المقالات

إجتماع الأضداد .. ومخالب القطط

995 19:20:00 2010-04-02

قاسم العجرش

لحظة سقط صنم ساحة الفردوس، خلق مشهد جديد في ظاهره تسامى شعب خلطت ذاكرته الجهة والتاريخ والهوية والإنسان وموروثاً من قهر وتخلف واستبداد في بوتقة من الأسطورة، أراد بها خلاصا يتجاوز به حقائق تنازعتها وقائع السيف وتداعيات الدم وقرابة النهب والقيد التي وسمت علاقة مكوناته وانتظمتها، بعلاقة تشبه علاقة الإخوة الأعداء، وضعت حدودا في مكامن تلك العلاقة وخفاياها تحكمت بها وقائع على الأرض، لم تهذب من أثرتها حتى قيم السماء، فلاذت بذاكرة تقتات الماضي، وتدمن الاستبداد لمداراة علاقتها بتوتر تاريخها وإخفاقات واقعها. وظلت تنتج اقصائية أهل الدار بوهم المسعى الوحدوي العروبي الذي ما إن تعتقده راسخا رسوخ الجبال حتى يتلاشى ككثبان الرمال. لان تلك العقلية عقمت حتى مع منجزات التلاقح الحضاري وسعة آلياته وتنوعها ان تبدع نظرية عادلة للحكم، وان تنتج استراتيجية تشخص مفردات واقعها، ولم تستطع أن تتجاوز ممارسة الحكم كما جسدته وتجسده حتى الآن تلك العقلية التي لا ترى لها شريكا في الوطن سوى نفسها، واقصى ما استوعبته من المنظومات الحديثة للحكم، انها آلية احتيالية لخلق نسيج سياسي مخصي فاقد للخصوبة، يتشكل من لفيف من مخالب القطط السياسية، تخدم مركز هذه العقلية وتسوّق نفوذها وتدير اعمالها وتمجد مقامها. لحظة سقوط صنم الفردوس جمعت ديناصورات السياسة العراقية لكل اجنداتها. لتغتال تجربة المجاهدين الحقيقيين ومعارضي صدام الذين حملوا السلاح ضده فاستشهد نصفهم، فيما النصف الثاني تفرق في المنافي . ومع تجمع الدناصير كان اسوأ ما لدى تلك المنظومة القتل السياسي الذي أستولد القتل على الهوية، كان ذلك سمة دائمة في تجربة الديناصورات منذ زمان ((أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها))، وكان النظام الصدامي جزءا من منظومة التاريخ الديناصوري، ولذا فأن بين معارضيه الذين تملكوا ناصية الحكم من بعد سقوطه من لم يكونوا ((معارضين)) له ، بل كانوا ((مفارقين))، والذي فارقه ليس كالذي عارضه! ولم يتسع الحكم الجديد للمعارضين والمفارقين على سطح واحد، فنشأ الخصام الذي تحول الى خلاف، ما لبث ان صار مآله الى الإختلاف، ثم التصادم فالصراع الذي لا بد منه تبعا لحتمية التاريخ....الإقصاء السياسي هو التسمية المهذبة لـ ( الإخصاء السياسي) الذي هو سمة تجربة المفارقين التي تعايشوا مع النظام الصدامي وتداخلت مصالحهم معه رغم الفراق، فكانوا بالحقيقة جزءا من المنظومة التي أنتجته، وليس هذا فحسب، بل اتكأت تجربة الخصي السياسي على ذاكرة قبلية استعلائية، تستعيد انتاج ذات الماضي، ولم ترَ للتغيير الديمقراطي ضرورة، الا من منظور ما تهدد من مصالحها، ومن منظور ما ينفع تلك المصالح، وعندها المشروع الوطني ليس الا آلية لتثبت تلك المصالح وتقوية ذلك النفوذ. منظومة اتكأت على ذاكرة اسطورية غذتها الشعارات القومية، وحركت تجربتها مفاصل من دم، وتحكمت بها أثرة الإفادةالسياسية، حتى حطت مراسيها منهكة وقواها مبعثرة، لكن ثاراتها السياسية بقيت مفتوحة!الجهة الأولى (التي كانت معارضة لنظام صدام) بدأت ملامح مشروعها الوطني مع بداية سقوط صنم الفردوس، فتداعت الى مجلس الحكم، لكن هذا المجلس وإن لم يكن سوءا كله ، لكنه أسس لتحجيم دور الشعب ومشروعه الوطني، وحوله الى " قيد فئوي "، سكنت الفئة فيه محل الوطنية، وخلق مراكز حاكمة مهيمنة متعددة عماد كل منها (الطائفة) التي صنعت نسيجا سياسيا ظل يتكرر حتى الآن، وتحول فيه الشركاء أو من كان ينبغي أن يكونوا شركاء، الى مخالب قطط في نسيج سياسي ديكوري مصطنع مفرغ من الندية النبيلة، جعل الوطن مصلحة لقبيلة الطائفة أو كبار متنفذيها يتستر على معايب الممارسة الفعلية للمركز ويسوقه بغير اسمه، فنمت مصالح الأحزاب وتضخمت حتى أصبحت كل مجالات الوطن ملكا لها.

