( بقلم : عبد الكريم الجيزاني )
ان أي كيان او نظام لا يمكن له ان يحل جميع المشاكل ويتخطى العقبات لوحده ما لم يؤازره ويعضده ويتعاون معه ابناء شعبه ذلك لان المسؤولية مشتركة بين المواطن والدولة (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فلا يمكن لاحد سواء كان في مؤسسات الدولة او خارجها ان يعفي نفسه من المسؤولية باعتبارها مسؤولية شرعية ووطنية واخلاقية مشتركة.
فنحن عندما نضع اللوم على الدولة في أي تقصير او قصور ازاء أي حالة سلبية انما نفاقمها بحيث يتعسر الحل السريع الناجز ويتأخر الاندفاع الى الامام لحلحلة اوضاع اخرى تستدعي التعاون في معالجتها.فمثلاً مسألة التصدي للارهاب الذي اخل بالامن والاستقرار رغم الجهود الكبيرة المضنية والاستثنائية التي تبذلها القوات العسكرية الوطنية وما تقدمه من خسائر جسيمة في افرادها يومياً وهي تطارد فلول المجرمين لا يمكن ان تصل بقواتها واجهزتها العسكرية الى ابعد نقطة في دفاعها المتحرك داخل الساحة العراقية ما لم يتغير الموقف المتفرج من قبل المواطن – السلبي- الى تعاون متحرك من خلال تجسير العلاقة المطلوبة في المواجهة اللازمة بين الجميع.
ان كل الانظمة الديمقراطية في العالم المتحضر تعتمد بالدرجة الاساس على مؤسسات المجتمع المدني التي ترفد مؤسسات الدولة بالكادر المتخصص الكفوء القادر على ملء أي فراغ قد يؤدي الى شلل في الحركة العامة والخاصة او يخل بالمسيرة نحو آفاق التطور المطلوب باعتبار ان للمواطن حقوق وعليه واجبات.فالواجب على المواطن الذي اعطى صوته لممثليه وشكل حكومته الوطنية ان يعي دوره ضمن هذه الحركة خاصة اذا كانت تغييرية شاملة وانتقال من نظام فاسد في كل مفاصله الى نظام وطني يعمل لمصلحة شعبه بعيداً عن أي استئثار او مصلحة فئوية او شخصية او احتكار للسلطة.
ان كشف وتشخيص المخربين والفاسدين سواء الذين يتعاطون مع زمر الضلال التكفيرية والصدامية او ضعاف النفوس الذين يستبيحون المال العام ويتلاعبون بالثروة الوطنية هي ليست مهمة الاجهزة الامنية فقط بل الواجب الشرعي والاخلاقي والوطني يتطلب من الجميع افراد وجماعات ان يسخروا امكاناتهم وطاقاتهم المادية والبشرية للحفاظ على المنجزات الكبيرة التي تحققت بعد سقوط صنم بغداد والارتقاء بالعمل الميداني الى اقصى درجات الحرص والتفاني والايثار وسد الطريق امام اعداء الشعب العراقي في الداخل والخارج لكي لا تبقى الحرمات تستباح يومياً وتبقى مشاهد الدم ماثلة امام انظار المواطن دون ان يحرك ساكناً بانتظار ما تحمله الايام القادمة وربما تحمل الاسوأ – لا سمح الله- اذا ما وقف البعض على التل متفرجاً.
نحن لا نريد هنا ان نقلل من شأن الجماهير في تعاطيها مع الاحداث اليومية ولكن اذا ما اعتمد الناس على الاجهزة الحكومية وهذا هو واجبها دون ان تتظافر جهودهم الى جانب الجهد الحكومي فان ذلك سيخل بالوضع الامني والمالي والخدمي.
ان فرصة التعاون المثمر قد اصبحت سانحة للجميع بعد قرار تشكيل اللجان الشعبية لدحر الارهاب نهائياً الى جانب الجهد العسكري الوطني ولعل الايام القليلة الماضية قد اتسمت بموقفين ينمان عن عمق الشعور بالمسؤولية، الاولى كانت صحوة عشائرنا في محافظة الرمادي التي بدأت تصديها الفعلي للارهاب وطرد فلوله وزمره من مناطقهم والثانية الممارسة الديمقراطية التي اعتمدها مجلس النواب في رفع الحصانة عن احد اعضائه (مشعان الجبوري) الذي يتهمه القضاء باختلاس مئة مليار دينار عراقي واحالة قضيته على محاكم الجزاء.
هذه المواقف الشريفة تستحق التقدير والاحترام من قبل ابناء الشعب العراقي وتستحق الدعم والاسناد لاتخاذ مواقف اخرى تحفظ كرامة العراقي وامنه وثروته واستقراره.
https://telegram.me/buratha