تدهور سجل حقوق الإنسان البحريني في مجالات أساسية خلال عام 2013 ولم تحرز الحكومة تقدماً حقيقياً يُذكر على مسار الإصلاحات التي ادّعت أنها تسعى لتحقيقها. استمرت قوات الأمن في القبض على العديد من الأشخاص تعسفاً في البلدات التي تشهد بشكل منتظم المظاهرات المعارضة للحكومة.
جاءت تقارير التعذيب والمعاملة السيئة رهن الاحتجاز المستمرة متسقة مع نتائج اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لعام 2011. ويتناقض إخفاق الحكومة في تنفيذ عدد من التوصيات الأساسية من تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، مع زعمها بأنها تحرز تقدماً على مسار حقوق الإنسان. ولم يقم نظام القضاء – الذي يرأسه أفراد من العائلة الحاكمة – بمحاسبة أي من كبار المسؤولين على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي وقعت منذ عام 2011، بما في ذلك الوفيات رهن الاحتجاز على صلة بالتعذيب.
ما زال منتقدي الحكومة البارزين وراء القضبان في تهم لا تتعلق سوى بممارستهم حقهم في حرية التعبير وفي التجمع. تستمر السلطات في اعتقال وملاحقة المعارضين أمام القضاء، ومنهم مدافعين عن حقوق الإنسان، في اتهامات أمنية. أدى القبض على نائب رئيس الوفاق، وهي أكبر مجموعة معارضة، إلى تجميد جماعات المعارضة الأخرى التي كانت تشارك في حوار وطني قاصر للغاية لمشاركتها. تم استئناف العملية في فبراير/شباط بعد عام من التوقف. من بين 27 مجموعة مشاركة، تعد 18 مجموعة على صلة بالحكومة ولم يكن قد تم الاتفاق بعد على أجندة للحوار حتى كتابة هذه السطور.
في أغسطس/آب، أصدرت الحكومة مجموعة من القوانين التي تزيد من تقييد حرية التجمع، والتي قد تزيد من القيود المفروضة على حرية التعبير.
الاحتجاز التعسفي والمعاملة السيئة والتعذيب
استمرت قوات الأمن في احتجاز الكثير من الأفراد تعسفاً كل شهر، طبقاً لنشطاء حقوقيين محليين. في مايو/أيار قام رجال شرطة مقنعون في ثياب مدنية بمداهمات ليلية استهدفت بلدات محيطة بحلبة سباق البحرين قبيل سباق الجائزة الكبرى فورمولا 1. لم يبرز رجال الأمن الذين قاموا بالاعتقالات أوامر توقيف أو تفتيش. كثيراً ما تنكر السلطات احتجاز الأفراد عندما يسعى أقاربهم لمعرفة أماكنهم، وتبدأ في استجوابهم دون حضور محامين، في خرق للدستور البحريني وقانون الإجراءات الجنائية. وثق مركز البحرين لحقوق الإنسان نحو 200 حالة في فترة لا تزيد عن ستة أسابيع بين يوليو/تموز وأواسط أغسطس/آب وخلالها أنكرت السلطات زيفاً احتجاز أفراد لمدد من يومين إلى عشرة أيام.
اشتكى العديد من المحتجزين من المعاملة السيئة رهن الاحتجاز، وأحياناً ما ارتقت إلى درجة التعذيب. قال أربعة سجناء سابقين لـ هيومن رايتس ووتش إنهم تعرضوا للضرب المبرح وفي إحدى الحالات وقع اعتداء جنسي، أثناء الاحتجاز طرف إدارة البحث الجنائي بوزارة الداخلية في عام 2013. يحظر دستور البحرين استخدام التعذيب واستخدام الأدلة المنتزعة بالتعذيب، والبحرين دولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.
طبقاً لمنظمات حقوقية محلية، فقد احتجزت السلطات العديد من الأطفال جراء مشاركتهم في احتجاجات معارضة للحكومة خلال عام 2013 وتحتجزهم بشكل منتظم في مراكز احتجاز برفقة بالغين. هناك صبي يبلغ من العمر 17 عاماً تم احتجازه في مقر إدارة البحث الجنائي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه أُجبر على الوقوف في ممر، مقيد اليدين ومعصوب العينين لعدة ساعات، وراح رجال الأمن المارون إلى جواره يكيلون له السباب، وهدده أحد الضباط باغتصابه.
في أبريل/نيسان أرجأت السلطات لأجل غير مسمى زيارة خوان منديز المقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بالتعذيب.
مقاضاة ومضايقة منتقدي الحكومة
في يناير/كانون الثاني أيدت محكمة النقض البحرينية إدانات مطولة بالسجن لـ 13 منتقداً بارزاً للحكومة. تتكون الأدلة الثبوتية ضدهم من تصريحات علنية تطالب بإصلاحات لتحديد سلطات الأسرة الحاكمة، آل خليفة، واعترافات يزعم المدعى عليهم أنهم أُكرهوا عليها أثناء احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي.