بيد أن هذه الجهة (التي كانت معارضة لنظام صدام) استعصت على الخصي السياسي، فنظمت وجودها ودورها ومصالحها وركائز مشروعها الممتد بعمق في الزمان والمكان والناس، وحلت في موقع دون الهيمنة السياسية، لكنها تملك حقائق تاريخية وأجتماعية تتحكم بالمجال الموجودة فيه وتماسكه من المستحيل تجاوز مفرداتها.

أما الجهة الثالثة فهي "العائلة الأنتهازية" ، تلك التي دخلت مركز الحكم بقوة وذكاء، وأكتسبت شرعيتها من مكونات المركز ذاته، ومن شكيمة منظومة الدولة المتوارث التي كانت أقوى من انفجار الحقيبة، فشرع يؤسس مشروعه مستفيدا مما أنتزعه أسلافه من نفوذ وامتيازات من الدولة، ومن قدرته على تطويع مسار الدولة وتحميله مضامين مشروعه، فوسع هوامش مخالب القطط في النسيج السياسي والحزبي والإعلامي ...الخ. وصنع خطوطا في المشهد السياسي استعصت على التغيير فتشتت في دهاليز تلك الخطوط معتقدة ــ وهما ــ أنها مالكة لها.

الجهة الرابعة هي الجهة التنظيرية لليبرالية الجديدة التي لم تتسع حتى لنفسها وكان الشبق السياسي سمة لها، واعتمدت ايديولوجيا وافدة مقطوعة الصلات بواقعها، فلم تستوعب من التاريخ الا حقبتها وشعاراتها، وكان أعداؤها أكثر من محبيها. فاحتواها الخارج وبيئته، ولم يلبث أن اقصاها بعد أن تكثفت مكوناته، وانكمشت بيئته على مفردات رؤيتها وممارستها وعلت أثرة القبيلة والعائلة فيه..تلك ملامح المنظور الآيزومتري (المجسم) للواقع العراقي سياسيا وإجتماعيا، وليس في الأمد القريب من أمل لتصالح الجهات الأربعة وإالتقائها في نقطة الصفر الرياضي...ليس بالإمكان أن يقبل المعارضين للمفارقين، وليس بإمكان الإثنين قبول الإنتهازيين، وليس بإمكان الثلاثة قبول الليبرالية الجديدة، كما أنها لن تقبل بهم، وسيحاول كل الإطاحة بالكل! وبالحقيقة سيمضي زمن طويل حتى نرى إقتصار الساحة على نظام مؤسسي عماده حكم ومعارضة حقيقية ، يتداولان السلطة في دورة زمنية إستنادا على معطجيات الإطروحة والعطاء...وعندها لا يهم من يحكم العراق والمهم كيف يحكم العراق..وللحديث صلة

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
علاء الاسدي
2010-04-03
التقارب في عدد مقاعد البرلمان مع تقدم بسيط للقائمة العراقية بفارق مقعدين عن قائمة ائتلاف دولة القانون قد تكون لعبة سياسية فرضتها الدول الإقليمية ودول الجوار لغايات معينة مما يجعل القائمتين في صراع من اجل كسب رضا القوائم الفائزة الأخرى وتلبية شروطها قائمة الائتلاف الوطني التي حصلت على 70 مقعد وقد تكون لها الدور الفاعل في تغيير المشهد السياسي القادم اذا علمنا أن للتيار الصدري حصة الأسد في قائمة الائتلاف الوطني والتي حصلت على 40 مقعد وهذا ما سيمنحه موقع قوة في صنع القرار القادم.
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك