( بقلم : الصاحب الشريفي )
طبقاً لفتاوى سماحة السيد السيستاني أدام الله تعالى ظله الوارف فإن المعتبر في ثبوت هلال شهر رمضان وشوال وغيرهما من الشهور القمرية هو الرؤية الفعلية للهلال، ولا تكفي الحسابات الفلكية بخروج القمر من المحاق أو بقابلية وضعه الفلكي على الرؤية ما لم تتحقق الرؤية الفعلية.
وتثبت الرؤية الشرعية برؤية المكلف نفسه للهلال، أو بأن يثبت لديه أن رجلين عادلين قد رأياه، أو بأن يحصل له العلم أو الإطمئنان بأن الهلال قد شوهد بالعين المجردة فعلاً. هذا بشرط أن تكون الرؤية قد تحققت في نفس بلد تواجد المكلف أو في بلد شرقه بشرط أن لا يبتعد عنه في خطوط العرض كثيراً. أما إذا كان بلد الرؤية واقعاً غرب بلد تواجد المكلف فيثبت أيضاً إذا أحرز أن هذه الرؤية ملازمة للرؤية في بلده كأن يبقى في الأفق مدة أطول من زمن الفرق في وقت غروب الشمس بين البلدين، وإلا فلا تثبت. كما يثبت الهلال بمضي ثلاثين يوماً من الشهر السابق له.
وبعد هذه المقدمة يطيب لنا أن نبين نتائج الحسابات الفلكية لرؤية هلال شهر شوال المكرم لعام 1427 لمدينة بغداد وضواحيها، حيث يولد الهلال (أي يخرج من المحاق) بمشيئة الله سبحانه في الساعة 8,16 صباحاً يوم الأحد 28 رمضان / 22 تشرين الأول 2006 ولا يكون موجوداً في الأفق بعد غروب شمس يوم الأحد حيث يأفل القمر في الساعة 17،12 بينما تغرب الشمس في الساعة 17،21 ، أي أنه يأفل قبل غروب الشمس بتسع دقائق.
أما في ليلة مراقبة الهلال أي ليلة الإثنين على الثلاثاء فإن غروب الشمس في مدينة بغداد يكون بمشيئة الله تعالى الساعة 7,20 ويكون عمر القمر حينئذ 33 ساعة و4 دقائق، ويبقى فوق الأفق 22 دقيقة بعد غروب الشمس، إلا أن ارتفاعه عن الأفق حين غروب الشمس هو 4 درجات. وتبلغ نورانيته نسبة إلى أكبر نورانية للقمر عندما يكون بدراً 0,015 وهذا الارتفاع بهذه النورانية بمدة المكث بعد الغروب القليلة هذه تجعل احتمالية رؤيته بالعين المجردة ضعيفة.
وحينئذ إذا لم تثبت رؤيته بالطرق الشرعية التي ذكرناها سابقاً كما هو المظنون فلكياً فإن يوم الثلاثاء سيكون اليوم الثلاثين من شهر رمضان، وسيبدأ شهر شوال يوم الأربعاء بإذن الله تعالى. وقد يبدو الهلال بعد غروب الشمس ليلة الثلاثاء على الأربعاء كبيراً لأن عمره يبلغ حين غروب الشمس 57 ساعة و3 دقائق ويبقى فوق الأفق بعد الغروب مدة 58 دقيقة. وهذا يشجع الذين ليس لهم معرفة كافية بطرق ثبوت الهلال وبالحسابات الفلكية أن يتكلموا بما لا يليق. أعاذنا الله جميعاً من قلة التدبر، ووفقنا لما يحب ويرضى ونسأله سبحانه أن يجعل هذا العيد عيد خير وأمان ونصر للمؤمنين إنه نعم المولى ونعم المجيب.
وهنا بودّنا أن نبين نتائج الأرصاد الفلكية العملية لبداية شهر رمضان المبارك الذي صامه بعض المسلمين ولم يكن شيء في السماء اسمه الهلال بعد غروب يوم الجمعة 22 أيلول لأنه قد أفل قبل غروب الشمس. بل حتى في الليلة التالية لليلة ادّعاء الرؤية لم يُرَ الهلال حتى بالمناظير الفلكية. وهذا هو وفق ما ذكره رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة في الإمارات حيث قال ما يلي:(هذا وقد ذكرنا مسبقا أن رؤية الهلال يوم السبت هي صعبة أيضا! ولذلك بدأت بعض الدول صيامها يوم الاثنين، فقد قمنا بمحاول لتحري الهلال يوم السبت من على قمة جبل حفيت في مدينة العين في دولة الإمارات مستخدمين تلسكوب محوسب بقطر 10 بوصة، ويتوجه التلسكوب أوتوماتيكيا نحو الجرم السماوي المطلوب رصده، وللتأكد من دقة التوجيه، فقد تم توجيه التلسكوب نحو كوكب المشتري واستطعنا رؤيته في منتصف حقل الرؤية وبعد ذلك تم توجيهه نحو كوكب عطارد الذي كان ملاصقا للقمر في ذلك اليوم واستطعنا رؤيته و لكن عندما تم توجيه التلسكوب نحو القمر لم نتمكن من رؤية الهلال! فإن كنا نحن كفلكيين لم نتمكن من رؤية الهلال من على قمة جبل يوم السبت باستخدام تلسكوب محوسب، فكيف يدعي من يدعي أنه رآه بالعين المجردة يوم الجمعة!
وقد قام راصدو الهلال في السعودية بتحري الهلال يوم السبت من أربعة مناطق مختلفة مستخدمين تلسكوبا محوسبا في بعض المناطق ومناظير في مناطق أخرى ولم يروا الهلال، و في الكويت حاول أكثر من 60 شخصا رؤية الهلال فلم يتمكنوا على الرغم من استخدام المناظير، وفي الأردن لم يتمكن أكثر من 40 راصدا رؤية الهلال حتى باستخدام المناظير، وفي الجزائر حاول أكثر من 40 راصدا مزودين بستة مناظير رؤية الهلال ولم يتمكنوا وكذلك الحال في المغرب، تجدر الملاحظة أننا نتحدث عن يوم السبت! فالهلال لم ير يوم السبت من قبل راصدين محترفين متواجدين في مناطق مختلفة، فكيف يا ترى ظهر الهلال يوم الجمعة! إن كان الهلال قد ظهر يوم الجمعة فهذا يعني أنه يجب أن يكون يوم السبت أكبر وأعلى ويراه الشخص العادي، و لكن في الحقيقة لم يتمكن حتى الفلكيون من رؤيته يوم السبت حتى باستخدام التلسكوب! ).
https://telegram.me/buratha