احمد عبد الرحمن
واحدة من ميزات الانظمة الديمقراطية الحقيقية الشفافية والوضوح في تداول المعلومات وايصالها الى الرأي العام عبر القنوات والمنابر السياسية والاعلامية المختلفة، وخصوصا تلك المعلومات التي ترتبط بمصالح المواطنين وشؤونهم اليومية العامة.وهذا مايفسر انخفاض معدلات الفساد الاداري والمالي في الدول والمجتمعات ذات الانظمة الديمقراطية مقارنة بالدول والمجتمعات ذات الانظمة الديكتاتورية والشمولية التي تفتقر الى القوانين والدساتير، وغالبا ما تكون محكومة بأمزجة ونزعات ونزوات حكامها والماسكين بزمام الامور فيها. وحتى اذا كانت هناك مظاهر وظواهر للفساد الاداري والمالي فأنه في ظل النظام الديمقراطي ، حيث تسود ثقافة حرية التعبير عن الرأي والرقابة البرلمانية وغير البرلمانية على اداء المؤسسات الحكومية الرسمية ، لابد ان تتكشف وتتوضح الحقائق، ويشخص الفاسد والمحتال والمتلاعب بالاموال العامة والمستغل لموقعه بصورة سيئة على حساب مصالح المواطنين، كبيرا كان ام صغيرا. ولامكان هنا للخداع والتضليل، لان حبله قصير، مهما طال امده.والعراق اليوم يعد احد البلدان الذي يتميز بنظام ديمقراطي يتوفر على مساحة لابأس بها من حرية التعبير وتداول المعلومات، ولكن لان هذا النظام حديث العهد، ولم يتكامل وينضج بالقدر الكافي فأنه مازال يشهد ظواهر ومظاهر سلبية في مختلف الصعد والمفاصل والمستويات، ناهيك عن تركة منظومة السلطة البائدة، وهذا كله انعكس سلبا على المواطن العادي.وللاسف الشديد مازلنا في العراق نعاني من سياسات الخداع والتضليل التي تمارس على اعلى المستويات ومن قبل شخصيات حكومية كبيرة ومتنفذة، تقدم مصالحها الخاصة-الحزبية والشخصية-على المصالح الوطنية العامة، ولاتتحرج ولاتتورع ان تقلب الحقائق ، وتجعل من الصحيح خطأ ومن الخطأ صحيحا، وتضع كل مايطرح من ملاحظات ومؤاخذات وانتقادات موضوعية على اداءاتها في خانة المؤامرة والاجندات والمصالح السياسية الضيقة، بحيث انه حتى لو اشتكى عدد من المواطنين وطالبوا بأبسط حقوقهم يوضعون في موضع الاتهام بالسعي لاضعاف الدولة والتامر عليها.ان تصحيح المسارات والسياقات الخاطئة لايمكن ان يتحقق اذا لم نغادر تلك الثقافة التضليلية البائسة.
https://telegram.me/buratha