حافظ آل بشارة
اعتاد بعض الساسة على سياقات خاطئة في التفكير والعمل وان لم يقرروا تغييرها فعلى العراق ودولته السلام ، احد تلك السياقات اعتقادهم بأن وجودك داخل البرلمان يعني بالضرورة مشاركتك في تشكيل الحكومة ، وهو تصور خاطئ وربط ليس له مبرر ، واغلب الظن ان هذا الربط ناتج عن موروث ثقافي يعد السلطة التنفيذية السلطة الحقة التي تذبح وتسلخ وبقية السلطات كالبرلمان والقضاء (حديدة عن الطنطل) ! ولعل هذا الموروث مرتبط بتاريخ بلد حكمته غالبا سلطة تنفيذية بلا برلمان ولا قضاء لذا يقولون ان السلطة التنفيذية بيدها الجيش والقاصة ، أي العصا والجزرة ! يفترض ان تنقلب هذه الثقافة عل البطانة ، فتكون السلطة التشريعية ام السلطات ، يقال ان النظام الحالي في العراق نظام برلماني لكن أحدا لا يصدق بسبب ارتباط اللاوعي الجمعي بشكل السلطة القديم ، لذا هناك اقبال حزبي على الاشتراك في الحكومة واعراض عن قبول الدور التشريعي لوحده أو القضائي ، يفترض ان يفكر الجميع باغناء تجربة العمل البرلماني المستحدث في البلد و يتضمن التشريع والرقابة ، أي مراقبة وتقييم ومحاسبة السلطات الاخرى ، وبسبب الدور الرقابي يعتبر البرلمان الحقل الذي تنمو فيه تقاليد المعارضة السياسية السلمية ، وفي موازاة الانشغال بشؤون الحكومة لا بأس ان نجد مستقبلا في اوساط النخب والأحزاب من يهتم بتأسيس المعارضة البرلمانية واغناءها من خلال تنشيط وتوظيف مبدأ الرقابة والتقييم ، هذه العملية الحضارية تقود ايضا الى تقنين التنافس الشريف بين القوى الوطنية فمن يريد الوصول الى تشكيل الحكومة بأسلوب دستوري نزيه وهادئ ومهني عليه ان بستثمر وجوده في البرلمان ويمارس النقد والتقييم لمنافسيه الذين يديرون الحكومة ، فاذا أجاد اللعبة قد يزيحهم في الدورة المقبلة وهذا هو جوهر التداول السلمي للسلطة ، المعارضة البرلمانية لها فضائل كثيرة : فوجودها يحفز السلطات الاخرى على اداء واجباتها بكفاءة عالية لشعورها بوجود رقيب متربص ، فالمراقبة الدقيقة والموثقة يباركها الدستور وهي ضمانة لمواجهة الفساد والفشل ومحاكمة من يقفون وراءه ، وعندما يتحول مجلس النواب الى عرين للمعارضة فسوف يكتسب هيبة واحتراما لكونه ليس مجرد ديكور مزيف لتزيين نظام فردي ، وفوق ذلك المعارضة هي حارسة النظام اذ تمنع انحراف مؤسسات الحكم عن الثوابت الفكرية والدستورية المقررة ، كما انها أسلوب سلمي ناعم في ممارسة المعارضة للحكومة القائمة وحتى معارضة لنظام الحكم واسسه الاديولوجية وهي ضمانة لابقاء حركة الرفض العامة في البلد بعيدة عن العنف والقتال واستقطابها في دائرة الاعتراض السلمي المنظم الذي يكفله الدستور بحيث يجد المعارضون أن بوسعهم تغيير نظام الحكم من خلال هذا النهج بلا عنف وقد كفى الله المؤمنين القتال .
https://telegram.me/buratha