المقالات

وقفة مع قناة المستقلة

2774 02:33:00 2006-10-13

( بقلم : د. حيدر البابلي )

ليست هي المرة الأولى وما أظنها الأخيرة التي تقف فيها فضائية المستقلة موقف المحرض الذي يتظاهر بالحيادية في الطرح والموضوعية في النقاش, إذ كنت متابعاً لسلسلة حلقاتها وموضوعات نقاشها السياسية منها والدينية.

وقبل عام تقريباً لفت نظري ولاح في خاطري أن أكتب عن سياسة طرح هذه الفضائية متناولاً منهجها في إدارة الحوار وسياستها في آختيار الشخصيات وتناول الموضوعات لكني عدلت عن ذلك ,واليوم تعود المستقلة لتفجر طرحا ًمتأزماً مرة أخرى كان مثار النقد اللاذع الذي يخرج عن مسار الموضوعية بل آداب الحوار من فبل بعص المتصلين , ففي مساء يوم الاثنين الموافق 25/9 عرضت فضائية المستقلة موضوعاً تناولت فيه دور المرجعية وأثرها في الوضع العراقي.

وما راعني من موضوع المناقشة إلا بعض الأبواق التي سقطت من أعين الناس وسبق أن عزف عليها من سبقه أمثال الربيعي لمّا استضيف في قناة الجزيرة ونال من مقام المرجعية بما لا يليق وقبله المرادي الذي نزل ضيفاً على الجزيرة كذلك ونال حينها من مقام مرجعية السيد محسن الحكيم "ق س", وهذه المرة مع سمير عبيد بوق من أبواق العمالة والضلالة وقد استضيف من قبل الجزيرة أيضاً ذات مرة واليوم تستضيفه قناة المستقلة عبر اتصال هاتفي بوصفه كاتباًً ومحللاًً سياسياً، وكان ضيوف الحلقة حينها الأستاذ طالب الصراف ومحمد الخزاعي ورجل آخر يدعى الموسوي.

شهدت من حلقة الحوار جزءها الأخير وكان الحديث يحوطه التشنج والسبَّ والقذف - زوراً وبهتاناً - على مقام المرجعية من المتصل سمير عبيد الذي اتهم المرجعية بموقف المتخاذل- حاشا لها- بأزاء ما يجري وممارسات بعض الأطراف السياسية التي سكت عنها, لا أريد أن أتقوَّل على الرجل لكن مضمون حديثه كان يفيد طعنا واتهاماً سافراً, وليت شعري لو وقف الأمر عند هذا الحد لقلنا: عراقي حريص على بلده التبس عليه الأمر ولديه كلمة عتاب ولا يدري من المتسبب الحقيقي لما يجري.لكن سمير عبيد لم يكن ملتبساً عليه الأمر فلم تكن ضالته الحقيقة- مهما زعم- لأن من كان مشتبهاً او متحفظاً من موقف ما لجهة ما ينبغي أولاً أن يلتزم أدب الحوار, وأن لا يقذف التهم جزافا إلا أن المستمع الحصيف يدرك أن سمير عبيد كان يعني ما يقول متجاوزاً حالة الاشتباه الى حالة الاتهام بل تجاوزها الى السخرية والاستخفاف متجاذباً الحديث مع الأستاذ طالب الصراف ساخراً منه, ومن المرجعية باللهجة العراقية , ولكي يعيد التوازن الى شخصيته وثقة المشاهد به- إن وجدت- عزف على وتر الوطنية من جديد حال أمثاله, وتراءت له القومية أنها المعيار الحقيقي لعراقية العراقي فانتهى إلى أن المؤامرة كبيرة ابتدأها عملاء الفرس بتصفية المرجعيات العراقية أمثال السيد محمد بافر الصدر "ق س" فصفا الجو من كدره الى المرجعيات الفارسية أمثال السيستاني وبشير النجفي معترضاً على وجود مرجعية من غير العراقيين.

أقول لسمير عبيد وغيره من ضيوف المستقلة ممن نعرفهم بالمشاهدة والمتابعة - طرحاًً وتوجهاً- أذكركم بقول للإمام علي عليه السلام يقول فيه: "المرء مخبوء تحت لسانه", وما يبدو على المرء من فلتات لسانه وصفحات وجهه يكشف عن محتواه, فلا تضعوا أيها الساسة أنفسكم مواضع التهم, أو موضع الذم عند الناس, وإن من أدب الحوار بين الأطراف المتنازعة مراعاة آداب الحديث لم أجد الكثير-ممن استضيف أو اتصل راعى هذه الآداب, ومنهم سمير عبيد الذي انتهك حرمة هذا الشهر فنال بالزور والبهتان من رجل أجلّّّ قدراً وأرفع منزلاً من أن يرقى إليه طير سمير عبيد .نعم حصل أن عارضت أطراف سياسية-لأية غاية كانت- بعض مواقف المرجعية لكنها لم تتهمها كما فعل سمير عبيد وأقرانه.

لم يكن الرجل –سابقا- بهذا التعنت والتهتك لما استضيف على قناة الجزيرة مرةً, كان أخفّ لهجة وأعدل موقفاً مما نسمعه ونراه منه اليوم , وليته عاد إلى منطق طرحه السابق لكنه ضاق ذرعاً فافتضحه لسانه زاعماً أن هناك مؤامرة لتصفية المرجعيات الوطنية العراقية حتى خلت الوسادة الى المرجعية غير العربية.

أقول هنا: إنّ مزاعم سمير عبيد أهون من أن يردّ عليها لكنها تذكرة تنفع القارىء وطالب الحقيقة لتتجلى له الحقيقة من أباطيل المخادعين.

1-ليعلم القارئ الكريم أنّ شبهة فرز المرجعية وتصنيفها الى عربية وأعجمية لم تكن طرحاً جديداً بل ابتدعها الفكر البعثي الصدامي ضمن سياسة إضعاف المؤسسة الدينية الحقَّّة, وقهرها يتشتيت صفوفها وإلقاح بذرة التنافس العنصري في ظل السياسة الأستعمارية للشعوب وتحت شعار "فرِّق تسد", ورقة مبيتة دفعت بها المخابرات البعثية الصدامية بهذا الأتجاه وتحركت الى اللعب بها بشكل واضح جداً في الفترة التي بزغ فيها فجر السيد محمد محمد صادق الصدر"ق س" محاولة في ضرب الكيان الحوزوي المتين وإثارة الفتن داخل الوسط الحوزوي وتعبأة الشارع العراقي على ثقافة الطعن والتسقيط لمراجع بأعينهم بوصفهم أعاجم ليسوا عراقيين فأشاعوا ثقافة التصنيف الى مرجعية عربية وأعجمية – في طائفة تمسكت منذ مئات السنين بآراء علمائها بل تعبدت بأرائها- وجعلوا مناط التصدي للمرجعية قومية المرجع لا علمه ولا تقواه متجاهلة -لا جاهلة- أن المرجعية ليست منصباً سياسياً أو حكومياً يخضع إلى الإقالة والتعيين بأمر الحاكم أو رئيس الدولة أو البرلمان كما هو حال الأزهر في مصر.

إذ هي مقام- أعجز عن وصفه فأقول- يمثل القيادة الروحية والأبوية للناس والراعية للمصالح العليا للناس من غير أن تخضع لأية سلطة وضعية أو قانون وضعي، بعبارة أخرى :المرجعية تمثّل الامتداد الطبيعي لمقام الاستخلاف الإلهي لحجة الله على خلقه وخليفته في أرضه, مقام النيابة العامة عن الحجة, فليست هي حكراً لأحد دون أحد ولا لقومية دون قومية, فمن شغر مقامها لا بدّ أن تجتمع فيه صفات التقوى والورع- وكما وصف أن يعرف باستقامته في جادة الشريعة المقدّسة- وأهليته في استنباط الأحكام الشرعية بما يشهد له أهل الفن.

2- أقول بعد ذلك كلَّه:أين قولك ياسمير عبيد مما تقدم ذكره وبينته للقارىء الكريم الذي قد يقع في شراك قولك الزائف, أما كان لك أن تتريث فليس أمر المرجعية اعتباطاً أو جزافاً من القول- كما تظن وتريد أن تقنع الناس- فأين أنت من قوله تعالى "إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم", وأين أنت من قوله النبي"ص" "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى" فهل وجدت في كتاب الله امتيازاًًً للقومية أو امتيازاً للون والنسب ,وهل اختار النبي"ص" أصحابه اتكالا على أنسابهم أو عروبتهم فكن أيها القارىء الكريم حكم عدل بيننا وبين سمير عبيد.

3- أن دعاة الفكر القومي حصروا الوطنية بطوق القومية, ووقفوا عندها, صحيح أنّ عامل الانتساب أو الانتماء مما يولّد شعوراً في الحنين الى الوطن, والتمسك به, وربما الدفاع عنه لكنه شعور لا يمتلكه كلَّ أحد, فقد يدعيه من لاشعور له بالوطنية, فالقوميَّة وحدة انتماء إلى قوم أو بلد من البلدان تجمعهم روابط مشتركة ولا ميزة فيها لقوم أو عشيرة دون الآخرين, لأن تنوع القوميات أمر جعله الله فينا لتوثيق أواصر الوحدة الاجتماعية بين المجتمعات وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى "إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" فالآية الكريمة أبطلت دعوى هؤلآء، أما معيار الوطنية فلا يقاس بالقومية أو يعرف بها –كما يزعم دعاتها- وإنما هي نسبة ولآء المرء وإخلاصه الى وطنه الذي نشأ فيه أو يقطنه, وليس للقومية مدخل في التشكيك بهذا وتمييز ذاك, وذلك الولاء هو ما عبر عنه الحديث الشريف بالحب "حب الوطن" وجعله فرع الإيمان وعنه قال "ص" "حب الوطن من الإيمان" والإيمان معيار يربأ على القوميات والعصبيات والأنساب فهو لا يرى للون والنسب وزناً ,وإنما للورع والتقوى وزناً,ومن عرف الإيمان قلبه ,وعرفه الناس بإيمانه ,ما عاد خائناً أو متخاذلا,لأنّه يرى كلّ أرض يسكنها وطنه- وإن لم ينتسب لها انتساباً – فينبغي أن يحبها ومنشأ ذلك الحب أيمانه, فأين هذا القول من أقوال الطبالين باسم الوطنية؟

4- وأخيراً: إنّ ما زعمه سمير عبيد من تصفية للمرجعيات العراقية ليس دقيقاً, وأود أن أطلع القارئ الكريم على حقيقة الأمر:إن التصفية شملت مراجع عراقيين وأعاجم, فأين سمير عبيد من الشهيد الشيخ مرتضى البروجردي "ق س" والشهيد الشيخ علي الغروي "ق س" من المراجع الذين اغتالتهم المخابرات الصدامية في نهاية التسعينات قبل أن تغتال أيادي الغدر السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر "ق س", وأين سمير عبيد عن آل الحكيم الذين استنكف أمثاله أن يذكرهم وهم عراقيون أصالة وانتساباً, فقد قدّم هذا البيت الشريف من الشهداء ما وصل إلى السبعين شهيداً بين علامة ومجتهد, لمَ لا يذكرهم ألم يكونوا عراقيين؟ أم لم يكونوا وطنيين؟ إذاً لماذا أعدموا ؟ أم أنهم لا يستحقون الذكر والمدح لأن سمير عبيد وأمثاله لديهم مشكلة أو أزمة مع بعض أفراد هذا البيت من القادة السياسيين أمثال السيد عبد العزيز الحكيم .

وإن كان ذلك صحيحاً فما هذا التجاهل والاستنكاف والحقد على أناس عرفوا بالتضحية والعطاء , وهم أبناء بلده العراق لكنها - أيها القارىء العزيز, أيها المنصف, يا طالب الحقيقة – ونيَّة عن نصرة الحق.وبعد هذا كلِّه: أرجو من القارىء الكريم أن يتفحص الأقوال والادعاءات التي يلقى بها زوراً وبهتاناً من لا ناقة له ولا جمل ,وأن يتثبت من أقوال أهل الأهواء والمصالح ولا ينساق لأراجيف المبطلين كما هو حال المتصل سمير عبيد.

وإني أخاطبه – لعله يسمع خطابي – أين البينة والدليل على مزاعمك ؟ وليشهد القارىء الكريم أن من ادعى قولاً على أحد لزم منه الدليل, وعليه : فليأت لنا سمير عبيد – إن استطاع – بوثيقة أو دليل يثبت فيه صحة مزاعمه بحق المرجعية ,وآتيه بعشرات البيانات والفتاوى التي صدرت من المرجعية - وأكدها واقعها الميداني - تثبت خلاف ما ذكر ,وليقف القارىء بعد ذلك على زيف ما ادعى وغبِّ ما ارتجى. وأخيراً: فلنكن – يا أخوة – عند قدر المسؤولية التي نصبنا أنفسنا لها ولا نخون العهد فإن الناقد بصير.

***د.حيدر البابلي***

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
عمر
2008-10-06
هذه وكاله طاءفيه دخلت الى الموقع حتى استفيد فاذا انا امام موقع لا يمكن الاستفادة منه وهذااقل مايقال وانا اسف جدا جدااا وضيعت جزء من وقتى مع هكذا موقع
حامد العراقي
2006-10-13
ماذا تتوقعون من فناة المستفلة وهي مملوكة ليهودي مغربي ويحمل الجنسية البريطانية. رغد بنت جرذ العوجة تدفع شهريا 3 ملايين دولار لقاء برامج المرتزقة من هارون القرقيزي وعبد الامير عطوان(بعثي عراقي واخ بالرضاعة لعبد الاباري علوان). فماذا تتوقعون من هذه القناة العهر.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك