يتساءل الجميع عن مصير القتلة من رجال الأمن الذين ذهب على أيديهم عشرات البحرينيين منذ 14 فبراير 2011 وحتى الآن. بعضهم أصيب بطلق مباشر على يد قوات الأمن والبعض الآخر استشهد إثر التعذيب المفضي إلى الموت في سجون النظام.
لجنة تقصي الحقائق وثّقت العديد من حالات القتل والتعذيب المفضي إلى الموت، وأوصت بضرورة العمل الفوري على محاكمة القتلة والمعذبين محاكمة عادلة. في المقابل رئيس الوزراء طمأن المعذبين، بأن القانون لن يطالهم، وقالها لأحد أشهر المعذبين بشكل علني وأمام كاميرات التصوير، وفي تحد صارخ للقانون ولتوصيات اللجنة: "هذا ولدنا.. أي شي من القوانين ما حد يطبقها عليكم، حنا علاقتنا وياكم، واللي يطبقها عليكم يطبقها علينا..ولا بمسكم شي. حنا لكم".
هذا في النتيجة، لكن في الإجراءات، قامت السلطة بتنفيذ جلسات محاكمة صورية لعدد من هؤلاء القتلة والمعذِبين، وذلك للتخلص من الضغوط الدولية والمساءلات حول تطبيق التوصيات الخاصة بمحاكمة القتلة والمعذبين، لكنها برأت العدد الأكبر منهم عملاً بمقولة رئيس الوزراء: "أي شي من القوانين ما حد يطبقها عليكم"، فيما الأحكام (الهزلية) التي صدرت على بعض القتلة، تم تخفيفها إلى أحكام (كاريكاتورية) بعد الاستئناف، وذلك عملاً أيضاً بتوصية رئيس الوزراء: "اللي يطبقها عليكم يطبقها علينا، ولا بمسكم شي".
من هؤلاء القتلة الذين تمت (محاكمتهم) قتلة الشهيد فخراوي، شرطيان تم تخفيف عقوبتهما من (7 سنوات) إلى (3 سنوات)!!! وقاتل الشهيد هاني عبد العزيز من (7 سنوات) إلى (6 شهور)!!! وقاتل الشهيد صقر من (10 سنوات) إلى (سنتين)!!! وقاتل علي مشيمع إلى (3 سنوات). فيما تم تبرئة كل من قتلة الشهيد زكريا العشيري، والشهيد فاضل المتروك، والشهيد علي المؤمن، والشهيد عيسى عبد الحسن. نعم لقد قالها رئيس وزراء للقتلة: "ولا بمسكم شي".
لا يقف الاستخفاف عند هذا الحد من الأحكام الهزلية، بل إنه حتى مع صدور هذه الأحكام، إلا أن شيئاً منها لا يتم تطبيقه "ما حد يطبقها عليكم". إذ يؤخذ هؤلاء إلى (سجن كبار الشخصيات) في مركز المحافظة الجنوبية، يقضون فيه ساعات محدودة فقط خلال اليوم، فيما يمكنهم الخروج طوال النهار والعودة إلى النوم ليلاً فقط، أو حين يتم الاتصال بهم.
فقاتل الشهيد علي مشيمع الذي لم تعلن الداخلية حتى اسمه هو (حسن خيري)، يقضي في (سجن كبار الشخصيات) بعض الوقت الاستجمامي، فيما يقضي طوال يومه خارج السجن، وقد تمت إعادته لعمله وأُعطي مكافأة مالية قدرها 5000 دينار من قبل وزير الداخلية، تكريماً على تفانيه وإخلاصه وجهوده التي بذلها في عمله، وتعويضاً له عن (مسّ الحُكم) لا (مسّ التطبيق).
أما قاتلا الشهيد فخراوي التابعان إلى جهاز الأمن الوطني، فلم يتم سجنهما حتى الآن، بل على العكس من ذلك تم إرجاعهما إلى العمل.
أما قاتل الشهيد العشيري، وهو أحد أفراد التحقيقات الجنائية من أصول بلوشية ويدعى (سليمان) من سكنة البسيتين، فهو حر طليق ولم تتم حتى محاكمته، ومثله قاتل الشهيد أحمد فرحان، الرائد (علي المري)، الذي لم تتم إدانته فضلاً عن محاكمته، كل هذا وسط تفشي سياسة الإفلات من العقاب، وسياسة نحن القانون، وما حد يطبقها عليكم.
...................
39/5/131119
https://telegram.me/buratha