة موضحا ان اسرائيل منعت بعد ذلك ومنذ عام 2001 استخدام البارود في اطلاق مدفع رمضان حتى تم استبداله بالقنابل الصوتية.
وقال "منعونا من استخدام مادة البارود اللي هي تستعملها مدفع رمضان بحجة أمنية طبعا لانه كان في تفجيرات..."
وأردف "وطرقت كل الأبواب حتى قدرت بالنهاية نوصل لحل معهم انه نستعمل قنابل صوتية. فمن وقتها لليوم واحنا منستعمل قنابل صوتية مش المدفع نفسه."
والتزم رجائي صندوقة العام الحالي بطلب من بلدية القدس بأن ينقل القنابل الصوتية الى مكان أكثر أمنا في مقبرة باب الساهرة الاسلامية.
وعلى الرغم من ان غالبية المسلمين يعتمدون على انطلاق صوت المؤذن من المسجد لبدء الصوم أو الافطار في رمضان فان أهل القدس مازالوا يفضلون تقليد صوت مدفع الافطار أو الامساك في شهر الصوم.
29/5/803
ــــــــــــــــــــــــــــــ
https://telegram.me/buratha