الصفحة الإسلامية

فلتكن رَاهن السجون

1800 10:23:00 2012-06-14

    الشموع الملائكية لا يغتالها الظلام، يلتهمها اللهب وتنير للعالم، تحترق لتشعل الطهارة، تضحي بنفسها قرباناً ليضوع المسك والنقاء، هكذا كان أبو الحسن الماضي (كاظم آل محمد)، هكذا كان حليف السجدة الطويلة يحمد الله على سجنه لتفريغه لعبادة ربه، إنه اعتكاف بمذاق مختلف مدته في يد الله وثوابه لا يعلمه غير الكريم، ولسان الحال يتمتم : (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْه).

 

 

إنه صمود الروح، فالسجن مرهون في يد السجين، والسجان يقف كالأبله محتاراً في شأن سجينه، كلما تلوى السوط ذكر الله شاكراً وذاكراً، إنه مس من الجنون الإلهي الذي لا يفقهه إلا العاشق المتيم بخالقه، كان ذو الثفنات الغر يعيش الضياء الساطع رغم قعر السجون وظلم المطامير: (إلهِي خَشَعَتِ الاَصْواتُ لَكَ... وَمَلأَ كُلَّ شيٍ نُورُكَ)، فحلكة الغسق - في جنب الله - ليست إلا نوراً يتوقد : (وَمَلأَ كُلَّ شيٍ نُورُكَ).

 

لقد رهن السجون بين انامله فجعلها مسبحة في يده وسجادة لصلاته ومسجداً لسجوده وعبادته، (مَتى غِبْتَ حَتّى تَحْتاجَ اِلى دَليل يَدُلُّ عَليْكَ؟!) فالله في قلبه والتسليم يملأ خافقيه ووجدانه، أما في هذا الحديث تبصره لمعتقلي السجون وأسراء الكرامة؟! لقد كان صواماً قواماً يشد مئزره لتجارة لا تبور، التضليل في اوجه كان حتى أن نعشه ينادى عليه بنداء الاستخفاف فوق جسر الرصافة، فهل يستكين؟! أم يبقى الشكر والحمد لآلئ يتلألأ بها ثغره الشريف؟!

 

حق للسجناء أن يفتخرون بهذا الرمز الطاهر الذي يصر عشاقه على زيارته رغم المفخخات والقنابل والإرهاب الذي يترصدهم كل عام، في مثل يومه الأليم حق لنا أن نُتوجه يوماً عالمياً للسجناء الشرفاء، فكم في السجن من مظاليم؟!

 

إننا لا نطمع في مكرمة من يد سلطان، فالويل لتلك اليد التي تسجن الأبرياء ثم تتوشح برداء الكرم والسخاء، تباً للسلطات الآثمة التي ترهق البراءة خلف قضبانها، ألم يلقى يوسف الصديق في السجن رغم براءته؟! : (وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا) على هذه البراءة، كان تساؤله مشروعاً ليفضح الطغمة التي أودعته السجن ظلماً وبهتاناً : (مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ)؟!، فالبينة تظهر لكن أصحاب السلطنة تصر على إيداع المظلوم في زنزانة المعتقل، إنه جبروت الضعفاء، رغم معرفتهم الحقيقة ومشاهدتهم للحجة الدامغة : ( ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ)، إخفاء فضيحتهم كانت تستلزم سجن البريء، وهكذا يفعل المجرمون.

 

لا مخرج من تلك الأزمات إلا بالله، ومن طلب العون من غيره يطول مكوثه، (وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ)، التكيف في مثل تلك الحالة أمر في غاية الأهمية، فاغتنام الفرص والحديث من أجل مدارسة العلم خير برنامج لعباد الله الصالحين: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)؟!، إلا أن الحرية خير نعمة وأجزل هدية للمعتقل المظلوم : (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)، فمن يقبل أن يكون مقيداً مدى الحياة؟!، فرج الله عن كل أسير وجعل الكرامة تاج فوق رؤوس الأحرار المنافحين .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك