في الخامس عشر من مارس 2011 فرض النظام حالة الطوارئ في البلاد على نحو فوري ولمدة ثلاثة أشهر بعد نحو شهراً من إنطلاق ثورة “اللؤلؤ”. وجاء في بيان بثه التلفزيون الرسمي مساء يوم الثلاثاء أن الملك كلف قائد العسكر باتخاذ كل التدابير لحماية سلامة البلاد والمواطنين.. حسب البيان!
قرية "سار" في البحرين تتحدى النظام وتعلن الشعار : " الشعب أقوى دائما من العسكر"
ابنا: أراد النظام من خلال فرضه لقانون حكم العسكر أن أن يبادر الشعب لرفع راية الاستسلام وانسحابه من الميادين خالي الوفاض .. وبعد مضي 3 أشهر، لم يتحقق أياً من ذلك..
في يوم السبت 11 يونيو 2011 تحدى أمين عام جمعية “الوفاق” الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان حكم العسكر بإقامة مهرجان جماهيري أعاد من خلاله البوصلة والتوازن للحراك السياسي والميداني.. كان المهرجان نقطة استجماع القوة، واسترداد النفس، بعد عذاب طويل، تلاشت به كل آمال السلطة، بعد أن ألقت كل ما في جعبتها من حل أمني، فأعطت الشعب -من حيث لا تعلم- رصيدا جديدا من الاستمرار، والصمود، والثبات، بحيث ينبض، ولا ينضب..
بعد الشكر والثناء لكافة أبناء الشعب وفئاته قال: “نتمسك بحقنا في التظاهر والاعتصام السلمي نؤكد على حرمة دماء البحرينيين جميعا مواطنين ومتظاهرين وشرطة ونؤكد على حق الاخرين في الحرية وعدم تعطيل مصالح أحد ونؤكد على الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة ونؤكد على الاستمرار في العمل السلمي الذي بدأت به الحركة المطلبية واستمرت به وكسبت من خلاله تعاطف العالم ودعمه”، مؤكدا خلال خطابه الجماهيري على تحقيق المطالب التي خرج من اجلها شعب البحرين.
وما كان من قرية “سار” آنذاك إلا أن تقبل تحدي الأمين العام وتحتضن ذلك المهرجان على أراضيها.. لتقول للنظام “كش” عسكر!
مشهد سار صبيحة السبت 11 يونيو حتى المساء كان كالتالي:
قال أحدهم: من أراد وصف يوم 11 يونيو 2011، فإن عليه أن يراجع ما سبقه من أيام سود، عاش فيها شعب البحرين تضحية ليس لها مثيل، جعلته يغفو كل يوم على مضجع الألم، بمنامات الأمل، يتوقع زيارات خفافيش الظلام في أية لحظة..
فبعد انتشار إرهاب العسكر على مدى ما يقارب الثلاثة أشهر، وما أفرزته تلك المرحلة من قتل، وسفك، وتنكيل، وتصفية، وهدم، وانتهاكات، علا صوت شعب البحرين من منبر “سار” التي تحدت، رافعا يده مكبرا، متحديا: أنا هنا، شعب قد صنعته التجارب الصعبة، وصقلته البلايا والرزايا، هو أكبر بكثير من أن تقضي عليه ثلاثة أشهر، أو ثلاث سنين، أو حتى ثلاث عقود، أو قرون!!
فأبواب المنازل مفتوحة وأهالي المنطقة تستقبل الجماهير المتدفقة والتواقة للحرية.. كثير من العوائل تكفلت بتوفير وجبة الغذاء للعاملين على تجهيز ساحة المهرجان ومن حضر مبكرا.. فالكل في انتظار ساعة إنطلاقة المهرجان في الوقت الذي كانت فيه أصابع العساكر على الزناد تنتظر تعليمات رئيس العسكر!
ما هي النتيجة: الشعب ما زال صامد ومستبشر رغم ما جرى له خلال حفل “الزار” والتي أستمرت لثلاثة اشهر متتالية وما يجري عليه، لأنه وبكل بساطة، يرتوي من مطر الصبر ويتنفس من عبق الحرية.. هذا ما لمسناه بداءً من قرية “سار” التي بقت صامدة حتى اليوم رغم الجراح..
الحزن يسود قرية سار: في مساء يوم الأربعاء 30 مارس 2011، أي بعد مضي 15 يوما على ما سمي بفترة السلامة الوطنية، شاع خبر بين أهالي منطقة “سار” عن استشهاد الشبل السيد أحد شمس (15 عاما) الذي قضى نحبه متأثراً إثر إصابة مباشرة في وجهه.. ولعلى الشهيد شمس هو أول ضحايا ثورة اللؤلؤ من تلك الفئة العمرية، لذلك كان لخبر استشهاده وقع خاص في نفوس أهالي “سار” خاصة وجميع المواطنين عامة، ليسود الحزن أهل القرية وكافة البحرين.
احزان أهالي القرية لم تنتهِ بعد، ودموعهم لم تجف لفقدهم الشبل ذو الخامسة عشرة عاما.. حتى يستيقظ الأهالي بعد أقل من اسبوع من استشهاد شمس على خبر استشهاد الخمسيني السيد حميد السيد محفوظ بعد يوم واحد من إختفاءه وتعذيبه ورميه أمام احد مزارع المنطقة..
“سار” لم تخضع للاستسلام بعد مقتل الشيخ والشباب، ولم توقف حراكها اليومي، بل بقت على عزيمتها الراسخة التي رسمتها يوم 11 يونيو، إذا قال أحد أبناء القرية: ذلك اليوم لن يفهم معناه إلا من عائش دقائقه في “سار” أو من وطأت قدماه ميدان الشهداء بعد مجزرة الخميس، فإنه أشبه شيء بذاك اليوم، حتى طغت فيه بعد ذلك مشاعر الفرح، ونشوة العزة، بعد كلمة سماحة الأمين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية، الشيخ علي سلمان.
ربما البعض من أهالي “سار” فقد البصر حزنا على فقد الشيخ والشباب، لكنهم لم يفقدوا الأمل بالنصر الإلهي.. كبقية شعب البحرين.. ولنا في حراكها اليومي خير دليل.
................
17/5/13830
https://telegram.me/buratha