كانت ميانمار بالتسمية الجديدة تعرف في السابق بإسم بورما، ويقطنها الآن أكثر من ثمانية ملايين مسلم من أصل 55 مليون نسمة يشكلون أقلية مع المسيحيين والهندوس إلى جانب الأغلبية البوذية، ويعد المسلمون من أفقر السكان على الرغم من ان ميانمار تحتل المرتبة الرابعة في تصدير الأرز إلى دول العالم إضافة الى الذرة والمطاط وقصب السكر والشاي والخشب بسبب كثرة غاباتها، إضافة إلى انها دخلت مؤخرا في سلك الدول ذات المخزون النفطي.
وصل الإسلام إلى هذا البلد في بداية العهد العباسي، في القرن السابع الميلادي عن طريق الرحالة المسلمون، وقد حكمها المسلمون لأكثر من ثلاثمائة قرن ونصف (ما بين عام 1430م. الى عام 1784م.) الى أن احتلها الملك البوذي "بوداباي" ودمر الكثير من الآثار الإسلامية مثل المساجد والمدارس وقتل وسجن الكثير من العلماء، واستمر البوذيون في قتل المسلمين ونهب خيراتهم، الى ان جاء الاستعمار البريطاني عام 1824 وشجع البوذيين أكثر على ظلم المسلمين ومدهم بالسلاح اللازم حيث حصلت المذبحة المشهورة عام 1942 وراح ضحيتها أكثر من مائة الف مسلم أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشُرد مئات الآلاف كي يحقق البوذيون الأكثرية بعد مرحلة الإستقلال عن بريطانيا. ومنذ ذلك الحين والممارسات البشعة تمارس بحق المسلمين، وقد ازداد سوءا بعد الانقلاب العسكري الذي تميز بالفاشية عام 1962.
لا يُسمح للمسلمين بترميم منازلهم التي تهدم على رؤوس قاطنيها بفعل التقادم، كما تمنع المدارس من التطوير أو الإعتراف الحكومي والمصادقة على شهاداتها والإعتراف بخريجيها، بل تُفرض عليهم الثقافة البوذية قسراً، تمام كما هو الحال في فلسطين والقدس حيث تهدم البيوت ولا يُسمح بترميمها كي يخرج سكانها منها تمهيدا لتهويدها. الإسلام المستهدف في ميانمار لا يختلف كثيرا عن الإسلام المستهدف في القدس التي يعمل الإحتلال الإسرائيلي ذو التربية البريطانية تماما كما الإحتلال البوذي في ميانمار.
لا ينفك الحكم البوذي عن القيام بتهجير المسلمين من قراهم الزراعية إلى أماكن قاحلة، ويسخرهم هذا النظام للعمل في بناء القرى النموذجية التي يبنيها للبوذيين من أجل التغيير الديموغرافي. كما وان المسلمين ممنوعون من السفر حتى لأداء فريضة الحج، حتى انه يُمنع عليهم الإنتقال من قرية إلى قرية أو من مدينة إلى مدينة داخل ميانمار من دون الحصول على تصريح مسبق، كما لا يحق للمسلمين إستضافة احد في بيوتهم حتى ولو كانوا أقاربهم تحت طائلة تهديم المنزل والسجن.
تحرك العالم كله لمساندة ثورة الرهبان البوذيين ضد حكم العسكر عام 2007، بينما لم تتحرك أية دولة إسلامية او اية مؤسسة دولية ضد ما يجري بحق المسلمين في ميانمار كما تقول هاجر طالبة الحوزة العلمية في ميانمار التي قالت لـ "الإنتقاد" في اتصال هاتفي معها، انها وأهلها لا يمكن لهم أن يحترموا ما تنادي به الأمم المتحدة وتدعو اليه من تحقيق للديمقراطية في العالم وتضيف: " عن أية ديمقراطية يتحدثون ونحن نُذبح على مرأى ومسمع من العالم كله فقط لأننا مسلمون؟ وإضافة إلى القتل والتهجير ومنعنا كمسلمين من العمل، ومن أجل ان يمحوا وجود الإسلام في ميانمار فهم يلجأون إلى أبشع الوسائل منها اصدار قوانين بمنع مشروعية معاملات الزواج الخاصة بالمسلمين كي تشيع الفاحشة بينهم، وإذا دفعنا الأموال كي نمرر معاملة زواج لا بد من أن لا يقل عمر الزوجين عن الثلاثين سنة، وبعد انتشار الحرب على الإسلام بما يعرف بالحرب على الإرهاب اصبح الظلم علينا مضاعفا لأننا تلقائيا متهمون كمسلمين بأننا ارهابيين ولا حاجة للحكومة في ميانمار ان تجد مبررا آخرا لقتلنا ولظلمنا، وما تفعله بنا هو مبرر من المجتمع الدولي الذي يتشدق بالديمقراطية الكاذبة"
ما قالته هاجر يثبته الكاتب ميشيل جيلكوين في صحيفة لوجورنال بالقول: " وجدت بعض الأنظمة بعد أحداث الحادي عشر من ايلول سبتمبر 2001 أن التهمة الموجهة للمسلمين بالإرهاب ذريعة كي تقضي على معارضيها، وخاصة إذا كانوا هؤلاء المعارضين يشكلون أقلية يسهل القضاء عليهم".
1/5/801
https://telegram.me/buratha