الدكتور محمد علي مجيد باحث اكاديمي
يدل مفهوم الاصطفاف السياسي في المعنى الحديث على تكوين حزب او احزاب قد تكون متناحرة في باطنها ولكنها متآلفة في ظاهرها حيث ينطبق عليهم مفهوم الآية الكريمة:( كل حزب بما لديهم فرحون( سورة المؤمنون الآية 53 )ولعلنا في العراق نعاني اكثر واكثر من اي بلد آخر حيث سمحت الحرية الديمقراطية بعد ان تجردت من مفهومها الحقيقي بهذا الظاهرة، ولكن المضحك المبكي ان النظرة الى احزابنا وهي اكثر الاحزاب في في اي بلد في الدنيا كما نعتقد قسمت الى قسمين من وجه الخصوص والعموم هما:-احزاب او كيانات دينية_ احزاب او كيانات علمانيةوقد اثرت السياسات الرعناء للنظام السابق والتركيز على مظلومية الشعب العراقي الى ان يبحث هذا الشعب عن ملاذ يكون بديلا لهذا النظام الخرق وبما ان غالبية الشعب العراقي غالبية مسلمة لذلك اخذ الميل في تكوين احزاب او كيانات دينية وكان المبرر ان هذ ه الاحزاب ستكون متنفسا في تحطيم الآلية الفردية التي شكلها النظام السابق والتي اخذت من وسيلة الحزب الواحد اداة للتسلط واخضاع الناس الى رغبات السيطرة الفردية وطرح شعارات اجتماعية مرغوبة لدى عامة الناس مرهوبة في الواقع العملي وان مؤداها خدمة هذا الدكتاتور المتسلط حتى على الحزب الذي اتخذه ستارا.لذلك التجأ الناس كما اشرنا الى ايجاد الوسائل البديلة فظهرت ثورات وهزات في المجتمع العراقي في وشائجها انسجة دينية ترتبط ارتباطا معنويا بثورة الحسين (ع) في طروحات عقائدية تاخذ من الدين الاسلامي الحنيف قيما للفرد العامل وقد امعن النظام المقبور في تركيز النظر على هذا الاتجاه لأنه شعر في حقيقة الامر التهديد الفعلي على كيانه حتى انبرى من هم في خانته مثل ناظم كزار الى التفنن في كيفية القضاء على هذا المد المتجدد وقد جند قسما من ضعاف النفوس ممن البسهم العمامة السوداء والبيضاء ليكون جواسيس لخدمة النظام وقد كانت لهذه الفكرة حدين من السلاح، الحد الأول ان هؤلاء تغلغلوا في الاوساط الدينية في العتبات المقدسة مما جعلت تقاريرهم محل اعتماد عند طاغيتهم وازلامه والحد الثاني التشكيك في رجل الدين المعمم لأن هؤلاء قد انكتشف امرهم فأخذ الناس لا ينظرون تلك النظرة الصادقة الا بعد التمعن والتثبيت لرجل الدين المعمم ولما كان الله في المرصاد لمثل هذه الظواهر المجرمة عجل الله في نهاية ناظم كزار وقتل على يد من خدمهم في طاعة عمياء بتدبير خبيث.ولكن التيار الديني اخذ يشتد في المقاومة وما نذكره من مواقف الشهيد الصدر الاول والشهيد الصدر الثاني والمجلس الاسلامي الاعلى بقيادة الشهيد محمد باقر الحكيم ماهي الا سبل لأذكاء روح النضال ضد اولئك الطارئين المفسدين.وبعد ان جرى التغيير في العراق وكان يفترض ان تستلم القيادة تلك المكونات الدينية لأنها مهدت الى التغيير المرتقب ولكن لظروف معروفة في واقع التغيير العراقي اخذت هذه المكونات تتحزب بمنظار الحزبية الضيقة وتصطف اصطافا لنيل حقوقا كانت قد افتقدتها وقد بثت الدعايات المغرضة عن عدم اهلية هؤلاء الغرباء ونسى هؤلاء المروجون ان غربة هؤلاء لم تكن الا بسبب تنكيل النظام البعثي ومطاردتهم حتى في دور الغربة.