عبد الرزاق عابد / مراسل براثا نيوز في اوربا
... اعتماد آل سعود على رجال الدين الوهابيين الذين امتثلوا لمطالب الملوك المتعددة بالتخفيف من إجراءاتهم المختلفة مقابل فرض خطوات تقيد حرية الثقافة أدى بحسب صحيفة "انترناشونال هيرالد تربيون" إلى إثارة غضب الطبقة الوسطى المتزايد التي تطالب بتخفيف جانب من التقاليد الاجتماعية المتشددة في البلاد في إشارة إلى الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من قيادة السيارة والمشاركة في دورات الألعاب الأولمبية.
فشل العائلة السعودية المالكة في احتواء الصراعات الدائرة بين أفرادها المتنازعين على السلطة أخرج هذه الأزمة التي حاولت الولايات المتحدة إبقاءها في الكواليس إلى العلن بعد وفاة ولي العهد لتجد طريقها إلى وسائل الإعلام حيث أكدت صحيفة "انترناشونال هيرالد تربيون" الأمريكية أن الهدوء الظاهري للسعودية يخفي تغييرات بنيوية متجذرة قد تزعزع حكم آل سعود وذلك بعد أن تعمد الإعلام الغربي حتى وقت قريب تغييب الأحداث الجارية في السعودية والتي تبدأ من انتهاكات حقوق الإنسان وأقصاء اغلبية الشعب السعودي عن الحياة السياسية ولا تنتهي بقمع الاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
وأكدت الصحيفة في مقال لها تحت عنوان "توتر في عائلة آل سعود" أن استقرار حكم آل سعود موضع اهتمام كبير للولايات المتحدة وأن واشنطن تركز في علاقتها بحكام السعودية على الحاجة لتعزيز سياسة مشتركة تجاه إيران وتفضل ذلك على دفع المملكة نحو إجراء إصلاحات معتبرة أن مثل هذه البراغماتية يمكن أن تثبت بصورة متزايدة أنها سلبية النتائج على مختلف الصعد.
وأكدت الصحيفة أن عائلة آل سعود التي تواجه مشاكل عديدة يتجاهلها المجتمع الدولي استمدت لفترة طويلة سلطتها من الجمع بين نمو الاقتصاد النفطي والشرعية الدينية الذي شكل مزيجا خطرا للقوى الإسلامية الرجعية التي سرعان ما ولدت تطرفا يهدد الملكية المطلقة نفسها التي يحكم بواسطتها آل سعود بلاد نجد والحجاز لافتة إلى أن سياسة آل سعود التي تعتمد على النفخ في الانقسامات الطائفية في المنطقة كان لها تأثيرها على الأقليات داخل السعودية التي تطالب بحقها في المشاركة السياسية والتسامح الديني ولاسيما أن حكام السعودية نفوا خلال فترة طويلة من تاريخ البلاد وجود الأقليات رغم أن الملك السعودي حاول الظهور على أنه مهتم بإنهاء التمييز الديني الممنهج عبر مسيرة التسامح والتعددية التي تبخرت خلال التوترات الطائفية التي تؤججها عائلة آل سعود في المنطقة.
اعتماد آل سعود على رجال الدين الوهابيين الذين امتثلوا لمطالب الملوك المتعددة بالتخفيف من إجراءاتهم المختلفة مقابل فرض خطوات تقيد حرية الثقافة أدى بحسب صحيفة هيرالد تربيون إلى إثارة غضب الطبقة الوسطى المتزايد التي تطالب بتخفيف جانب من التقاليد الاجتماعية المتشددة في البلاد في إشارة إلى الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في السعودية الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع المرأة من قيادة السيارة والمشاركة في دورات الألعاب الأولمبية.
وقالت الصحيفة في مقالها الذي كتبه «راي تاكية».. يبدو أن السعودية جزيرة استقرار في منطقة مضطربة ولكن مشكلاتها لا يجب تجاهلها.. كل ذلك يبدو حضاريا ومتوقعا.. ولي عهد عجوز يموت ويتم اختيار ابن آخر للملك السعودي المؤسس وأمير الرياض لفترة طويلة خلفا له على الفور وذلك في إشارة واضحة إلى تقارير إعلامية واستخباراتية أكدت أن الإسراع في تعيين الأمير «سلمان» وليا للعهد بمرسوم ملكي دون الرجوع إلى ما يسمى بـ"هيئة البيعة" يرمي إلى قطع الطريق على الأمراء الكبار في آل سعود الذين فضلوا التزام الصمت بحسب الأمير السعودي «طلال بن عبد العزيز» المعتكف في اليونان.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن الاستقرار والهدوء الظاهري للسعودية مقارنة بالاضطرابات التي عصفت بالشرق الأوسط خلال العامين الماضيين يخفي تغييرات بنيوية متجذرة قد تزعزع حكم آل سعود لتتقاطع بذلك مع ما نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية في شباط الماضي حول حالة الكبت والفساد في السعودية وما يصاحبها من أعمال قمع واعتقال طال عشرات آلاف السجناء السياسيين ما يجعلها في انتظار ربيعها العربي الذي تأخر بسبب تردد الإصلاحيين.
حتى الهبات والعطايا التي منحها الملك السعودي في وقت سابق للسعوديين على أمل إسكات احتجاجاتهم السلمية المطالبة بالديمقراطية واحترام حقوقهم الإنسانية كان لها أثر سلبي على الاقتصاد السعودي المصنف بين الاقتصادات القوية في العالم بحسب انترناشيونال هيرالد تربيون التي أشارت إلى أنه لا يمكن استمرار حكم آل سعود واستقرارهم من خلال التشدد الديني والمكافآت الاقتصادية للمواطنين المتململين ولاسيما أن السعودية ما تزال تعاني من معدلات بطالة مرتفعة في وقت تتآكل فيه القوة الشرائية باطراد بسبب التضخم المقدر ب 2ر9 بالمئة خلال شهر نيسان الماضي بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي الذي أطلق تحذيرات حادة لمراقبة التضخم السعودي عن كثب بحثا عن علامات النمو التضخمي في ظل التوقعات الضبابية للاقتصاد السعودي بسبب إمكانية انخفاض أسعار النفط.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن مقايضة المنح المالية بالسلبية السياسية يمكن أن تحتوي على مجموعة من المخاطر إذا انخفضت اسعار النفط لافتة إلى أن الأعباء المالية الحالية الملقاة على كاهل السعودية والتحديات الديموغرافية المتزايدة تحتم زيادة كميات النفط المنتجة للمحافظة فقط على مخصصات الموازنة الحالية معتبرة أن الحياة السياسية السعودية لم تعد اليوم مجرد تنافس بين متطرفين اسلاميين عنيفين والملكية ولاسيما في ظل نشوء كتلة وسط سياسي مع مرور السنين بالتقاء مجموعة من المثقفين المعتدلين وطبقة دينية معتدلة بدرجة مساوية في اصدار التماسات عديدة تطالب بمزيد من تحرير الدولة من القيود.
وختمت الصحيفة بالقول.. لابد من العمل على تأسيس برلمان منتخب في السعودية وقضاء مستقل وانهاء رسمي للفساد ووقف ممارسات النظام الملكي السعودي الذي رد على دعوات التغيير بمزيج من القمع ومزيد من المزايا المالية في شكل زيادات في الرواتب وعلاوات السكن.
24/5/623
https://telegram.me/buratha