فاطمة المنسي طالبة في مدرسة خولة الثانوية للبنات، بدأت حكايتها بعد أن قامت بزيارة أخيها المعتقل في سجن جو شهر فبراير الماضي. ولأنها حريصة على اتباع أنظمة المدرسة فقد طلبت من إدارة السجن أن تعطيها ورقة تقدمها عذراً بين يدي إدارة المدرسة لتأخرها عن حضور بعض الحصص. لم تتوقع فاطمة أن هذه الورقة ستكون وبالاً طائفياً بغيضاً عليها.
مصادر بحرينية تؤكد قيام ادارة المدرسة "خولة الثانوية" للبنات بموعاقبة الطالبة "فاطمة المنسي " وهي شيعية، لسبب زيارتها لاخيها في المعتقل، بعدما قدمت ورقة تثبت اسباب عدم حضورها في المدرسة.
وتقول المصادر : " عندما عادت فاطمة إلى المدرسة، قامت بتسليم الورقة لإحدى مشرفات المدرسة، وبمجرد أن اطلعت الأخيرة عليها مزقتّها أمام فاطمة، وبدأ بعدها سيل السباب والشتم: أخوك إرهابي، مخرب، قاتل، لا يستحق الزيارة، ولن أقبل عذر تأخيرك! ".
لم يكن هذا كل شيء، بل هو أول شيء، ففي 2 مارس الحالي، اتهمت إدارة المدرسة فاطمة بتمزيق أوراق الامتحان الوطني التجريبي!! تعرضت فاطمة للتحقيق طوال يوم دراسي كامل، وهددتها مديرة المدرسة "جميلة حمّاد" بأخذها إلى التحقيق في مركز الشرطة!! المديرة حمّاد معروفة بتوجهها الطائفي وإظهار كرهها لطائفة معينة قبل أحداث 2011، لكن طائفيتها وكرهها صارا معلنين ومدعومين ومشكورين بعد فبراير 2011.
لم تفلح توسلات فاطمة ونفيها التهمة في إبعاد الأذى عنها. كانت الواشية طالبة مجنسة (من بلوشتان الأصل) تدعى "بليقس عاصف"، تم اعتماد شهادتها في اتهام فاطمة دون التشكيك فيها، ورغم مطالبة فاطمة بأن يتم إحضار الواشية لمواجهتها أمامهم، فإن أحداً لم يعر طلب فاطمة أي اهتمام.
أيضاً لم يقف الأمر عند هذا، ففي 4 مارس اتهمت فاطمة بأنها قامت بالضحك أثناء الحداد الذي أقامته المدرسة على قتلى تفجير الديه من رجال الأمن.
كانت المدرسة قد نكّست العلم حداداً. وبعد الانتهاء من تحية العلم تضاحكت مجموعة من الطالبات فيما بينهن على أمر ما، لم تكن فاطمة ضمنهن، كانت قريبة منهن فقط، لكن فاطمة المستهدفة يجب أن توضع في صورة كل تهمة.
أخذت معهن إلى المشرفة (وداد حسن) وهناك ألقت المشرفة قناعها التربوي المصطنع، وصاحت بما يعتمل في قلبها من كراهية وحقد نحو طائفة شيعية من الشعب قائلة: " لعنكم الله يالبحارنة.. روحوا إلى مدارس بروحكم ما نبيكم في مدارسنا.. روحوا لربعكم في جد حفص، وسار والديه، لا مكان لكم بيننا".
لا يتعجب أحد، ليست سيدة شارع جاهلة من قالت هذا الكلام، بل مشرفة تربوية، تعمل في مدرسة حكومية، في وزارة التربية والتعليم!!
لم تتحمل فاطمة تتابع مسلسل الظلم الذي يواصل استهدفها، وتعرضها للمزيد من السب والكلام المذل، قالت بألم مستفيض: مشرفة.. أنت تعالجين الخطأ بالخطأ!
عادت فاطمة إلى البيت في وضع نفسي سيء ومهين، في حالة أشبه بالانهيار، يتخطفها الخوف والبكاء، وقد فقدت كل حماسها في الذهاب إلى المدرسة.
والدة فاطمة لجأت إلى إدارة المدرسة في اليوم التالي، استفسرت عما يحدث لابنتها، المفاجأة أن الإدارة أخبرتها بأنهم صدقوا ابنتها وأنها لم تفعل شيء، ولذلك لن يأخذوها إلى التحقيق، لكنهم سيفصلونها ثلاثة أيام!!!!
تعجبت والدة فاطمة من قرار الادارة: بريئة وتفصل 3 أيام؟!!! كيف؟!! شعرت أن المسألة ماضية لما هو أسوأ، وأن إبقاء ابنتها تحت هذا الاستهداف سيحطم نفسيتها ويؤثر حتى على تحصيلها الدراسي، قررت تحويل ابنتها من التعليم النظامي إلى المسائي (المنازل) لحمايتها مما قد يأتي أكثر.
تقدمت بطلب لتحويلها من إدارة المدرسة، وكانت المفاجأة الثانية: موافقة فورية من المديرة وإمضاء الطلب مباشرة. لم تكلّف مديرة المدرسة نفسها حتى من باب التصنّع أن تسأل الوالدة عن سبب هذا القرار أو أن تنصحها بالتريث!! بدت وكأنها تنتظر ما هو أكثر من ذلك!!
لم ينته الأمر بفاطمة أن غادرت تعليمها النظامي إلى المسائي لترتاح، لا تزال تتلقى اتصالات من زميلاتها السابقات من الطائفة السنية، يسمعنها كلاما طائفيا بغيضا، لا تتعجب فاطمة مما تسمع من الطالبات، ما دامت في مدرسة تقول مشرفتها التربوية: لعنكم الله يالبحارنة!!
حكاية فاطمة هي واحدة من مئات الحكايات التي تمثل حال المدارس النظامية بوزارة التربية والتعليم الآن، لم تعد مدارس التربية مكاناً لتعليم المواطنة والحب والمشاركة والتكامل والتعايش بين مكونات المجتمع، صارت كانتونات تحرّض على كراهية مكون أصيل من المجتمع وتقيم جدران الفصل الطائفي. استهداف الطلاب على خلفيتهم السياسية والعقائدية أصبح عُرفاً متداولاً ينفذ بكل فخر وبمباركة وزير التربية رأس حربة الطائفية الكبير.
...................
30/5/1403013 تحرير علي عبد سلمان
https://telegram.me/buratha