ولكن المؤسف حقا ان بعضامن هذه المكونات الدينية ومنها من شكل لاحقا في ظل التغيير لم تأخذ العبرة من سبب التنكيل والاضطهاد لها وان تحسب حسابا دقيقا لما يراد بها بعد ان سقط عرش الطاووس حيث نهضة حمية بعض العرب وشبه لهم بأن القادمون غرباء على العروبة والاسلام الذي يعتقدون وان زوال صدام يعني الطعن في عروبة العراق فجندوا ما يستطيعون تجنيده من حثالات المجتمع وممن جلبوهم من خارج الحدود ليحدثوا فتنة كادت او ادت فعلا الى منزلقات لم يألفها الشعب العراقي في تاريخه المعاصر والقديم كما هو معروف.ومن خلال هذه المنزلقات كانت هناك دعوات ظاهرة ومنها مروجة الى ان يكون هناك اصطفاف لفئات دينية من نظرة ضيقة ضد فئات دينية اخرى مع تبادل الاتهامات سواء عن طريق الاعلام بشتى صوره مما ولد فراغ في نسيج كان يجب عليه التكامل وسهل للفئات الضالة من التغلل حتى في صفوفهم اضافة الى عدم اهلية بعض الكوادر وكفاءاتهم في قيادة العمل المكول لهم حيث تركوا ساحة العمل مغطاة بذئاب تنهش من لحم الشعب فظاهر العمل والتخريب الى تلك المكونات المسيطرة وباطنه الى فئات مخربة سعت الى انتماءها لتلك الفئات من اجل اكمال مخطط التخريب فاصبح هناك خللا واضحا في المفعول الاساسي للنهوض بدولة عصرية لها من المقومات ما ينهض بشروط تلك الدولة لو احسن استخدام العامل السياسي والنهج الديني.
وسارت الامور على هذا المنوال وتغلغت عناصر بعثية في دوائر الدولة بعد ان لبست رداء الحمل الوديع بعد ان كانت ذئبا غادرا يكتبون التقارير المفتراة على اناس ابرياء وبتهم حمقاء حتى ان الصلاة اصبحت تهمة على من يؤديها.هؤلاء المندسون خطط لهم قبل ان يرحل طاغيتهم بأن يعيثوا في دوائر الدولة الفساد وان يحبطوا الاعمال وان الناس عطشى بعد التغيير الى نيل وظيفة او الحصول على اعانة او حصة تموينية جيدة فما كان من هؤلاء المندسين ومنهم من تربع في مراكز قيادية وكانو قد استلموا مكارم بعثية مثل السيارات وغيرها حيث تبأوا مراكز حساسة ومراكز استشارية لوزراء مهمين كنا نعتقد انهم لا يجالسوهم او يسمعون لهم فسارت وتيرة الوظيفة العامة الى الاهمال والى نزع الامل من القلوب حتى ان الانسان ينتظر شهر او شهرين دون حصوله على جواب لمعاملته بل الاضرب من ذلك ان المعاملة لا تمشي الا مع الرشوة وقد بدأت الصفقات تسير بمصطلح الدفتر وتعني عشرة الآف دولار لمراكز في الجيش والشرطة وهذه حقيقة واضحة يتكلم بها القاصي والداني وقد ادى ذلك الى الفساد الاداري والمالي الذي يشهده العراق ببركة اولئك المتممين لمسيرة التيار البعثي وبقى الاصطفاف السياسي لتلك المكونات الدينية بأن ولد اتهامات لبعضهم البعض بعيدا عن المفهوم الاساسي الذي يجب ان يفعلونه وان يكون تكاتف الكلمة والاسناد الحقيقي لبعضهم في كلمة طيبة وارشاد خير فس سبيل بناء دولة كريمة صرح بهاالائمة الهداة من آل البيت حيث نقرا في الدعاء المنقول عنهم:"اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهله وتذل بها النفاق واهله"والله من وراء القصد
https://telegram.me/buratha