( بقلم : محمد الوادي )
الكتابة عن امير المؤمنين علي بن ابي طالب "ع" , لايمكن ان تاخذ مداها التي يتمناه اكبر واعظم الكتاب في كل الدنيا , لذلك دائمآ ترى هذا الحق لايكتمل في هذا الميدان لان علي بشخصه ولابمكانه وزمانه يمكن لاحد استيعابه او الالمام بكل التفاصيل الالهية التي تحيط به .
فهو وليد أقدس البيوت . البيت العتيق الكعبة المشرفة ولم يسبقة بذلك شخص كان او يلحقة اخر , فهو وليد الكعبة ولم يكن ذلك مصادفة بل هو اصطفاف الهي لم يشاركه به احد , وقد طهر الخالق وجهه منذ اللحظة الاولى عن رؤية الاصنام فما طاف بالهيكل ولاتوجه الى صنم او سجد الى الاوثان منذ ولادته وحتى كان الاسلام . واستمرت تلك الحلقات الالهية ترافقه وهو في عامه السادس حيث انتقل من بيت ابيه ابي طالب الى بيت ابن عمه محمد بن عبد الله .لياخذ طريقه لامحال " الالهي" في مرافقة وجدان الرسالة المحمدية وجوهرها الأصيل ولتندمج روحه الطاهرة في ظلال النبع الصافي والنقي لبيت النبوءة العربي الصادق الامين
لم يكن ذلك الانتقال والعيش مصادفة , مثلما لم تكن الولادة في البيت العتيق مصادفة , انها البداية الحق المشمولة باصطفاف ارادة الرحمان واختيارات السماء الالهية . ولم يكن ايضآ بعيدآ عن هذا الاصطفاف الرباني وهو عليه السلام يخاطب نبي الرحمة "ص" ويقول ( ياابن عمي . اني سمعت وأجبت واني أشهد بشهادة الاسلام . وأن لااله الالله وانك رسوله ) .
دون تردد ينطقها لانه لم يكن يومأ من الذين تملكتهم روحآ وثنية , ولم يكن قاسيآ على الاسلام , ولم يكن سيفه محاربآ للاسلام ثم بعد ذلك "أرتعد " وأنعم الله عليه بالايمان وأهتدى بعد كفر . بل ارادة الله جل جلاله أن يكون منذ ولادته وحتى استشهاده منجم ونشاءة للهداية والدين . فكان الاول في ولادته في الكعبة والاول من سمي بهذا الاسم " علي " الذي اختاره له رسول الله "ص" , واول من دخل الاسلام بعد النبي , واول من دخل محراب الصلاة وصلى مع النبي , واول من فدى النبي بحياته بان ينام في فراشه , وكان قبل ذلك هو الوحيد الذي يرى رسول الله "ص" في غار حراء دون احد غيره . فكان للنبي اختيارآ الاهيآ أخآ وخليلآ ادار وجهه للاصنام واستقبل القران . فكان وليد الكعبة وشهيد المسجد . يعجب المرء ويتعلم من سيرته الزكية ولكن لايمكن ان يكون مثله تمامآ . لانه بعد نبي الله "ص" علي . العبقرية كلها والبطولة كلها وهو القائد وهو الخليفة وهوالعالم بالفلك وهو البلاغة كلها وهو الفيلسوف والقاضي العادل وهو الاخلاق والدين والحكمة الرفيعة وهو المؤسس لعلم النحو والفقه والشاعر وهو مؤسس عدالة الدولة والدولة العادلة ودولة الايمان والقران على حد سواء وهو الحافظ الصادق النقي لكل تراث رسول الله "ص" وهو أمير المؤمنين وليس غيره . سيرته وحياته سجل من الحياة الانسانية والاسلامية الثرية الراقية . كيف لا وهو المجيب لمعاوية ابن ابي سفيان قائلآ عليه السلام في أفضلية الايمان ( فكنا أهل البيت اول من آمن وأناب . فمكثنا ومايعبد الله في ربع من سكن ارباع العرب أحد غيرنا ) وقوله عليه السلام العامل بالحجة والحكمة ( ولقد أتاني ابوك حين قبض رسول الله "ص" وبايع الناس ابا بكر فقال " انت احق الناس بهذا الامر فابسط يدك أبايعك " وقد علمت ذلك من قول ابيك , فكنت الذي أبيت ذلك مخافة الفرقة , لقرب عهد الناس بالكفر والجاهلية ) وفي رسالة بطولة جوابية الى معاوية يقول "ع" ( فان كان فيك عجل فاسترفه ,فاني أن أزرك فذلك يكون الله قد بعثني للنغمة منك . وعندي السيف الذي أعضضته