لطيفة الحسيني
بأمرٍ ملكي، حُدّد موعد الانتخابات النيابية في البحرين في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. لم يأبه النظام لمقاطعة شريحة واسعة من الشعب البحريني للاستحقاق البرلماني، ففضّل تغليب مصلحته على مصلحة مئات آلاف المواطنين الذين لم يتعبوا من افتراش الشوارع والتظاهر يومياً مُنادين بالإصلاح وتحقيق الديمقراطية العادلة في المملكة. أداءٌ سلطويٌ يُثبت في الصباح والمساء أن لا خيار أمام الشعب سوى الرضوخ للعائلة الحاكمة. لكن رياح التغيير تجري خلافاً لآماني آل خليفة.. المعارضة الشعبية ماضية بقرار الإعراض عن المشاركة في انتخابات 2014 مهما كانت التداعيات السياسية.
في 15 تشرين الأول القادم، يُفتح باب الترشّح لعضوية مجلس النواب، وفق ما نصّت المادة الثانية من المرسوم الذي أصدره الملك حمد بن عيسى مؤخراً. المطلوب من مليون و500 ألف بحريني الإذعان والتوجّه الى صناديق الاقتراع في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني وملئها بالأصوات. بكلّ بساطة هكذا تبغي السلطة، غير أنّ الأحداث المُتسارعة داخل المملكة تؤكد أن هذا السيناريو بات بعيداً عن الواقع.. لن يجري ذلك ومئات آلاف البحرينيين يرفضون المشاركة في مسرحية لن تجلب لهم سوى المزيد من الإجحاف والاستعباد، ولا سيّما بعدما ارتأى ولي العهد مكلّفاً من أبيه الملك، إدخال تعديلات على الدوائر الانتخابية لتصوير البحرين على أنها تخضع فعلاً للاصلاح خلافاً لما يحصل على الارض.
التعديلات التي يُروّج لها النظام ترتكز بشكل أساسي على إلغاء المحافظة الوسطى في البلاد، بعدما كانت المملكة مقسّمة الى 5 محافظات. وعليه بات في البحرين 4 محافظات هي "المحرق" و"العاصمة" و"الشمالية" و"الجنوبية". أُلغيت " الوسطى"، ووزّعت دوائرها التسع على ثلاث محافظات باستثناء المحرق فأصبحت "الشمالية" تتألّف من 12 دائرة بدلاً من 9، و"الجنوبية" من 10 بدلاً من 6، و"العاصمة" من 10 بدلاً من 8.
· الانتخابات البحرينية لا مساومة
هذا التقسيم لم يدفع المعارضة الى تغيير رأيها أو التراجع عن موقفها، بل زادها تمسّكاً به: لا مساومة على حقّنا في التنعّم بديمقراطية صحيحة. الجمعيات السياسية كرّرت في أكثر من مناسبة قرار مقاطعتها للانتخابات.
عن حيثيات هذه المقاطعة، يتحدّث المساعد السياسي للأمين العام لجمعية محمد الدرازي لموقع"العهد الإخباري"، فيقول إن "هذه التعديلات المطروحة من قبل النظام شكلية لا تؤدي الى أي تقدم في العملية السياسية والمطالب الشعبية التي نادت بها ثورة 14 فبراير/شباط 2011، خاصة أن رموز الحراك ما زالوا في السجن"، ويجزم بأن "غالبية الشعب ستقاطع الانتخابات المقبلة".
يؤكد الدرازي أن "المعارضة تريد حلاً سياسياً للأزمة ولا يمكن أن يكون هذا عبر إجراء انتخابات صورية، بل بالافراج عن المعتقلين السياسيين ورموز الثورة والشروع في مفاوضات تفضي الى تسوية شاملة تشجّع الجميع على المشاركة في الانتخابات".
لا تهتمّ المعارضة بحسب الدرازي الى احتمال وصول ممثّلين مزيّفين للشعب الى البرلمان بفعل مقاطعة الانتخابات، هو يذكّر بأنه "عندما انطلقت ثورة 14 فبراير/شباط 2011 كان هناك أعضاء من جمعية "الوفاق" داخل السلطة التشريعية، غير أن الشعب لم يلتفت الى هذا الامر، بل كان يركز على مواصلة الثورة لأنه يؤمن بأن الانتخابات ليست هي الحلّ، بل هي وسيلة يريد النظام من خلالها الاستعراض أمام الرأي العام الدولي والقول إن هناك ديمقراطية في المملكة".
الدرازي يشدّد على أن "المعارضة ترفض القبول بدستور مكتوب داخل قصر، لأن الدساتير لا تكتب إلّا في الجمعيات الوطنية التأسيسية المنتخبة"، ويوضح أن" الدستور الحالي أعطى كلّ الصلاحيات للملك، فحتى لو شاركت جماهير المعارضة في الانتخابات وأوصلت 40 شخصية الى البرلمان، هناك مجلس شورى تابع حكماً للملك الذي يمكنه أن يفعل ما يشاء".
يشدّد الدرازي على أن "الدستور اليوم عاجز عن تلبية مطالب الشعب البحريني"، ويلفت الى أن "المعارضة متوافقة على قرار المقاطعة".
النظام يسعى من خلال إلغاء المحافظة الوسطى الى تكريس المحاصصة الطائفية أما توقيع من سمّوا بـ"الأعيان" على الورقة التي طرحها ولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة والتي تتضمّن بنداً ينصّ على تعديل الدوائر الانتخابية، فلا يرى فيه الدرازي حلاً للأزمة السياسية أو شهادة بشرعية نتائج الانتخابات المقبلة، ويضيف " مشاركتنا في الانتخابات يعني أننا نحترق فالشارع غاضب ورافض لهذه العملية في ظلّ الوضع الذي يعيشه: مساجده هُدّمت وأعراضه هُتكت، وسُجناؤه تحت التعذيب وفرّ من فرّ الى خارج البلاد".
المساعد السياسي للأمين العام لجمعية التجمع الديمقراطي الوحدوي في البحرين يوضح أن "النظام يسعى من خلال إلغاء المحافظة الوسطى الى تكريس المحاصصة الطائفية، والى فرز الدوائر بين سنية وشيعية"، ويردف أن "المعارضة تطالب بأن تكون البحرين دائرة واحدة فشأن ذلك اذا تحقّق أن يؤمّن المناصفة الفعلية ويمثّل الجميع".
ويتوقّف الدرازي عند مسألة التجنيس السياسي ودورها في العملية الانتخابية المقبلة، فينبّه الى أنه "منذ عام 2011 جُنّس آلاف الرعايا الأجانب حتى باتوا شعباً بحدّ ذاته، ما أدّى الى إحداث خللٍ في التركيبة السكانية البحرينية، وعليه هذا العدد الهائل من المُجنّسين سيشارك أيضاً في الانتخابات وخصوصاً أفراد الجيش والشرطة وقوات الأمن الذين يقترعون خلافاً لما هو سائد في كلّ دول العالم".
25/5/140926
https://telegram.me/buratha