عبد الجليل مهنا
بينما كنت استعد ليومي المهني استيقظت على صوت عصف هائل لأنفجار دوى في العاصمة بغداد .. خلته في بادئ الأمر انفجارا" وقع قرب المبنى الذي اسكنه وحين خرجت من المنزل صادفني ضابط كبير في الشرطة العراقية حيث سبقني في الاجابة على السؤال الذي كان يدور في خلدي قائلا" .. انها سيارة مفخخة استهدفت مبنى قناة العربية الفضائية في بغداد !.
فورا" ودون سابق انذار أو تحليل استدركت صديقنا ضابط الشرطة الكبير بالقول انها مفخخة القاعدة حيث لم تجد هذه الخلية الإرهابية الدموية هدفا" مميزا" لها في الرياض أو نجد أو حائل بسبب الإجراءات الأمنية السعودية المشددة فضربت العربية بأعتبارها الهدف السعودي في بغداد !. وسؤالي الذي اطرحه على اللواء قاسم عطا ولا اود طرحه على لواء العربية العراقي قاسم حميد .. لماذا توهمنا قيادة عمليات بغداد وناطقها الرسمي الميداني ان بغداد بخير وان المناطق الستراتيجية في العاصمة محمية من قبل قوات الشرطة والجيش ولن تستطيع القاعدة ولا المجموعات الإرهابية الأخرى الاقتراب منها فضلا" عن الاستعدادات الأمنية المكثفة التي وضعتها قيادة عمليات بغداد لحماية زائري ذكرى الخامس عشر من شعبان .. لماذا تسبقنا القاعدة بتنفيذ كامل اهدافها الميدانية وبدقة عالية ونقدم الشهداء تلو الشهداء فيما نحن نتحرك على الميدان بخطط باتت مستهلكة وتعرفها القاعدة بعد كل عملية ؟.هل بات قاسم حميد أكثر دقة في ايراد المعلومة الأمنية من قاسم عطا وهل باتت العربية التي استهدفها انفجار القاعدة ــ حيث عزت الأهداف الأمنية في الرياض وبقية المدن السعودية ــ أكثر متانة وموضوعية في تسجيل اللحظة من قيادة عمليات بغداد وغرف العمليات الأمنية الأخرى التي يتحدث الكثيرون عن مهارتها وقدرتها على التقاط المعلومة الأمنية والبناء عليها في قراءة المشهد الأمني اليومي في العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية التي بدأت القاعدة تزحف عليها رويدا" رويدا" فضلا" عن عودة القاعدة بكثافة عددية ومعنوية في الخالدية وعامرية الفلوجة بشـكل كامل؟.
لعل المشكلة الأمنية التي يعاني منها العراقيون اكبر من خطاب اللواء قاسم عطا لأنها تكمن في الحقيقة بخلفيات الأزمة السياسية في البلد والتراخي بقرار تشكيل حكومة الشراكة الوطنية وغياب الرقابة البرلمانية بسبب العطل الكامل الذي يعانيه مجلس النواب والشلل الحاصل في الحياة السياسية بسبب عدم قدرة القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية بتتويج حواراتها الماراثونية بأنتخاب رئيس وزراء عراقي .. ان هذه الأزمة هي سبب هذه المفخخة وستنفجر مفخخات أخرى في شارعنا البغدادي وستليها مفخخات أخرى قادمة في الطريق لعجزنا وعدم قدرتنا على الاستجابة لقرار الشعب العراقي الذي أكد في 7/3/2010 رأيه بمن يمثله في السلطة التشريعية . مشكلة السيد قاسم عطا انه حاضر دائما" في مكان الحدث وتلك ايجابية كبيرة لكنه يبتعد عن استشراف طبيعة وابعاد العملية الإرهابية ولا يعطيها الدقة الميدانية المفترض اعطائها من متحدث عسكري رسمي إذ ان مانسمعه منه في إطار مجمل العمليات التي تقوم بها القاعدة خلاف مايتم تأكيده في الفضائيات العربية والأجنبية العاملة في بغداد .. لقد قيل ان سيارة حمل هي التي اخترقت حاجز شبكة كورك للاتصالات الهاتفية وقد قام الانتحاري بتفجير نفسه في مكان الحادث فيما الحقيقة التي وردت على لسان قاسم حميد ان الإرهابيين الذين استهدفوا مكتب العربية الكائن في شارع الزيتون جاءوا بسيارتهم الحمل وقد تنكروا بهيئة موظفي هذه الشبكة ودخلوا إلى المكان بحجة التنظيف ثم خرجوا منه لكي يطمئنوا الحاجز العسكري الذي مروا منه دون ان يحملوا كميات الامونيا التي حملوها معهم وعبئوا سيارة الحمل ثانية ودخلوا بها مرة أخرى حيث مرت السيارة دون ان ينبري احد بوضع الجنرال سونار (ID) على السيارة بتفتيشها قبل مرورها !.
