تعتبر تصدير برامج التجسس FinFisher إلى أنظمة قمعية من بينها البحرين في عمليات التجسس الإلكتروني على النشطاء، بشكل غير قانوني ذات تكنولوجيا متطوّرة جدا، وقد استطاعت تخطّي العديد من برامج مضادات الفيروسات وغيرها من أدوات الأمن الإلكتروني، بحسب تقارير.
وجاء الحكم بعد حملة طويلة شنّتها منظمة (الخصوصية الدولية) لتحقيق الشفافية والمساءلة في مجال صناعة تكنولوجيا المراقبة السرية، وكانت المنظّمة قد قدّمت في نوفمبر/تشرين الثاني 2012 ملفا من الأدلة لإدارة الإيرادات والجمارك الحكومية، والذي يشير إلى أن شركة غاما الدولية صدّرت بطريقة غير مشروعة تكنولوجيا مراقبة لحكومات يحتوي سجلها على انتهاكات ضد حقوق الإنسان، مثل البحرين وإثيوبيا ومصر وتركمانستان. وكانت الأدلّة المقدّمة فنية والجزء الآخر شهادات من ناشطين أحدهما بحريني استهدفت أجهزة كمبيوتراتهم من برامج التجسس المذكورة.
وعلى الرغم من مطالبات المنظّمة، رفضت إدارة الإيرادات والجمارك البريطانية HMRC تقديم أي معلومات حول ما إذا كانت قد أجرت أي تحقيق.
وقد وجدت المحكمة في حكمها المعلّل بعناية، إن إدارة الإيرادات والجمارك البريطانية HMRC ارتكبت خطأ جسيما في عدم توفير معلومات حول ما إذا كانت تحقّق في قضية قيام الشركة البريطانية الدولية غاما بتصدير برامج التجسس بشكل غير قانوني لأنظمة قمعية. وبوصفه تصرف الإدارة البريطانية بأنه "غير منطقي" و "يتعارض ببساطة مع التشريعات" ، ألغى الحكم الصادر اليوم قرار إدارة الإيرادات والجمارك البريطانية، وأمرها بأن تنظر بعين الاعتبار مرة أخرى الطلب المقدّم من منظّمة الخصوصية الدولية.
ونصّ الحكم بشكل صريح ومباشر على أن "المنظمات غير الحكومية وجماعات الضغط مثل منظّمة الخصوصية الدولية، تماما مثل الصحافة، بمثابة حرّاس الضمير العام، وتلعب دورا هاما في ضمان الشفافية وإنفاذ الحقوق القانونية في المحكمة" وذلك فيما اعتبر ترسيخا قضائيا لأحد أهم المبادئ.
وفي هذا السياق ورد في الحكم نصا أن "المنطق الذي يبرر توفير المعلومات من قبل إدارة "للإيردات والجمارك" إلى الصحافة ينطبق إلى حد كبير على الكشف عن المعلومات لجماعات الضغط والمنظمات غير الحكومية الأخرى".
ويشير الحكم إلى أن هناك عملية متعمّدة لإخفاء وقائع التحقيق، والتباسا في دور إدارة الإيرادات والجمارك تجاه التزاماتها ومسئولياتها. وألزم الحكم القضائي الإدارة البريطانية أن ترد على استفسارات وطلبات منظّمة الخصوصية الدولية فيما يتعلّق بهذه القضية، بما فيها إذا ما كانت الإدارة سترفع دعوى قضائية ضد شركة غاما أم لا، وأسباب ذلك. وبحسب ما أبلغ ناشطون "مرآة البحرين" فإن الرد قد يصدر خلال شهر.
وكانت المحكمة قد نظرت بعين الاعتبار إلى الأدلة المقدّمة من اثنين من الناشطين الذين أكّدا أنهما تعرضا للمراقبة من قبل حكومات البلدان التي يزعم أن برامج FinFisher صدّرت إليها، وهما الناشطة البحرينية الدكتورة آلاء الشهابي، والمواطن الأثيوبي تاديسي كيرسمو، وهو لاجئ سياسي في بريطانيا.
وكان الكشف عن استهداف ناشطين بحرينين بهذه البرامج قد أثار ضجة في الإعلام الدولي، وهو تحديدا، بما قدّم من أدلّة، ما دفع بشكل مباشر إلى تحريك هذه الدعوى القضائية. جاء ذلك بعدما نشرت وكالة أنباء بلومبرغ في يوليو/تموز 2012 تقريرا مفصّلا عن القضية، شمل تحليلا مختبريا هو الأوّل من نوعه على مثل هذه البرامج، بعدما كان الكشف عنها أو مقاومتها أمرا متعسّرا، وقد أكد تقرير مركز أبحاث "سيتيزن لاب" أن تكنولوجيا المراقبة من شركة غاما وأجهزة الخوادم الخاصة بها، عثر عليها في 36 بلدا، بما في ذلك البحرين وأثيوبيا ومصر وتركمانستان وغيرها من الأنظمة القمعية.
استخدام الحكومة البحرينية لبرامج FinFisher في عمليات التجسس الإلكتروني على النشطاء، كُشف بواسطة جهد مشترك بين منظمة "بحرين ووتش" ووكالة أنباء "بلومبرج" ومختبر الأبحاث "سيتزن لاب" في جامعة "تورنتو" الأمريكية في شهر يوليو/تموز 2012. يذكر أن هذا البرنامج كان حتى تلك اللحظة أحد الأسرار التقنية التي عجز المختصون عن كشفها أو الحصول على نسخة منها لتحليلها، لكن أداء الحكومة البحرينية سهّل ذلك كثيرًا.
ومن بين الناشطين البحرينيين الذين تعرّضوا لمحاولات اختراق بهذا البرنامج، الناشطة آلاء الشهابي، وهي واحدة من مؤسسي منظمة "بحرين ووتش" في لندن، والناشط البحريني/الأمريكي حسين عبد الله، مدير منظمة "أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين" ومقرّها واشنطن، والناشط البحريني المقيم في لندن شهاب جاسم.
...........
https://telegram.me/buratha