بجدك وخالك واخيك في مقام واحد ) يقول له امير المؤمنين لاتستعجل استرح انا القادم لك بسيفي الذي قتل جدك عتبة بن ربيعة وخالك الوليد بن عتبة واخوك حنظلة . وكلهم قتلى امير المؤمنين عليه السلام في معركة بدر . وهو عليه السلام القائل في الانسان ( أما اخ لك في الدين او نظيرآ لك في الخلق ) كيف لا وهو الذي يوصي الاشتر في كتاب منه لحرمة دم الانسان ( اياك والدماء وسفكها بغير حقها . فأن ليس شيء أدنى لنغمة ولااعظم لتبعة , ولاأحرى بزوال نعمة وانقطاع مدة, من سفك الدماء بغير حقها , والله سبحانه مبتدىء بالحكم بين العباد فيما تسافكوا من الدماء يوم القيامة ) وهو عليه السلام الذي يؤسس الى مبادئ الاسلام الصحيح في الارض وأسس العدالة مع الرعية عندما يحذر من المفسدين والمنافقين من البطانة المقربة بقوله ( يخربون العمران ويفسدون الضمائر ويثيرون الفتن ) وبذات الوقت يوصي بالتقلب والتنبه الى الصنف الاخر من الرعية من اهل العلم والدراية والحكمة ( واكثر مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء , في تثبيت ماصلح عليه أمر بلادك ) وهو امير المؤمنيتن الذي يعاتب أبنته زينب لانها جاءت له بفطور احد ايام شهر رمضان الماء والملح والخبز فقال لها ( ها تريدني ان اقف كثيرآ يوم القيامة امام الله فارفعي احدهما ) فترفع الملح ويفطر خليفة المسلمين وامير المؤمنين بالخبز والماء.
وامير المؤمنين عليه السلام الذي يرفع كفة العلم على المال و هو يقول الى كميل بن زياد ( ياكميل العلم خير من المال , العلم يحرسك وانت تحرس المال , والمال تنقضه النفقة . والعلم يزكو على الانفاق, وصنيع المال يزيل بزواله . ياكميل هلك خزان الاموال وهم احياء والعلماء باقون مابقي الدهر , اعيانهم مفقودة , وامثالهم في القلوب موجودة ) هذه المدرسة والآرث والتاريخ الضخم الذي يشرف كل المسلمين الذي و يقول بحقه عمر بن الخطاب "رض" " لايفتيني أحد بالمسجد وعلي حاضر " . بعد كل ذلك وغيره الكثير ياتي من " الناعقين واللئام" من الاعراب ليستكثروا على الامة الاسلامية واتباع اهل البيت الاحتفال واحياء ذكرى ولادة او استشهاد امير المؤمنين وابن عم وخليل رسول الله وزوج بنت خاتم الانبياء وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء "ع" واب سيدا شباب اهل الجنة الحسن والحسين وكل العترة الطاهرة من الائمة المعصومين الطاهرين "ع" أجمعين .
من مثلك ياسيدي ومولاي .. وانت القائل ( لاتستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ) ومن مثلك ياسيدي وكأنك ترى بنور الله حال اتباعك ومحبيك في زماننا هذا وهم يذبحون وتسفك دمائهم فقط لحبهم فيك وانت توصي ان ( من علل الزمان على الحر أن يرى عدوآ لابد من صحبته بدآ ) من مثلك ياسيدي وانت توصي بدستورنا مع الاخرين في وصيتك الى الحسن "ع" ( فأحبب لغيرك ماتحب لنفسك . واكره له ماتكره لها )
[ فالسلام عليك ياأمير المؤمنين عليك مني سلام الله ابدآ مابقيت وبقي الليل والنهار ] وانت الفائز في مثل هذا اليوم وكل يوم وانت الصادق القائل ( لقد فزت ورب الكعبة ) .
اما خصومك واعدائك فهم خصوم واعداء الاسلام واعداء محمد النبي العربي الصادق الامين "ص" وأني بقول الشاعر لهم قائلا :
أين القصور أبا يزيد وزهوها والصافنات ولهوها والسؤددُ
كتل من تراب بخربة ً سكر الذباب بها فراح يعربدُ
قم وارمق النجف الشريف بنظرة يرتد طرفك وهو باكي ارمدُ
تلك العظام أجل الله شئنها ولولا خوف الله تعبدُ .
محمد الوادي
https://telegram.me/buratha