الضابط المسؤول هو الذي يورد المعلومة الامنية والخروق الأمني كما هو دون ان يحذف منه شيئا" أو ينتقص من ابعاد العملية الإرهابية لحاجة في نفس الأجهزة الأمنية وهو امر معروف في كل الدول التي تتعرض مؤسساتها وشارعها لعمليات اعتراض إرهابية كبيرة إذ تحاول هذه الدول التقليل من شأن العملية والاستخفاف بالفاعل لأهداف زرع الثقة الكبيرة بين المواطن والدولة والقول ان الدولة قوية ومسيطرة وقادرة على ضرب المجموعات الإرهابية والوصول إلى أوكار الجريمة بسرعة البرق وفات السيد قاسم عطا ان زمن عمليات البرق التي قادتها الداخلية قبل أكثر من اربع سنوات هو الزمن الذهبي للدولة وان الزمن الحالي هو زمن القاعدة الذهبي أيها الجنرال . من المؤسف ان يأخذ العراقيون المعلومة من قاسم حميد وهم يستمعون للعربية ويشاهدونها ولا يأخذونها من قاسم عطا أو أنهم على اقل التقادير يستمعون لمعلومات مراسل العربية بشغف الذي يريد معرفة مايجري في العاصمة لكنهم يستمعون ببلادة وبقلة اناة واستياء واضح لضابط عمليات بغداد الذي تضيع بين فواصل حديثه الدقة التي لابد منها لزيادة الاطمئنان وتوكيد الحقائق والثقة بالدولة .. وتلك كارثة لا نتمنى ان تصل الينا حيث يفقد المواطن ثقته بضابط الدولة ويعزز رصيد هذه الثقة بمراسل فضائية دولة أخرى مثلما لايريد المواطن العراقي ان يصل إلى نقطة الصفر في استدراك المعلومات التي يريد الوصول إليها ويعجز عن التوصل إلى خيوط عملية ما من عمليات القاعدة المجرمة ولا اود رؤية ذات المشهد العراقي صبيحة 9/4/2003 حيث الصحاف يقف أمام فندق بابل وهو يقول بأن العدو يتهاوى على مقتربات العاصمة فيما العاصمة تسقط بدبابتين امريكيتين فهل نفاجئ ذات يوم بسقوط العاصمة بسيارة حمل ؟!.
سيدي الجنرال من السهل ان تتحدث طويلا" عن الأمن المستتب والاستقرار المتماسك لكن من الصعب تأكيد ذلك على الأرض ومن السهل ان تتحدث برؤية الضابط المجيد عن عملية اليوم لكن الناس قد لا تصدق بالضرورة مايقوله قاسم عطا فتلجأ من اجل التصديق لمراسل العربية قاسم حميد واخشى ــ وأقولها بصدق ـ من محاولة الحاقك بمحمد سعيد الصحاف حين كان يبشر الناس بقرب النصر بانهيار العدو على تلال مقتربات العاصمة وتلك الخشية لها مايبررها اليوم وما يعزز مصداقها في الأيام القادمة .
https://telegram.me/buratha