حسن الهاشمي
في بعض مناسبات الولادة لأئمة الهدى نشاهد بعض التصرفات معبرة عن البهجة ولكنها بعيدة كل البعد عن نهج الأئمة في الحفاظ على قدسية الأمكنة والأشخاص الذين ينتمون إلى تلك المدرسة القويمة في الفكر النير والسلوك الطاهر، الذي يأبى أن يدنس ببعض التصرفات حتى من المحسوبين عليه ببعض الأفعال المشينة التي لا تعدو أنها تعبير عن الحب والولاء ولكنه تعبير خاطئ قد يخدش العفة والحياء وقد يعطي انطباعا غير لائق لمحبي أهل البيت عليهم السلام.وبالرغم من إن الاحتفاء بولادات الأئمة مستحب فلا ينبغي أن نمحو ذلك المستحب بارتكاب بعض المحرمات، خصوصا إذا عرفنا إنه لا يطاع الله من حيث يعصى، والمعروف عن أئمة أهل بيت الرحمة قد طالبوا أصحابهم ومحبيهم وشيعتهم بالهيبة والوقار والجلال والاستقامة في صغريات الأمور وكبرياتها، وعلى رأسها وصية الإمام الصادق عليه السلام لمحبيه كونوا زيناً لنا ولا تكونوا شيناً علينا وكونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم.وعن مناسبات ولادة الأئمة الأطهار ولاسيما الإمام الحجة ( عجل الله تعالى فرجه الشريف ) التي هي عزيزة على محبي أهل البيت ( عليهم السلام) ولهم فيها مراسيم تمارس فيها الصلوات والأدعية والزيارات وقراءة القرآن، واحتفالات تقرأ فيها القصائد والمدائح والكلمات التي تمجد أهل بيت العصمة وما يتصفون به من مواقف وكرامات هي قدوة وأسوة ليس لمحبيهم فحسب بل للإنسانية جمعاء.ولكن بعض الممارسات الممجوجة المصاحبة لتلك الاحتفالات قد أصبحت مع بالغ الأسف تمثّل حالة متطفلة ليس لها أية علاقة بالشريعة لا من قريب ولا من بعيد، وحالة البهجة ينبغي أن لا تصل بنا إلى حالة الانحراف، فالإنسان يجب أن يكون كيّساً سواء في حزنه أو في فرحه، أما أن يخرج عن الطريقة المقبولة شرعاً هذا الفرح لا قيمة له أمام الله تعالى ولا يمت للإسلام بأية صلة.ومن المعلوم إن هناك مدنا لها حرمة، وهذه الحرمة ناشئة من قداستها عند أهلها وهي موجودة عند كل دول العالم، فهناك أمكنة يحرم على الجميع أن يمارس فيها أعمال مخلة بالآداب العامة والحشمة والوقار، وهذا يشمل المسلمين وغير المسلمين ومن جملة المدن المقدسة التي لها حرمة هي مدننا المقدسة سامراء وكربلاء والنجف والكاظمية... هذه المدن لا بد أن نحافظ على قدسيتها، فالإنسان الزائر والساكن والمولود فيها يجب أن يعرف إن جزءاً من هويته هو احترام هذه المدن، ولكن بعض ضعاف النفوس الذي لا يكترث بقدسيتها يعتبر التعرض لمثل هكذا تصرفات هو نوع من عدم التحضر، وفات هذا البعض إن الإنسان عندما يحترم مقدساته فهو إنسان متحضر ومتنور، وفات هذا البعض كذلك إن العقيدة والدفاع عنها هي التي تخلد الإنسان مثلما خلد الإمام الحسين عليه السلام عبر الأجيال والأمم، أما الذي انساق وراء ملذاته وشهواته كمعاوية ويزيد ومن لف لفهم من الطواغيت فإن ذكرهم لا محالة إلى لعنة وحكمهم إلى زوال ومصيرهم إلى هلاك. والجهات المعنية في الدولة التي تحترم كيانها وثقافتها وقداسة معتقداتها وأماكن عبادتها مدعوة للحفاظ على قدسية المدن التي تحتضن أئمة الهدى والأخيار من المهتدين، ومن ضمن الأمور التي ينبغي أن يطالها المنع والمكافحة تشغيل مقاطع صوتية صاخبة في بعض التكايا والهيئات، ودبكات الهوسة وما يصاحبها من رقص وحركات مشينة في الأزقة والشوارع، وعرض الملابس النسائية في واجهة المحلات بشكل واضح يتنافي مع الآداب أو الذوق العام. أعتقد إن المحافظة على قدسية الاحتفالات الدينية خاصة مطلب جماهيري، والأمة المتحضرة التي تريد أن تحلق في سماء الفضيلة لابد لها من محاربة الرذيلة بكل أصنافها، والتحليق الناجع في تلك السماء إنما يتحقق بجناحي العلم والأخلاق وإلا فهو عرضة للتعثر والسقوط.
https://telegram.me/buratha