( بقلم : مروان توفيق )
بعد المقابر الجماعية هناك في بلاد الرافدين 650 ألف ضحية, نعم 650 ألف ضحية بعد سقوط النظام الساقط أصلا ولكنه كان ميتا بوقوفه حتى أتى من يحمله ويحميه من سقطته الفعلية, 650 ألفا والاعداد بازدياد كل يوم متجاوزة هذا الرقم المرعب . أما العوائل المنكوبة بفقدان تلك الضحايا فقد فاقت هدا العدد بأضعاف مضاعفة وزاد عذابها تركها لبيوتها لتهاجر مرغمة الى مدن أخرى نتيجة عنف احدثته عصابات النظام الساقط ومعها التكفيريين ممن ركب موجة(الحملة الايمانية) التي بدأها الطاغية الارعن. أمست تلك العوائل المنكوبة تعيش في مخيمات موقتة تحت سماء وطنها! ومن مصائب الاقدار أن غدا الاحياء يحسدون الموتى الرحل عن هذا العالم المشحون بالقتل بعد يأس الاحياء من السلام.
يسعى جميع الطيبون في العراق نحو سلام وعدالة قدر مايستيطعون بأعمالهم وتجمعاتهم وبأرشاد المسؤولين عن مصادر الفتنة والخراب. لكن المؤسف حقا أن السبب الاول في هذا الدمار حي يرزق وتحت رعاية صحية ينعم بزيارة الاطباء أكثر من مرة في الاسبوع ويتناول ما يشتهي من اطعمة, ويخرف متى شاء ويرسل تخريفاته عن طريق محاميه, يخضب شعره دوما وكأنه قد زود ب (سطل) صبغ ليخفي شيبه فعهدنا به مريض بالنرجسية وبحب جلب الانتباه لشخصه الوضيع. أما شلة المجرمين فكذلك, مزودين ب (العكل والغترات) ودشاديش نظيفة مكوية والى اخره من عناية أطباء ومحامين وحراس, فيا لتعس الذين ماتوا بلا بواكي, ويالضيعة من يموت كل يوم على يد تكفيري عفن أو بعثي قذر. لا يقدر بعض المواطنين على ثمن دواء ولايملك احدهم ما يكفي لاطعام عائلة منكوبة ورأس شقاءه وسبب عذابه يتنعم بخضاب وعناية.
محاكم وجلسات ,اضواء الات تصوير ومناقشات وضحايا يستهزأ بأقوالهم لانهم لا يتقنوا العربية كما شاهدناجلسات الانفال التي تسحق القلب غما وحزنا وتتأجل المحكمة لاسبوع أخر وهكذا, ورقم الضحايا في تصاعد والهاربون ماضون الى غير هدف سوى نجاة من براثن وحوش ادمية . لا ننكر بل ندعو البارئ ان يحفظ من قد وضع روحه على كفه من رجال الشرطة والجيش في مساعيهم النبيلة للقضاء على شراذم الاجرام, ولكن ما فائدة القبض على سفلة لايستحقوا شهقة هواء. ما الغاية من القبض على قتلة لايداعهم السجون حتى وقت المحاكمة, اسوة بسيدهم المعتوه. كم شهيد مضى وكانت غاي أمانيه أن يرى نهاية مجرم العصر في نهاية محتومة راحلا الى زبانية جهنم, ولكنه رحل قبل ذلك اليوم المأمول , لماذا؟ لأن العدل ينبغي أن يكون بمحاكمة تشابه محاكم اهل التحضر والمدنية! أي تحضر وأية مدنية, أليس الجزاء يجب أن يكون من جنس العمل, أليس لنا في القصاص حياة أم علينا الانتظار والرقم يتصاعد في تضاعفه, وفي كل يوم يمر نودع أحبابا وهم يرحلوا الى العالم الاخر ونحن في الانتظار.
المجرمون لايرعووا بعد معايشتهم للعناية التي تقدم للقتلة أمثالهم, ولذا استشاطوا وصاروا يطلعوا بتبجح على رؤوس الاشهاد بمظاهرات تتطالب بالافراج عن القتلة وبالافراج عن سبب خراب هذا الوطن, ليس ذلك فقط بل ومضوا في غيهم وطالوا الرجال الذين يحاكمون النكرة المجرم, تارة يقتلوا صبيا في التاسعة كما فعلوا مع ابن اخت القاضي الشهم محمد عريبي وتارة يقتلوا اخ المدعي العام ومرات عديدة يهددوا ويتوعدوا ولاندري كم من المرات نجا الطيبون من محاولات قتل على ايدي المجرمين, المجرمون الذين يعيشون بحرية بيننا ويعاملون (بتحضر ومدنية).
حكومتنا التي لاتملك كل الحرية فيما تفعل لانها مقيدة بأسس التحضر والمدنية والديمقراطية ومقيدة بقوات التحرر, ولكن نقول على قدر أهل العزم تاتي العزائم, فألى متى ياحكومتنا الموقرة ننتظر ونودع احبابنا القتلى كل يوم, ونبكي على العوائل المنكوبة المهجرة ,متى يتم اسدال الستار عن مسرحية المحاكمة الطويلة التي تزيدنا غما فوق غمنا , افيدونا بربكم فقد طفح الكيل طفحا.مروان توفيق
https://telegram.me/buratha