المقالات

التسلط...واللعبه السياسيه....والشعب المظلوم

694 16:54:00 2010-07-10

الدكتور يوسف السعيدي العراق

بمجرد أن يُعتمد الدستور.. وتُجرى الانتخابات .. وينتهي طابور الاقتراع .. ويتم فرز الأصوات .. المزورة والصحيحة أمام الأبصار والأسماع وتعلن النتائج .. يفوز من يفوز ويطعن من يطعن بالتزوير .. وتُعد التقارير من المراقبين .. ويخفت صوت المعركة الديمقراطية في الأخبار وتختفي أنباء الانتخابات من عناوين الصحف .. حتى يبدأ الرئيس الفائز حملةً واسعةً لتغيير الدستور.. متعللاً بالمستجدات والمتطلبات.. والهدف دائماً اكتساب مزيد الوقت حتى يطول الجلوس .. وتختمر الأفكار في الرؤوس ....وينجز ما لم ينجز للشعب المسكين الذي ينتظر إحسان المحسنين.. كثير من الناس يستغرب والبعض يستهجن تلك الأعمال، في إطار مخالفة المبادئ والقيم التي بُني عليها النظام.. والخروج عن الشرعية المقدسة التي ابتدعت من قبل قلة .. قبل أعوام ليست بعيدة.. شعارهم أن الديمقراطية الحقه لا تتحقق إلا بالتداول على الكراسي.. وإتاحة الفرصة لرئيس جديد عساه أن يغير في أمور لم تتغير أو يُحَسِّن من أحوال لن تتحسن .. لكن من يحسبون الوقت .. ويتابعون الأحداث .. ويحللون الوقائع .. لن يجدوا في الأمور فوارق.. فالنتيجة في كل الأحوال رئيس مدى الحياة .. سواء كان الرئيس شخصاً واحداً باسمه ولحمه وشحمه.. أو كان عدداً محدوداً من الشخوص بأسماء وألقاب متعددة .. التمعن في أغلب أحوال الديمقراطيات القائمة على فكرة التداول يبين أن مدّة الرئيس غالباً ما تكون 5 سنوات وقد تطول إلى 7 سنوات أو تقصَّر إلى 4 سنوات.. في معظم الدساتير يُسمح للرئيس بالاستمرار لدورتين متتاليتين .. بمعنى أن يحكم لمدّة عقد من الزمان.. بشرط إعادة الانتخابات.. وقد تصل إلى عشرين أو ثلاثين بشرط إيجاد فواصل إعلانية.. يدير خلالها الرئيس في أغلب الأحيان الأمور من وراء ستار.. كما هو التوافق الشهير بين بوتين وميدفيديف.. ولو تم التغير وتبدلت الأسماء.. فإن الحال سيبقى على ما هو عليه ..لأن النظام هو النظام والمؤسسات هي ذات المؤسسات.. وإن تغير الرئيس من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار....إذا حسب الزمن بالجيل... فإن عدداً قليلاً من الناس سيرأسون عدّة أجيال من البشر.. أي أن الفرد العادي سيحكم مدى حياته وربما حياة أولاده بعدد محدود جداً من الأفراد.. فعن أي تداول يتحدثون .. ولأية مشاركة للناس يدعون .. أليست مسرحية واحدة تتكرر مشاهدها بنفس الممثلين.. في المسرح عرض المسرحيات قد يستمر لسنين فيضطر المنتجون إلى استبدال ممثل بآخر بالنظر لطبيعة أعمال الممثلين وظروفهم الحياتية.... لكن عرض المسرحية يستمر.. رغم تغير المشاهدين.. وتبدل أوضاع الجالسين.. وفي كل الأوقات .. يسمع التصفيق لذاك المشهد أو تلك الممثلة وهكذا..إن السمة السائدة لأنظمة الحكم اليوم مهما تعددت أشكالها .. وأنواعها هي ثبات الحكام رغم تغيير المحكومين حتى وإن ادعى البعض أنهم يطلبون التغير ومهما كتبوا ونقشوا وقالوا في الدساتير .. بأنها تتيح الفرصة للجميع للوصول إلى سدّة القرار .. وتضمن حقوقهم .. ومهما تعددت المنظمات والمؤسسات التي تراقب الانتخابات.. إنها لعبة مكشوفة .. تعريها الأحداث .. ويوضحها تكرار المشاهد .. لكنها تنطلي على كثيرين وإن كان البعض يغض عنها النظر ربما بأمل أن الفرصة قد تتاح لهم ليصلوا إلى مواقع تضعهم مع العليين في سدّة هرم السلطة الثابت المثبت بالقوانين..