حضت منظمة "هيومان رايتس فيرست" الإدارة الأمريكية على دراسة إمكانية استخدام تهديد سحب أسطولها الخامس من البحرين كوسيلة للضغط على الحكومة البحرينية للمضي قدما في تطبيق إصلاحات ديمقراطية في هذه الدولة التي عمتها اضطرابات تطالب بإصلاحات منذ أكثر من عامين.
وذهبت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من واشنطن مقرا لها في تقرير صادر عنها إلى أنه على الحكومة الأمريكية "تطوير استراتيجية جديدة تقوم على إخبار الحكومة البحرينية علانية بأن مستقبل الأسطول الخامس يتطلب استقرارا سياسيا واجتماعيا في البحرين" علما بأن الأسطول يعتبر أحد أكثر الأساطيل الأمريكية الإستراتيجية أهمية.
ويذكر أن الأسطول الأمريكي الخامس والقيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية يتخذان من منشأة مترامية الأطراف تسمى "نشاط الدعم البحري-البحرين" مقرا لهما. وتحتضن هذه المنشأة مجموعة حاملة الطائرات ومجموعة برمائية جاهزة للتدخل ونحو 5000 عنصر أمريكي.
ويقول تقرير هيومان رايتس فيرست الذي يحمل عنوان "الخطة الاحتياطية للبحرين" إن الولايات المتحدة ينبغي أن تحذر من أن "الشراكة (بين البلدين) سوف تواجه تبعات إذا لم تطبق حكومة البحرين إصلاحات كافية".
ويدعو تقرير المنظمة الحقوقية إلى تعليق بيع الأسلحة لهذه الدولة وتطبيق "قانون ليهي" الذي يمنع تقديم المساعدة والمعدات للشرطة وقوات الأمن في البلدان التي تشهد انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وباعت الولايات المتحدة للبحرين منذ عام 2000 أسلحة بلغت قيمتها 1.4 مليار دولار بالرغم من أن بعض شحنات الأسلحة للبحرين قد علقت أو قلصت منذ أن شنت السلطات حملة أمنية صارمة لفرض النظام لمواجهة الاحتجاجات المطالبة بتوسيع الحقوق الديمقراطية.
ويجري الآن بناء مشروع قاعدة عسكرية أمريكية قيمته 580 مليون دولار من أجل تمكين السفن الضخمة من الرسو في المنشأة البحرية الأمريكية، ومن المتوقع استكماله بحلول عام 2015.
وكان آلاف من المتظاهرين السلميين احتلوا دوار اللؤلؤة الشهير في العاصمة المنامة، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية وإنهاء التمييز ضدهم.
وطالما اشتكت الأغلبية الشيعية في البحرين من المعاملة غير العادلة على يد الحكام السنة علما بأن الكثير من المحتجين شيعة.
ولجأت السلطات البحرينية إلى إخلاء دوار اللؤلؤة بالقوة وإزالته لاحقا، وفي الشهور التي تلت ذلك قتل العشرات من الأشخاص بمن فيهم أفراد من الشرطة. كما اعتقل مئات من الشيعة وطرد آلاف آخرون من وظائفهم بطريقة تعسفية ولقي ثلاثة معتقلين على الأقل مصرعهم تحت التعذيب أثناء الحجز.
يلجأ بعض شباب الشيعة في البحرين إلى العنف
وتسببت الحملات الأمنية الصارمة في احتجاجات دولية وردت الحكومة البحرينية بتعيين لجنة مستقلة من خبراء حقوق الإنسان. وشكل التقرير الصادر عنها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2011 إدانة صارخة لوضع حقوق الإنسان في البحرين إذ دعا إدخال إصلاحات واسعة على جهاز الشرطة والقضاء والإعلام.
وتعهد الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتنفيذ الإصلاحات بيد أن منتقدي أداء الحكومة البحرينية اشتكوا من أن التوصيات الواردة في التقرير لم تطبق وأن وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان ازدادت.
ووصل الحوار الوطني الهادف إلى إيجاد حل للأزمة إلى طريق مسدود، كما اتهم معارضون أسرة آل خليفة الحاكمة بأنها لا تنوي الوفاء بتعهداتها.
ويلجأ بعض الشباب الشيعي الغاضب في البحرين إلى العنف في ظل عدم وجود حل سياسي في الأفق.
وتُغلق طرق رئيسية بشكل شبه يومي، وتقام فيها متاريس لحرق إطارات السيارات. وعندما يصل أفراد الشرطة إلى عين المكان، يُواجَهون بزجاجات المولوتوف كما تلقى عليهم قذائف من بنادق محلية الصنع. وترد الشرطة بإلقاء قنابل مسيلة للدموع ووابل من قنابل الصوت.
وأدانت جمعيات المعارضة السياسية مرارا ما يقوم به مثيرو الشغب وطريقة تعامل قوات الأمن مع الاحتجاجات السلمية وغير السلمية. لكن الحكومة تحمل المعارضة مسؤولية أعمال الشغب.
وفي الآونة الأخيرة، احتجزت قوات الأمن قادة جمعية الوفاق التي تمثل أهم تجمع للشيعة في البحرين.
واستدعت قوات الأمن الشيخ علي سلمان، الأمين العام لجمعية الوفاق، منذ أسبوعين من أجل استجوابه على خلفية مزاعم بأنه أهان وزارة الداخلية بالزعم بأن الشرطة البحرينية ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان. كما اعتقل مساعده، خليل مزروق، لمدة خمسة أسابيع بتهم تحريض الشباب على العنف ومحاولة الإطاحة بالحكومة.
وتؤدي مثل هذه الإجراءات الأمنية وما يرافقها من اشتباكات متواصلة في شوارع البحرين إلى تصعيد التوتر أكثر فأكثر.
يقول بريان دولي من هيومان رايتس فيرست إن "الولايات المتحدة أبدت ترددا في استخدام نفوذها من أجل الدفع بالإصلاحات، وقد حاولت جاهدة لإبقاء موضوع الأسطول الخامس بعيدا عن المباحثات".
ويرى دولي أن البحرين تتمتع بـ "استقرار زائف".
وأوضح قائلا "السجون تعج بالمعتقلين السياسيين، والاقتصاد في تراجع مستمر. لا يمكن توفير الاستقرار الحقيقي من خلال القمع".
لكن يبدو أن من غير المرجح أن تتخذ الولايات المتحدة أي إجراء يهدد وجود الأسطول الخامس في البحرين. وهو يحظى بأهمية استراتيجية حيوية بالنسبة إلى المصالح الأمريكية والخليج.
ويتولى الأسطول حراسة مضيق هرمز وهو رمز للقوة الأمريكية في منطقة تشهد مواجهة وتوترا في ظل استمرار إيران الشيعية في تحدي الهيمنة التقليدية للسعودية السنية.
حضت واشنطن حكومة البحرين على تقديم تنازلات لصالح المعارضة
وكان السعوديون وهم حلفاء قدامى للولايات المتحدة، قد أرسلوا جنودهم إلى البحرين في مارس/آذار 2011 كجزء من قوة تابعة لمجلس التعاون الخليجي بهدف سحق الثورة هناك والمساعدة في استعادة الأمن.
وقال مايكل ستيفنز، نائب مدير المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن في قطر لبي بي سي إن الأسطول الخامس "يقدم مستوى ذا مصداقية من الردع" في الوقت الذي تجري فيه الولايات المتحدة مفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل.
ويعتقد ستيفنز أن تقرير هيومان رايتس فيرست من المرجح أن يزيد من تعنت حكام البحرين.
وقال ستيفنز "تحتاج الحكومة إلى بدء عملية الإصلاحات. إنها تراوح مكانها الآن، لكن الدبلوماسية الهادئة وليس التهديدات هي السبيل للمضي إلى الأمام. توجيه التهديدات لا يمكن أن يؤتي أكله إطلاقا في الخليج".
ولم يتسن الاتصال بالحكومة البحرينية من أجل التعليق على الموضوع.
14/5/131118
https://telegram.me/buratha