( بقلم : الصحفي نزار عبد الواحد الراضي )
هنا في ارض جنوب العراق منبع السومريين ولدت العلامة الدالة للعمق الحضاري الذي يرتبط بالانسان فكانت الاهوار هي النقطة التي تبدا منها الولادة دوما . وهكذا كانت الاهوار من ضمن الارث المتخم بالالم الذي ورثة العراقيون من عصارة الاستبداد والديكتاتورية، وان أي حصر او احصاء لما خلفتة جريمة تجفيف الاهوار الدائمة الشهرة من مأسي على شعب الجنوب فانها لاتصل الى الحقائق المحزنة.
كانت الاهوار التي وصفها خبراء الأمم المتحدة بأنها موطن تنوع بيولوجي ذو أهمية عالمية قد جفت مياهها بسبب تدخل السلطات العراقية السابقة إضافة إلى السدود التي أقيمت في أعالي نهري دجلة والفرات ..، وقال تقرير نشرته مجلة (نيوساينتست)العلمية أن مابين مائتين وثلاثمائة كيلومتر مربع من الأراضي غمرت بالمياه وكانت مساحة الاهوار المغمورة بالمياه في جنوب العراق تبلغ نحو 20 ألف كيلومتر مربع بينما أعرب الخبراء عن قلقهم من أن الجهود غير المنسقة قد تؤدي إلى تلوث الاهوار بالأملاح وعناصر معدنية أخرى ودعوا إلى مراقبة المناطق التي أعيد غمرها لعدة اشهر لتسجيل مستوى الأملاح والمعادن والمواد السامة ..، وكان فريق من الأمم المتحدة مختص في شؤون البيئة قد سحب من المنطقة بعد الهجوم الذي تعرض له مقر المنظمة الدولية في العراق ويذكر أن مساحة الاهوار في العراق قد تضاءلت حتى اقتربت من الاختفاء تدريجيا فقد انكمشت المنخفضات المائية التي تعتبر اكبر بحيرة مائية في الشرق الأوسط منذ السبعينات وحتى ألان بحوالي تسعين في المائة ..، ووصف التقرير عرب الاهوار بأنهم شعب متميز وعريق وان نمط حياتهم الذي يعود لخمسة آلاف عام قد أصبح مهددا بالانقراض المفاجئ ويعتبر هذا النمط من الحياة الوريث الشرعي للحضارتين السومرية والبابلية .. وان تدمير الاهوار يترك تأثيرات مدمرة على الحياة البرية ومن شأن ذلك أن يخلف آثارا سلبية على التنوع الحيواني على المستوى العلمي واعتبرت بعض اللبائن والأسماك والنباتات التي كانت تزخر بها المنطقة بحكم المنقرضة بسبب تغيير الظروف البيئية فيها وبعد التغيير رسمت صورة جديدة وحلة بهية ستلبسها الاهوار .
لم يكن من شغل شاغل لوكالات الاعلام المختلفة من بكاء سوى على الاهوار وهكذا ادرجت الاهوار في الاجندة السياسية للكتل والاحزاب والحركات ورفع شعار اعمارها وتطويرها واعادتها لوظيفتها الطبيعة التي خلقت من اجلها ,.
واليوم نحن على اعتاب العام الرابع دعونا نبحث ماحصل وماالت اليه وماكسبته اهوارنا المبتلاة الممتدة على رقعة جغرافية تمتد في محافظات البصرة وميسان وذي قار هل تم احيائها ؟ هل عادت اليها المياة ؟ هل تم تأهيل سكانها المحليين وتعويضهم عما لحقهم من اضرار اكثر من 25 سنة أي منذ اندلاع الحرب العراقية الايرانية .
اغلب المتصدين لملف الاهوار لم يكونوا ممثلين حقيقين للاهالي وبهذا التهميش المقصود بقي الحال على ماهو علية دون تطوير او اعمار ورغم ان التخصيصات بلغت في مجموعها اكثر من نصف مليار دولار عدا ماتم صرفة على الدورات وورش العمل والتحضيرات التي اقيمت في عواصم دولية وعربية مختلفة . والحقيقة الساطعة تقول ان المناطق التي اعيدت المياة لها لم تكن بجهد حكومي وانما بجهد الاهالي الذين دفعتهم الحاجة لكسر بعض السداد واغراق الاراضي الواقعة خلفها بالمياة .
والمطلع على المشاريع التي وضعت حاليا يجد انها لاتلبي طموحات هؤلاء المظلومين من السكان الذي يحلمون بشرب الماء الصافي وان تصلهم طرق معبدة او تتوفر لهم خدمات صحية وغيرها وهي ابسط مقومات الحياة وعلى تعبير احدهم اننا نعيش الحياة البدائية للانسان القديم.
سؤالنا المطروح ماهي خططكم وماهي مشاريعكم ومع من ستعمل الدوائر المختلفة في الحكومة واجهزتها في وزارتي الموارد المائية والزراعة والمنظمات الدولية وهل سيكون العمل حقيقيا مع الاهالي في المحافظات ام ان الوصول الى الاهوار سيبقى عصيا عليكم ايها المتصدين لان كل ماطلع علينا منها هو ليس للاهوار لامن بعيد ولا من قريب ولنا عودة.
https://telegram.me/buratha