الحاج هلال فخرالدين
ابعاد السياسة الحسينيةالحسين اصدق مدرسة سياسية عرفتها البشرية
لعل البعض يستغرب من العنوان وقد يراه غير مناسب مع مقام الامام او يتنافى اصلا مع سموا الامامة وجليل خطرها ..ولهؤلاء نقول ان الاسلام دين وعقيدة وحياة وامتزاج دينه بالسياسة والسياسة بادين او ان الدين هو سياسة البلاد والعباد واحقاق الحق وبطال الباطل واصلاح شؤون الامة ونشر العدالة واسها الامر بالمعروف والنهى عن المنكر وليس المتبادر الى الاذهان من مفهوم السياسة لمصطلحها السائد المتعارف لدى الساسة والحكام المتمثل بالختل والخداع والمكر والغدر والابتزاز والمناورات الاعلامية والفبركات الدعائية وبتلاع الاخروالتفنن فى صياغة المؤامراة لاجل الهيمنة ونهب الخيرات وشن الحروب الاستباقية ...الخ وهذه الامور بعيدة كل البعد عن القيم والاعراف الانسانية وحتى القوانين الوضعية التي اقرتها المواثيق الدبلماسية وقوانين العلاقات الدولية والاصول السياسية نفسها ولكن من خلال السطوا على تلك المفاهيم السياسية والعبور لاجل المنافع والمارب (سياسة المصالح)وباختصار شديد (الميكافيلية)سياسة الواسطة تبرر الغاية السائدة فى عالم اليوم المتمدن المتحضر المدافع عن حقوق الانسان واحترام الاخر كما اقرتها مواثيق( الامم المتحدة ) ومع هذا لايتورع في ابادة شعوب وازالت حضارات بكاملها او نهب امم من باب انها مجتمعات همجية لاتستحق الحياة وعلينا السيطرة عليها والاستفادة من ثرواتها لانها لاتعرف قيمتها ولا كيفية استخراجها او تسويقها او لاجل تحضيرها وتعليمها ..ولذا خففوا لحن الكلام وتكلموا بالدبلماسية قالوا انها شعوب متخلفة وجئنا لاستعمارها لنعلمها ونحضرها وكيف تحكم انفسها واخر تقليعاتهم جئنا لتحريرها من الاستبداد والظلم ولنشيد قواعد الحرية وقيم الديمقراطية ودولة القانون وحكم الدستور ..الى ماهنالك من هذه اليافطات الاعلامية لكن مفهوم الاسلام للسياسة يختلف عن هذا المفهوم السياسى المغلف بالعدوانية جملة وتفصيلا ان السياسة في المفهوم الاسلامي تعني اقامة العدل واشاعة الامن ونشر السلام والاخذ بالالتزام بالعهود والمواثيق ورعاية حقوق الاخرين وعدم نهبهم او استغلالهم او الهيمنة عليهم وبث قيم التسامح والاخاء ..لذلك نلاحظ في كثير من النصوص في نعت أئمة اهل البيت (بساسة العباد) او (ساسة البلاد)..وبالخصوص الامام الحسين الذي تربى في حجر الوحى وتغذى من نبع الاسلام الصافى ونشأ في بيت الامامة ووعى بعقله مطامع القوم واستوعب بعاطفته مظلومية الامة وادرك بحاسيته المتوقدة بالتهيء للمقام الخطير الذي ينتظره والرسالة الكبرى التى يؤديها فحملها بكل امانة وأداها باقتدار فوق التصور وضحى بكل شيء من اجل الله ... ومن خلال قراءة موضوعية لنخب من قادة التغيير والثوار والقادة السياسيين نلاحظ ان الامام الحسين يتصدرهم كاعظم سياسي عرفته البشرية على الاطلاق وصاحب اكبر مدرسة سياسية انسانية فذة لازالت قائمة وتعطى اكلها كل حين باذن ربها حيث يسترشد بحيثياتها ومرتكزاتها ومبانيها ومعطياتها ومناهجها الثواروالاحرار والساسة في كل مكان وزمان ..ونحن هنا نشير الى لمما منها كصفعته للخليفة الثانى وهو على المنبر يلقى خطبة فى المسجد النبوى الشريف وعمر وما ادراك ما عمر ويقول ائمة السلف ان درة عمر امضى من سيف الحجاج وكان لايهاب كبار الصحابة ليس فقط من التقريع بل والضرب بالدرة وعلى رؤس الاشهاد لرعبهم ولا يجرء احد على مكالمته احد دع عنك محاججته او مناقشته ..الا سيد ساسة الدنيا الامام الحسين (ع) وهولايزال طفل غرير يقف امامه متخطى كبار الصحابة ويصرخ فى وجهه انزل من على منبر ابى واذهب الى منبر ابيك ...!!! ولهذه الكلمة الصغيرة دلالات ومعانى سياسية كبيرة ... يقول علماء السياسة ان تكون لغة خطاب السياسي العبقرى المتمرس قصيرة تؤدي الهدف وتطعن بشدة في صميم مايريد مع ماحتمال من معاني اخرى كثيرة تفسر وتعطى مداليل تصب في الغاية وتفاجيء الخصم وهذه المعاني كلها وغيرها تراها قد احتوتها كلمة الامام الحسين للخليفة ابن الخطاب وهو بعد غض غرير وقالوا كذالك ان التدرج المسلكي في مراكز القرار يولد تجارب كثيرة ويقود الى فهم عميق وبلورة لشخصية السياسي من خلال الممارسة العملية وبالخصوص عند تقلبات الاحوال واضطراب الامور وكثرت الصراعات والمناورات والمؤامراة فهذه تصقل شخصية السياسي البيب وتضاعف من حنكته ودرايته وتفرسه في الامور واتخاذ الاهبة لكل حالة قبل وقوعها والتنبيء بالمستقبل والتحضير له ويذكر المؤرخون ان الامام الحسين كان ضمن قادة الفتوحات الاسلامية وله مواقف جليلة وفي احداث فتنة عثمان كان له دور بارز في التهدئه والذب عن الخليفة عثمان وفي خلافة ابيه الامام علي كان دوره رئيسي ومحوري عندما تحرك طلحة والزبير وشقوا عصا الطاعة وذهبا الى البصرة ومعاوية في الشام فقد ذهب الامام الحسين مسرعا الى العراق لمعرفته بجليل خطر العراق ودوره في الصراع وقد قدم الكوفة وهيء امورها وعند قدوم الامام على الى العراق كان الامام الحسين ضمن وجهاء وزعماء المستقبلين واعطى الامام صورة عن الاوضاع ودوره في حروب ابيه الامام على واضحة وتنم عن مقدرة وبرعاة حربية فائقة انظر الطبرى والكامل وحرب صفين للمنقرى والفتوح لابن اعثم ....وسنتحدث عن هذه الابعاد فى الحلقات القادمة
https://telegram.me/buratha