( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
الرقم الذي اعلنه العديد من المسؤولين السياسيين وناشطين في حقوق الانسان في العراق للعوائل المهجرة قسراً من مناطق سكناها والذي وصل الى اكثر من(51)الف عائلة مهجرة في عموم مناطق العراق يعتبر رقماً مخيفاً جداً وخاصة على مستوى العلاقات الاجتماعية بين ابناء الشعب الواحد او على صعيد تمزيق وشائج ولُحم العراقيين.
إن جريمة التهجير القسري الجارية اليوم في المناطق التي تتعدد فيها الطوائف شكلت خرقاً واضحاً لحقوق الانسان وربما فاقت في بعدها الاجرامي ممارسات النظام البائد في تهجير العوائل العراقية وتغيير الحالة الديموغرافية لاحكام سيطرته على المناطق التي كانت تعتبر عدوة له وتضم شرائح كبيرة من العراقيين الرافضين لسلطته الدكتاتورية العنصرية الطائفية آنذاك فهذه الجرائم التي ترتكب يومياً ضد اتباع اهل البيت(ع)تعد من اكبر الجرائم من حيث اتساعها وشموليتها والتي اتسمت بمنتهى التخلف فيما اتسمت ايضاً بعقلية متحجرة جامدة لا تراعي أي اعتبار للعلاقات الانسانية او الدينية او الاخلاقية او على مستوى الجيرة.
نحن عندما نقول أن هذا الرقم مخيف جداً فلاعتبارات عديدة منها على سبيل المثال لو افترضنا ان كل عائلة من هذه العوائل تتكون من خمسة افراد فان عدد افراد هذه العوائل سيصل الى(255000) مواطن دون مأوى او وسيلة عيش وإذا افترضنا أن كل عائلة تحتاج الى مسكن فلا بد من توفير(51000)وحدة سكنية لا ستيعاب هذه العوائل المشردة ثم اذا افترضنا ان لدى كل عائلة من هذه العوائل ثلاثة طلاب مدارس فسيكون عدد الطلاب المحرومين من مقاعد الدراسة(153000)طالب وطالبة ناهيك عن المستلزمات الاخرى. من الناحية الانسانية فإن الدولة ملزمة بتوفير وحدات سكنية لهذه العوائل وهذا ضرب من المستحيل في ظل الظروف الحالية حيث ان الدولة ستعجز بالتأكيد عن توفير سكن لكل عائلة من هذه العوائل ناهيك عن توفير الغذاء والدواء وحفظ امنهم واستقرارهم وتوفير مدارس لابنائهم وبهذا الرقم الكبير.
ان المعالجات الجارية الآن من قبل الدولة لهذه المشكلة والجهود المبذولة في هذا الصدد لا ترقى الى حجم المشكلة فالمبادرات الحكومية لا زالت بسيطة جداً ومحدودة ولا تحمل حلاً جوهرياً للمشكلة خاصة ونحن على ابواب فصل الشتاء البارد وابتداء الدوام الرسمي في مدارس العراق، اذاً ما هو الحل لهذه الازمة؟إن الحل الجذري الذي نعتقد به والذي يمكن أن يؤسس لاعادة هذه العوائل الى سكناها يكمن في :-
اولاً: أن يصدر علماء الدين من الطائفتين الشيعية والسنية فتوى بتحريم التهجير القسري باعتباره من الكبائر خاصة ونحن نعيش شهر الخير والمحبة والاخاء والبركة.
ثانياً: وبما أن المشكلة سياسية وطائفية بحتة فلا بد من ادراج هذه المشكلة ضمن المواد المطروحة في مبادرة المصالحة الوطنية ولكونها طائفية ايضاً فمن المنطقي جداً أن يصار الى ان دعاة التهجير هم متآمرون على وحدة العراق وعلى وحدته الوطنية وعملهم هذا يشكل انذاراً لتقسيم العراق على اساس طائفي بغيض يرفضه كل الشرفاء من ابناء العراق الغيارى فلا بد من تكثيف الجهد العسكري لملاحقة المجرمين وإعادة المهجرين تحت حماية القوات العسكرية ومرابطة القوات داخل هذه المناطق لرصد تحركات هذه الزمر التكفيرية المتحالفة مع بقايا النظام البائد الذين يحاولون وقف العملية السياسية وهذا يشكل ضرراً فادحاً في الوصول الى النجاح الكامل للمصالحة الوطنية.
ان هذا العدد الكبير من المهجرين سوف يشكل عبأ ثقيلاً يضاف الى أعباء الحكومة سواء على المستوى الوطني او الانساني او الحقوقي ولكي لا تتفاقم المشكلة اكثر فأكثر اذا تركت الحالة تحت المعالجة(الترقيعية)الجارية لا بد من إيجاد الحل الجذري وفقاً للفقرتين اللتين نراهما يشكلان حلاً ناجعاً ولا بد من فرضه بكل قوة لانهاء مأساة هذه العوائل المظلومة.
https://telegram.me/buratha