فجّر الإمام الخميني (قدس)، الثورة الإسلاميّة في إيران عام 1979، في عصر كثرت فيه التحديات وتقلصت آمال الأمة بظهور ثورة إسلاميّة شيعية لشدة التآمر على هذا الوجود الذي تعرّض للتشويه والشبهات التي تحول دون قبوله في الأداء الاجتماعي المعاصر.
لقد تناست قوى الشر العالمية أنّ هذا الدين هو دين الإنسانيّة "وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين"، "وما أرسلناك إلاّ كافة للناس", جاءت الأطروحة الإسلاميّة للإمام الخميني في وقت شهد فيه العالم المعاصر من النصف الثاني لقرن العشرين نهضات فكرية لم ترتقِ إلى بناء دّولة إسلاميّة, فإن أيّ حركة في هذا الإطار كانت تواجه المصائب والعراقيل ويتصدى لها بكل السُبل والوسائل ويواجه أبنائها وأنصارها شتى أنواع المضايقات وتنتهي بهم الحال إلى السجون والمعتقلات.
إنّ ﻧﻬضة الإمام الخميني كانت صدمة لأنظمة الاستبداد والذي بدأها بالوعي الإسلامي للشعوب, وبالصبر على المواجهة, والاتكال على الله سبحانه وتعالى, هذه الأمور حققت على يديه هذا الانتصار الذي قلب الموازين العالميّة, ولعلّ قيادته الربانية الحكيمة إلى جانب التحام و وفاء الشعب الإيراني حوله وراء هذا الانتصار.
وهنا نشير إلى بعض الأسس والمقومات التي كانت داعمة وكفيلة بإنجاح ثورة الإمام الخميني.
١- ارتباطه بالله سبحانه وتعالى واعتماده عليه دون الاعتماد على أيّ طرف خارجي إقليمياً كان أم دّولياً.
٢- إخلاصه في العمل لوجه لله تعالى ولم يكن يريد التسلط على رقاب الناس.
٣- الوضوح في الفكرة والبرنامج الذي تبناه بحيث لم يعرّض شعبه للمجهول وإنّما كان يعمل بالقوانين والسنن الإلهيّة في بناء المؤسسات والدّولة والنظام.
٤- الاستقرار النفسي والروحي لديه جعله يواجه الأزمات الحادة والمنعطفات الخطيرة قبل وبعد الثورة بكلّ صبر وشجاعة وحكمة.
٥- قراراته الحاسمة لم تثنها التهديدات الدّولية والإقليميّة حتّى أيام إدارته وقيادته للبلاد بعد انتصار الثورة, كانت حاسمة بشكل تضع الثقة في نفوس الأمة.
٦- اعتماده على الشعب وقدراته، حيث انه لم يعزل نفسه عن هموم أمته بل كان معهم في كلّ تحديات التغيير الذي أوجده في إيران ممّا زاد في رصيد وثبات قراراته.
٧- كان يعرف ويدرك جميع مخططات أعداء الثورة، فيصنع المواقف ويضع الحلول والإجابات التي افتعلها أعدائه كما في قضية (الحرب العراقية الإيرانية – وحادثة صحراء طبس- ووكر السفارة الأمريكية في طهران).
لقد استطاع الإمام الخميني وفي السنة الأولى لانتصار الثورة أنّ يخطو خطوات ناجحة لتثبيت الدّولة الإسلاميّ
أوّلاً: تعيين مجلس الثورة الذي كان يعمل تحت قيادته وإشرافه.
ثانياً: تعيين حكومة مؤقتة وكذلك تعيين رئيسها.
ثالثاً: إجراء استفتاء بعد أقل من شهرين على شكل نظام الحكم الإسلامي حيث صوت 98%، من أبناء الشعب الإيراني على نظام الحكم الإسلامي.
رابعاً: انتخاب المجالس الثلاث (الخبراء-الشورى- رئاسة الجمهورية).
خامساً: كتابة الدستور الدائم للبلاد من قبل مجموعة منتخبة من الشعب وإجراء استفتاء عليه.
إنّ وفاء الشعب الإيراني المسلم وقيادة الإمام الخميني الحكيمية واعتماده على الله سبحانه جعله موفقاً في قيادة هذه الثورة برفعه شعار (لا شرقية لا غربية جمهورية إسلاميّة) جعلها جمهورية ليست تبعاً لأحد والاستكبار العالمي ليس لديه نفوذ على هذه الجمهورية الإسلاميّة.
إنّ انتصار الجمهورية الإسلامية في إيران فتح الباب أمام الأنظمة التي تسعى إلى تغيير حكوماتها باتخاذ الدين الإسلامي والشرع أساس لقيام ثوراتها ضد هذه الحكومات
واليوم نرى أن الربيع العربي الذي اجتاح بعض الدول العربية عام 2011، والتي ثارت على حكوماتها وتشكيل أنظمة وحكومات جديدة تعتمد الدين الإسلامي وتطبق شرع الله، كما يحصل الآن في مصر حيث الأحزاب الإسلامية لها حضور قوي في البرلمان المصري وكذلك المنافسة القوية على رئاسة الجمهورية.
على القوى والمجتمعات المسلمة ان تعمل بوصية الإمام الخميني التي تحضه على القيام بثورة سياسية لإزالة آثار الدكتاتورية المقيتة، حتى يتمكن من ﺗﻬيئة البيئة المناسبة لتربية وتنشئة جيل من أبناء اﻟﻤﺠتمع، القادر في المستقبل على منع قيام نظام حكم دكتاتوري مرة أخرى, والوقوف بشدة أمامه والتصدي لمن يقومون به أو يروجون له وان يشارك الحاكم والمحكوم كلّ على قدر طاقاته ومسؤولياته في تحقيق هذا الهدف و يكون الجميع فيها سواسية أمام القانون.
لقد أكد الأمام الخميني على "ضرورة الوحدة الإسلامية "، التي من خصوصيتها أنّ تقضي على عوامل التفرقة التي زرعها الاستعمار الأوربي على مستوى الدّول الإسلاميّة العربية وغير العربية التي وقعت فريسة له منذ أكثر من نصف قرن ولا زال غالبيتها تعاني من تبعات هذه الحقب المظلمة إلى يومنا هذا.
https://telegram.me/buratha