حافظ آل بشارة
مازال الاعلام الوطني وغير الوطني ومن باب اللياقة الاجتماعية يطلق على ما يجري في العراق تسميات لطيفة مثل : الحراك السياسي أو مشاورات أو محادثات تشكيل الحكومة ، وفي الحقيقة هو ليس حراكا ولا تشاورا ولا هم يحزنون ، القصة و ما فيها ان هناك معركة ضارية تدور للاستيلاء على منصب رئيس الوزراء ، والمشكلة ان العراق يكفيه رئيس وزراء واحد لكن جميع الموجودين يريدون هذا المنصب ، لذا يبدو أي حديث في هذا الاطار عديم الجدوى وهو السبب الذي جعل أخبار وتطورات تشكيل الحكومة مملة ومزعجة ، ولكن الشيء الذي يجلب النظر ان القوى المتصارعة أو المتعقلة أو المتفرجة في هذا الصراع كلها تتحدث عن موضوع اقتسام المواقع بصيغ واشارات مختلفة ، أما هوية ومصير الاطار الاديولوجي لنظام الحكم القائم فلا أحد يتولى التحدث أو الدفاع عنه أمام الاختراقات والانتهاكات ، من يتولى نقد وتقييم تجربة السلطة في العراق للدورة الماضية ويضع اخفاقاتها بالارقام بين ايدي المعنيين ويحذر الساسة من تكرار تلك الاخفاقات ؟ من يستطيع ان يخرج بهذا النقاش الوطني من دائرة المنصب ومن يشغله الى دائرة المنظومة السياسية وكيفية اصلاحها ؟ الجميع يتبرعون بأن يكونوا حراسا لبوابة الحصص وتوزيعها لضمان العدل فهم عشاق العدل ! ولا يتبرع احد بأن يكون حارسا للقيم التي يستند اليها نظام الحكم الجديد لصيانته من الانحراف والاختراق ، السياسيون في ايام المزايدات الدعائية كل منهم يمثل اديولوجيا معينة وينادي بتقديم القرابين لها كي تنتصر وتحكم العالم ، أما في هذه الايام فالجميع من اديولوجيا واحدة ومن دين واحد شعاره (اريد حصتي) ، اما حراسة القيم الديمقراطية فللبيت رب يحميه ، اتمنى ان تختفي الموجة الاعلامية الخاصة باقتسام المناصب لتحل محلها موجة تهتم بتسجيل اخفاقات التجربة في العراق وتحللها وتقدم حلولا لها ، وكأمثلة هناك اخفاقات ادارية اجرائية وهذه قابلة للاصلاح لكن الاخفاقات التي لايمكن السكوت عليها هي اخفاقات في تطبيق مقتضيات النظام الديمقراطي ، مثل ضعف الدور الرقابي لمجلس النواب السابق وسكوته على قضايا فساد يندى لها الجبين ، وان استدعى احد كبار المسؤولين لمحاسبته في اطار الفساد يجري الاستجواب ثم يتحول الى عملية لفلفة مكشوفة ويغلق الملف ، النظام الديمقراطي الصحيح لايسمح لأحد بأن يحمي الفاسدين ، وكذلك لا يسمح بهيمنة السلطة التنفيذية على بقية السلطات واضعافها ومصادرة صلاحياتها ، أو ادارة القوات المسلحة بطريقة غير متوازنة تشجع على هيمنة طرف دون غيره على القيادات الميدانية وتهميش آخرين لحسابات غير مهنية ، هناك خروق هائلة ، الشعب العراقي يريد ان يتولى احد من اصحاب الالسنة الطويلة الدفاع عن مبادئ النظام الديمقراطي وليس عن الحصة الحزبية من المناصب والغنائم الزائلة .
https://telegram.me/buratha