عندما نظالع كتب التأريخ ونبحث عن رجالاته ونتمعن في خصوصياتهم لابد أن تجد لمعان في صفحاته وتظهر تلقائيا أسماء محدودة في معالمها لتؤشرإلى أحد مخلديها لتشم عطر أمامنا السابع الأمام موسى بن جعفرالكاظم عليه السلام أحد أبرز القيادات السياسية والشرعية التي نضمت معالم الثوابت الفكرية والعقائدية والذي تغذى بها من رحيق الرسالة المحمدية لآبائه وأجداده صلوات الله عليهم أجمعين ليستقر في أخطر الحقب التأريخية أصطفت فيها براكين الحقد المتواصل ليرسو على ضفاف الدولة العباسية ومنافقيها الذين يحاولون تشتيت الرأي العام بابعاده عن قيادته وإتهامه بحب الوجاهة والرياسة كما دأب قبله الخلفاء السابقين من العباسيين والأمويين للإئمة الطاهرين (ع) متغافلين النصوص القرانية والاحاديث النبوية .من العوامل الرئيسية لأمامة الأمام موسى بن جعفر عليه السلام أنه الجزء لما قبله من الأئمة الطاهرين ومكملا لبقية السلف وشموخه للقيادة يأتي ضمن مؤهلات أسرية خص بهم الله سبحانه وتعالى أهل البيت ليكونوا ضمن توزيع ومخطط كلٌ لوقته لتندرج وفق سنن إلهية الحركات السياسية للإئمة الطاهرين برغم تفاوت الأزمنة وصعوبة التوجيه في قيادة المرحلة إلأ أنها أكتسبت الكثير من المعاني والثوابت عند الناس واعطت الكثير للذين تعلقوا بالإسلام المحمدي الأصيل مستلهمين العبر والدروس من قيادات زمانهم .وبما أن الأمام الكاظم عليه السلام خاض تجربته القيادية في وقت تكاثرت فيه الفتن والمحن ومحاولة طمس تأريخ أهل البيت (ع) وأبعادهم عن مشروع التصدي إلا إنه حقق مايصبوا إليه تكليفا للواجب الشرعي ونشرا للرسالة المحمدية .تعتبر ولادة الأمام الكاظم عليه السلام في اخر حكام بني امية وهو نهاية الحكم الاموي والمرحلة الانتقالية للدولة العباسية وهي حصيلة مواجهات اجتماعية قلقة قذرة تنذر بالخيبة والخذلان وتشويه للرسالة المحمدية والخروج عن أطرها وتشتبك فيها المذاهب والخلافات الفكرية والعقائدية لتسود حالة من الفوضى وعدم الأستقرار . تسلط هارون الرشيد عبر القنوات اللا شرعية وإيهام الناس بأحقية الخلافة له التي فندها الأمام الكاظم عليه السلام خلال محادثاث بدأت متشنجه تنتقصها الأخلاق لهارون وهدوء وصلابة للإمام سلام الله عليه لصحة الإدعاء والبراهين والادلة القرانية .إن خيبت الأمل التي أستحوذت على الرشيد بحجج الامام الكاظم عليه السلام جعلته يفكر جليا أن الإنتقام هو مرحلة من المراحل المهمة لديمومة حكمه وقطع الطريق لوقف الفكر الامامي الذي نص عليه القران الكريم واحاديث النبي (ص) الذي بدأ أكثر وضوحا ونضوجا لعامة الناس والذي سيؤسس لدولة شيعية تكتسح معالم الخلافة العباسية وعليه أن ينهي هذه المسيرة بزج الامام الكاظم عليه السلام في السجن لكي تنقطع أخباره عن مريديه وينهي بنهايته الفكر والتوجه الشيعي .
أنطلاقة الأمام الكاظم (ع) بدأت أكثر قوة من سجنه المتنقل والمغلق للعالم الخارجي والضغوط النفسية التي يتعرض لها من أساليب الحكام الذين فرضوا أنفسهم على الأمة قهرا لتكون زنازينه محطات أعلامية وتوجيهية تغذوية يستطيع من خلال الموالين له نشر الثقافة الفكرية والعقائدية والجهادية .لقد أعطى الأمام الكاظم عليه السلام جميع الحلول ضمن أسئلة وتوجيهات حارت فيها الامة وألتبست فيها أمورهم بالرغم من المؤامرات التي أعدت له ودخوله السجن كانت انطلاقه جديدة وتبليغ إعلامي جديد عبر أعدائه للذين يحرسونه لتكون عبادته الخالصة لله نموذجا فريدا لتنقل عبر الزبانية الى عموم الناس .إن تجسيد الامام الكاظم عليه السلام لتكليفه الشرعي من خلال العناصرالتي تواجهه من القهر والنفي والإعلام المضاد وتبليغ الرسالة المحمدية عن طريق الخلص من إصحابه أو زبانية الرشيد أعطت ثمارها من خلال ماوصل الينا ونمتلكها وثائق نفتخر بها تنشر ليومنا هذا ويذكر في رياض العاشقين لآل محمد وينتشر صيتهم عند مخالفيه وممن لايصدقون بنبوة الخاتم (ص) ويبقى هارون ومن تبعه غائبا عن محافل الحق لم يعرف حاكما بل سفاكا فاسقا فاسدا أغتصب الحق من أهله .
https://telegram.me/buratha