في سبتمبر/أيلول قبضت السلطات على خليل المرزوق، مساعد الأمين العام للوفاق، مجموعة المعارضة الأساسية. أمرت النيابة باحتجاز المرزوق 30 يوماً على ذمة التحقيق في اتهامات بـ “التحريض على الإرهاب”. الاتهامات متصلة بتعليقات أدلى بها في مسيرة نبذ خلالها العنف علناً. بعد القبض عليه بقليل، أعلنت الوفاق وجماعات معارضة أخرى تجميدها المشاركة في الحوار الوطني.
في 29 سبتمبر/أيلول حكمت محكمة بحرينية على 50 شخصاً منهم عدة نشطاء حقوقيين، بزعم أنهم شاركوا في تحالف 14 فبراير الشبابي، بأحكام بالسجن تراوحت بين 5 إلى 15 عاماً في اتهامات أمنية، منها “إنشاء مجموعة إرهابية بغرض زعزعة الأمن العام، وتعطيل الدستور والقانون، ومنع المؤسسات والسلطات العامة من أداء واجباتها، والاعتداء على الحقوق العامة والشخصية، والإضرار بالوحدة الوطنية”.
وقت كتابة هذه السطور لم تكن هيومن رايتس ووتش قادرة على معرفة إن كانت أي من الإدانات تستند إلى أعمال جنائية تستدعي أحكاماً كبيرة هكذا. قال المحامون والمحتجزون أن الاعترافات انتزعت منهم بالإكراه.
تلقى ناشط حقوق الإنسان والمعارض ناجي فتيل، حكماً بالسجن 15 عاماً، وقد ادعى أنه تعرض لتعذيب بشع في أبريل/نيسان أثناء أيامه الثلاثة الأولى رهن الاحتجاز. زعم أن السلطات قيدت يديه وعصبت عينيه وقام رجال الأمن بضربه ضرباً مبرحاً وعرضوه للصعق بالكهرباء وعلقوه من السقف. ادعت الناشطة السياسية ريحانة الموسوي التي تلقت حكماً بالسجن خمس سنوات أنها تعرضت للصعق بالكهرباء وأُجبرت على توقيع اعتراف.
أما عبد الغني كنجر، المتحدث السابق باسم اللجنة الوطنية لشهداء وضحايا التعذيب الذي فر من البحرين في عام 2012 وهو في الوقت الحالي المتحدث الخارجي باسم حركة حق للحرية والديمقراطية – وهي جماعة معارضة غير معترف بها – فقد تلقى حكماً غيابياً بالسجن 15 عاماً. قال كنجر لـ هيومن رايتس ووتش إن لا صلة تربطه بتحالف 14 فبراير وأنه لا يعرف أسماء العديد من المُدانين.
في أغسطس/آب قام أفراد يعملون في مطار كوبنهاغن – على ما يبدو بناء على توجيهات من السلطات البحرينية – بمنع القائمة بأعمال مدير مركز البحرين لحقوق الإنسان، مريم الخواجة، من ركوب طائرة متجهة إلى المنامة. الخواجة التي يقبع والدها وشقيقتها وراء القضبان في البحرين نتيجة لاحتجاجهما على الحكومة، أعلنت عن خطتها العودة إلى البحرين لمراقبة الاحتجاجات المعارضة للحكومة المقررة في 14 أغسطس/آب.
يستمر استهداف العاملين بالمجال الطبي كونه مبعث قلق. في يناير/كانون الثاني تم فصل سبعة أطباء وممرض عن وظائفهم في وزارة الصحة وأدينوا بتوفير رعاية صحية للمتظاهرين في عام 2011. استمرار تواجد قوات الأمن حول المستشفيات يمنع الحصول بحيادية على الرعاية الطبية، في خرق للأخلاقيات الطبية والحق في الصحة.
المحاسبة
منذ عام 2011 أنشأت البحرين ديوان مظالم بوزارة الداخلية ووحدة تحقيقات خاصة في مكتب النائب العام، لكن لم يتخذ أي من هذين المكتبين خطوات لمحاسبة كبار المسؤولين على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة أو للتصدي لما وصفته اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق بـ “ثقافة الإفلات من العقاب”. قال مسؤولون كبار لـ هيومن رايتس ووتش إن قائد فصيلة في الشرطة وقائد كتيبة في إدارة التحقيق الجنائي قد تبينت مسؤوليتهما عن انتهاكات لحقوق الإنسان، لكن لم يتضح ما الإجراء – إن وجد – الذي اتخذ في تلك القضايا.
في مايو/أيار خففت محكمة استئناف بحرينية من حُكم بالسجن سبع سنوات على ملازم شرطة أدين في أبريل/نيسان 2011 بقتل هاني عبد العزيز جمعة إلى الحبس ستة أشهر. الملازم هي أعلى رتبة لمسؤول أمني يُدان على انتهاكات.
حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير
في أبريل/نيسان صدقت الحكومة البحرينية على تعديل المادة 214 من قانون العقوبات، بما يزيد العقوبة القصوى لإهانة الملك من عامين إلى خمسة أعوام. كان المحامي مهدي البصري واحد من خمسة أشخاص على الأقل حُكم عليهم بالسجن في عام 2013 بتهمة إهانة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على وسائط التواصل الاجتماعي.
في مطلع أغسطس/آب أصدر البرلمان 22 توصية للملك حمد قبيل الاحتجاجات المرتقبة للمعارضة في 14 أغسطس/آب. من التوصيات توصية أدت إلى تعديل المادة 11 من قانون 1973 الخاص بالتجمعات العامة. جميع المظاهرات والمسيرات والاحتجاجات والاعتصامات يجب أن تنال مسبقاً الآن موافقة رئيس أمن الدولة، الذي يمكنه أن ينص على عدد المتظاهرين المصرح به وتوقيت ومكان أية مظاهرة.
ما زالت الأحزاب السياسية محظورة، لكن في عام 2013 كانت هناك 20 جمعية سياسية مرخصة متواجدة في البحرين، منها جمعيات إسلامية وعلمانية، وجمعيات موالية للحكومة وأخرى معارضة. في سبتمبر/أيلول
أعلن وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة عن تعديل لقانون 2005 الخاص بالجمعيات السياسية، يطالب الجماعات السياسية بتأمين موافقة حكومية مسبقة على الاجتماع بدبلوماسيين أجانب في البحرين وفي الخارج، وأن يرافقهم ممثل عن وزارة الخارجية إلى تلك الاجتماعات.
تستمر السلطات في التضييق على حرية تكوين الجمعيات من خلال الرفض التعسفي لطلبات تسجيل المنظمات المعنية بالحقوق المدنية والسياسية، وبالتدخل في شؤون المنظمات المستقلة. جاءت أحكام مسودة قانون 2012 للمنظمات والمؤسسات المدنية المقدم إلى البرلمان في يناير/كانون الثاني 2013 للموافقة عليه أكثر تقييداً من تلك الواردة في مسودة سابقة تعود إلى عام 2007، ومن بعض الأوجه أسوأ من قانون 1989 المعمول به إلى الآن. وقت كتابة هذه السطور لم يكن البرلمان قد فعّل مشروع القانون بعد.
حقوق المرأة
ينظم قانون رقم 19 لعام 2009 بشأن أحكام الأسرة الأحوال الشخصية في محاكم السنة البحرينية، لكنه لا ينطبق على محاكم الشيعة، ما يعني أن أغلبية السيدات في البحرين لا يغطيهن قانون أحوال شخصية مدون. لا يتم التصدي للعنف الأسري تحديداً في قانون العقوبات، ولا يعتبر الاغتصاب الزوجي جريمة.
العمال الوافدون
هناك حوالي 460 ألف عامل وافد، هم بالأساس من آسيا، يشكلون نحو 77 في المائة من قوة عمل القطاع الخاص في البحرين. وبسبب مشكلات في الإطار القانوني والتنظيمي البحريني، والإخفاق في إنفاذ القوانين، فقد تعرضوا لانتهاكات جسيمة مثل عدم الحصول على أجورهم، ومصادرة جوازات السفر، والإسكان غير الآمن، والإفراط في ساعات العمل، والاعتداءات البدنية، والعمل الجبري. أوضاع العمالة المنزلية مثيرة للقلق بشكل خاص. كما أن العقد الإقليمي الموحد للعمال المنزليين، الصادر عن مجلس التعاون الخليجي، والمتوقع أن تصدر الموافقة عليه في مطلع عام 2014، لا يكفل معايير الحد الأدنى التي تم ذكرها في اتفاقية العمال المنزليين الصادرة عن منظمة العمل الدولية في عام 2011.
الأطراف الدولية الرئيسية
صدر قراران عن البرلمان الأوروبي ينتقدان بقوة سجل البحرين في حقوق الإنسان، وكذا بيان مشترك بدعم من 47 دولة صدر في سبتمبر/أيلول 2013 في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف. انضمت كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة – وهما حليفان أساسيان للبحرين – إلى بيان مجلس حقوق الإنسان، لكن أخفقا بشكل عام في انتقاد الخطوات المسيئة التي اتخذتها البحرين في عام 2013. أخفق الاتحاد الأوروبي في استخدام ثقله الجماعي في ممارسة الضغط النشط والعلني من أجل الإفراج فوراً وبلا شروط عن نشطاء حقوق الإنسان البحرينيين المسجونين، وثلاثة منهم لديهم جنسيات أخرى لدول في الاتحاد الأوروبي. في أغسطس/آب أفادت وسائل الإعلام أن بريطانيا تشارك في محادثات مع البحرين على بيع 12 طائرة طراز تايفون.
24/5/140122
https://telegram.me/buratha