في بلاد الرافدين كان بعض السياسيين التقليدين الذين خاضوا تجارب الانتخابات لعدد من المرات قد أصيبوا بالغثيان عندما علموا أن نتيجة الفرز أتت بما لا تشتهي الأنفس وحسمت الأمر.. فسقطوا مغشياً عليهم لأن القطار سيكون قد فات وأنهم لن يجدوا فرصة أخرى للعب على الحبال والتلاعب بمشاعر الجماهير.. والتحدث عن التغيير والتطهير .. أما في النيجر فإن السياسيين وأعوانهم المستفيدين لم يجدوا وسيلة سوى التشبث بالدستور عساهم أن يمنعوا الرئيس من البقاء إلى أجلٍ طويل.. الرئيس ألغى الدستور.. وما وراء الدستور من محاكم، وأجهزة.. لاتهم المخاطر التي تنتظر البلاد ولا المآسي التي سيواجهها العباد.. في أمريكا اللاتينية الحرب على قدم وساق حول أهمية الحفاظ على الدستور.. وضرورة تبديل بعض المواد حتى يصار إلى إعادة الانتخابات.. لتجد أنظمة اليسار الثورية وقتاً تزيل فيه آثار حكم اليمين المرتبط بالغرب .. المهم مسألة الرئاسة والرئيس هي همُّ الهموم وهي الحديث الدائم لكل وسائل الإعلام.. وهي عنوان الموائد المستديرة والحلقات .. وموضوع الجدل في الصالونات .. وما إن تختفي في أحد الأماكن حتى تظهر في أخرى متعددة.. سؤال بسيط يتجنب الجميع طرحه.. هل فعلاً هناك تعدد وتداول .. لنا أن نغوص في الأمثلة ونكرر الأسئلة.. كم عدد الملايين في بريطانيا .. وكم عدد المتداولين على حكمها بعد انتهاء الحرب الكونية الثانية .. وهكذا الحال في بلاد الفرنسيين والروس وديار الفرس والألمان.. أمّا في المستعمرات القديمة فحدث ولا حرج.. واحسب ما شئت عن أعداد الأفراد اللذين حكموا ويحكمون منذ إعلان الاستقلال وقطع التبعية المباشرة مع المستعمر.. الأنظمة السائدة سواءٌ تغير الدستور أم لم يتغير هي نموذج واحد.. في الشكل والمضمون .. فلماذا هذا الضجيج حول التشبث بالدستور أو المطالبة بالتعديل.. تتبدل الأحزاب من هذا الجانب إلى ذلك وتتغير المواقف رأساً على عقب .. في إحدى المرات كان زعيم حزب معارض في بلد ما يعتمد سياسة التداول يلقي خطاب إطراء ومديح في رئيس تفضل بالقبول للترشيح لفترة أخرى بعد أن عدّل الدستور.. قلت في نفسي مسكين هذا المعارض .. ومساكين أعضاء حزبه.. كم هم مقهورون وهم مضطرون لتأييد انتخابات الرئيس المعارضون له نظرياً.. لكن أفظع أنواع القهر أن يقول ذلك المعارض ما قال..خلاصة القول أن الحال واحدٌ سواءٌ سمح للرئيس بتجاوز الدستور.. واستمرار تقلده للأمور أم لا .. إنه وجه واحد لعملة واحدة قد تصبح بائرة في وقت قريب وإلى ذلك الحين سيبقى الرئيس مدى الحياة..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
مهدي اليستري : السلام عليك ايها السيد الزكي الطاهر الوالي الداعي الحفي اشهد انك قلت حقا ونطقت صدقا ودعوة إلى ...
الموضوع :
قصة السيد ابراهيم المجاب … ” إقرأوها “
ابو محمد : كلنا مع حرق سفارة امريكا الارهابية المجرمة قاتلة اطفال غزة والعراق وسوريا واليمن وليس فقط حرق مطاعم ...
الموضوع :
الخارجية العراقية ترد على واشنطن وتبرأ الحشد الشعبي من هجمات المطاعم
جبارعبدالزهرة العبودي : هذا التمثال يدل على خباثة النحات الذي قام بنحته ويدل ايضا على انه فاقد للحياء ومكارم الأخلاق ...
الموضوع :
استغراب نيابي وشعبي من تمثال الإصبع في بغداد: يعطي ايحاءات وليس فيه ذوق
سميرة مراد : بوركت الانامل التي سطرت هذه الكلمات ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
محمد السعداوي الأسدي ديالى السعدية : الف الف مبروك للمنتخب العراقي ...
الموضوع :
المندلاوي يبارك فوز منتخب العراق على نظيره الفيتنامي ضمن منافسات بطولة كأس اسيا تحت ٢٣ سنة
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
غريب : والله انها البكاء والعجز امام روح الكلمات يا ابا عبد الله 💔 ...
الموضوع :
قصيدة الشيخ صالح ابن العرندس في الحسين ع
أبو رغيف : بارك الله فيكم أولاد سلمان ألمحمدي وبارك بفقيه خراسان ألسيد علي ألسيستاني دام ظله وأطال الله عزوجل ...
الموضوع :
الحرس الثوري الإيراني: جميع أهداف هجومنا على إسرائيل كانت عسكرية وتم ضربها بنجاح
احمد إبراهيم : خلع الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني لم يكن الاول من نوعه في الخليج العربي فقد تم ...
الموضوع :
كيف قبلت الشيخة موزة الزواج من امير قطر حمد ال ثاني؟
فيسبوك