"آآآآه يمااا.. ودوني ليه بشوفه قالوا لين قام بالسلامة.. ودوني ليه قالوا لين طلعوه.. قلت ولين ما طلعوه.. ويلييي". أم الشهيد فاضل عباس صباح اليوم.
مرآة البحرين (خاص): لم نكن نعلم مساء أمس السبت 25 يناير، ونحن نلتقي والدة الشهيد فاضل عباس مسلم (19 عاماً) لنكتب عن معاناة قلبها( ابنها) أنه لن يفصل بين لقائنا بها، ولقائها بولدها الذي تنتظره منذ 18 يوما، سوى ساعات فقط، لكن أي لقاء!! لم يكن هذا هو اللقاء الذي تنتظره أم فاضل أبداً.
كانت تأمل أن تحتضن ولدها حياً، ولو مخرماً جسده بالرصاص، كانت تريد أن تجلس عند ترمق أنفاسه الأخيرة قبل أن تهدأ، توسد رأسه بيديها، لم يكن مع فاضل في لحظاته الأخيرة غير وحشة العسكر، وحده قضى بلا مسحة حنونة ولا نفس رحيم يهف على ألمه.
أخيراً.. رن هاتفها الذي لا يفارق جهة قلبها منذ 18 يوماً، جاءها كما يجيء طارق الفجر يحمل الخوف لا البشارة. عند الساعة الثانية فجراً دق قلبها فكان هاتفها. جهة الاتصال هي التحقيقات تطلب حضور والد فاضل حالاً. لم تجد أم فاضل ثمة أمل لترقب بشارة، ليس هذا توقيت يخبرنا عن مكان ابننا الذي لا نعرفه، ولا هو الوقت المتوقع ليخبرنا أنهم قد سمحوا لنا أخيراً بزيارته، ليس وراء هذا الاتصال الموحش غير خبر الفقد، ليس غير سهم أصمّ قاتل.
عندما دخلنا عليها مساء أمس، كانت تجلس ترتل آيات من القرآن تهدئ به روع فؤادها الموجوع على مصير ابنها، ما إن انتهت حتى استقبلتنا بفتح شق قلبها: ابني.. لا أعلم عنه شيئاً منذ 8 يناير، عجزنا نبحث عنه في المراكز وفي مستشفى السلمانية والعسكري دون طائل، أي حال سأكون عليه". كانت أم فاضل تسمع عن تعرض ابنها لثلاث رصاصات في رجليه وكتفه، وأخبار أخرى تقول إن إصابته كانت في ظهره ورجله، لكن لم يكن هناك من يؤكد لها الخبر، "حتى المحامي الذي وكلناه لفاضل لم يستطع أن يحمل لي أي أخبار عن مصير ابني"، وكان قلبها يريد تكذيب الخبر، أو لا أقل من تخفيفه، كي يطمئن قلبها أنه سيعيش، لكن..
تقول أم فاضل: "تيقنت من إصابة ابني عندما سمحوا لعائلة زميله المصاب صادق العصفور(17عاما) بزيارته، كان العصفور معه في السيارة ذاتها التي اختفت كما اختفى ابني. علمت حينها أن إصابة ابني خطيرة وبليغة، لم يعد هناك مجال لي كي لا أصدق أو أتظاهر بأن ما أسمعه قد يكون غير دقيق". تكمل "في يوم الجمعة 24 يناير، ذهبنا إلى مركز البديع نسأل عنه علنا نحصل على زيارة له أسوة بصديقه، وكانت إجابتهم كسابقاتها: لا يوجد أي معلومات عن ابنكم فاضل!!!". اليوم فقط وصلت المعلومات دفعة واحدة: تعالوا تسلموا جثة ابنكم.
لقد التحق الشهيد فاضل عباس بسميه وابن منطقته الشهيد فاضل العبيدي (21 عاماً)، قضى إثر تعرضه لطلق ناري أدى إلى كسر في الجمجمة أثناء احتجاجات في الدراز في 1 مارس 2013. اليوم 26 يناير 2014 لحق به فاضل عباس بـ3 طلقات نارية خرّقت جسده. وحده قمع الرصاص يبقى في بلد كل "فاضل" فيه يرحل شهيداً.
https://telegram.me/buratha