ابو ميثم الثوري
كانت رهانات اعداء العراق او الناظرين الى النصف الفارغ من الكأس تشير الى ان غياب شهيد المحراب اية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس) عن الساحة السياسية في العراق ستؤثر على العلاقات الوطيدة بين المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والكرد كما توهم الكثير من المراهنين بان العلاقات والاتفاقات بين الفصليين (المجلس الاعلى والحزبين الكرديين) ستنهار برحيل عزيز العراق السيد الراحل عبد العزيز الحكيم (رضوان الله عليه).هؤلاء المراهنون الواهمون كانوا يعولون على انهيار العلاقات القديمة الجديدة بين المجلس الاعلى والكرد بسبب نظرتهم الضيقة وفكرتهم الضبابية حول العلاقات بين القوى السياسية المبنية عادة على المصالح الطارئة والمنافع الشخصية.ان اسس العلاقة التأريخية بين تيار شهيد المحراب والكرد ممتدة ومتشابكة ويصعب تفيكيكها ولا تنتهي بنهاية الاشخاص لانها ليست علاقة شخصية تزول بزوال الاشخاص وانما مترسخة بعوامل عميقة ومتينة لا تهزها العواصف والاعاصير ولا تضعفها التدافعات والتداخلات والتعقيدات التي شهدها العراق الجديد.ليس من الصحيح تصوير هذه العلاقات الاستراتيجية بانها نابعة عن المحنة المشتركة والمعاناة الواحدة والثمن الذي دفعه المجلس الاعلى والكرد في المرحلة السابقة وطبيعة العدو المشترك الذي وحد اصطفافهم ونسق مواقفهم وخندق مصالحهم فان هذه وان كان له مدخلية في ترسيخ العلاقات بينهما ولكنه يبقى تصوراً مبسطاً ومفرطاً في السذاجة فان العدو المشترك لا يكفي لتوحيدنا وانسجام مواقفنا وان وحدة المحنة والمعاناة غير ناهضة في توجيه مسارات العلاقات الثنائية بين المجلس الاعلى والكرد بالاتجاه الذي يصعب تفكيكه بمعاول الفتنة والاثارات العصبية والعرقية.ان العلاقة بين الفصيلين الكبيرين (المجلس الاعلى والكرد) علاقة صاغتها عقود الماضي ومواقف التضحية والايثار والدفاع المبدئى عن الحق الكردي منذ الاعلان الشجاع والفتوى التأريخية الخالدة لامام الطائفة ومرجعها الاعلى الراحل اية الله العظمى السيد محسن الحكيم (قدس) والتي اطلقها ضد الحكومات البوليسية التي طالبت رجال الدين وعلماء المسلمين باصدار فتوي تجيز مقاتلة الكرد باعتبارهم (متمردين) فاتفق علماء المسلمين من بقية الطوائف على اصدار مثل هذه الفتوى خوفاً من السلطان او طمعاً به بينما رفض الامام السيد محسن الحكيم (قدس) تحقيق غايات ورغبات السلطات الحاكمة ، وافتى خلاف رغبة وارادة السلطات الحاكمة وحرّم مقاتلة الكرد تحت أية ذريعة وعنوان.وتلك الفتوى التأريخية للامام محسن الحكيم لا يمكن فهمها بانها جزء من مصالح او منافع شخصية او حسابات خاصة للربح والخسارة فان تلك الفتوى موقف لا يقبل المتاجرة او الصفقة او المنفعة الشخصية بل ان كل هذه المؤشرات والمصالح والتقية تقتضي اصدار فتوى تنسجم مع ارادة السلطات الحاكمة والوقوف بوجه الكرد كضمانة اكيدة لحفظ الارواح والمصالح بينما اصدار فتوى تحرم مقاتلة الكرد هي قضية لا تقبل التأويل او التوجيه بغير ما يمكن تأكيده على انه موقف مبدئي يعكس الامانة الدينية والاخلاقية والموضوعية للمرجعية الدينية ومواقفها المبدئية الثابتة.بالاضافة الى ان التفاهمات والاتفاقات السابقة في عهد المواجهة العنيدة مع النظام الصدامي البائد اتخذت منحى مصيرياً بين المجلس الاعلى والكرد في كل المؤتمرات والمتلقيات والميادين السياسية والجهادية حتى خيل للكثيرين بانهما تشكيل واحد ذو مصير ومسير مشتركين.ورغم بشاعة النظام البائد ووحشيته في الفتك بمعارضيه ورغم ما عاناه وما لاقاه الاخوة الكرد من عمليات ابادة ضد قراهم ومدنهم وابنائهم فان القيادة الكردية ما امتنعت لحظة لمقترح شهيد المحراب القاضي بارسال قوات مجاهدة من فيلق بدر السابق الى اقليم كردستان لتنسيق المواقف وترشيد الجهد الكفاحي للمواجهة العنيدة مع النظام السابق في وقت امتنعت الكثير من الدول الشقيقة التي تضررت من النظام الصدامي كثيراَ عن فتح مكتب اعلامي للمجلس الاعلى في عهد المعارضة تحسباً من استفزاز النظام السابق.وزيارة سماحة السيد عمار الحكيم لاقليم كردستان عززت المنهج الذي أسسه الامام محسن الحكيم ورسخه شهيد المحراب وسار عليه عزيز العراق وهي زيارة لم تكن مفاجئة او بعيدة عن التوقعات بل تصب في سياق تعزيز الشراكة الوطنية وتأكيد التعاون والتفاهم المشتركين بين الفصيلين كما لا يمكن الغاء او شطب الكرد او أي مكون اخر من الخريطة العراقية او سلب حقوقهم فان التعايش والتفاهم ضرورة وطنية ودينية واخلاقية.ان طبيعة الحراك السياسي والسجال المحتدم للملفات الساخنة بين الكرد وبقية القوى السياسية قد وفرت اكثر من خيار ليس كلها خيارات معقدة وصعبة بل هناك اكثر من خيار يدفع باتجاه الحوار والتفاوض فليس من المنطقي والحكمة اختيار التصادم بدل التفاهم والانفصام بدل الانسجام.قد يلجأ بعض السياسيين الى اختيار اسوء الخيارات واعقدها وهي خيارت سهلة التنفيذ بالتأكيد وقد تجد مناخات مشحونة تستعيد الذاكرة القديمة المعبئة بتثقيف النظام السابق وغالباً ما يلجأ اليها الاخرون انسجاماً مع مؤثرات العقل الجمعي والردح الحماسي اللامسؤول من رواسب وشوائب الحقبة الماضية المشحونة بالعداء والكراهية للاخوة الكرد.والخيار الذي اكده سماحة السيد عمار الحكيم عبر التواصل والتفاعل مع شركاء الوطن والعملية السياسية من الاخوة الكرد هو تأكيد للوعي السياسي والفهم المتوازن لتيار شهيد المحراب مع الجميع دون الغاء او تهميش أي مكون مهما كان حجمه وان التفاهم الكردي المجلسي سيجري لصالح الجميع بالتأكيد وسيوفر اكثر من فرصة للحوار والتعاون لايجاد مخرج للكثير من الازمات الراهنة.ان التجربة الماضية المشحونة بالابادة والدمار قد اثبتت فشل التعويل على خيار الاستعداء والالغاء والاقصاء فلم تستطع ماكنة صدام القمعية واسلحته الكيمياوية من حذف الكرد من المعادلة السياسية او محوهم على الارض وهي حقيقة على الجميع استيعابها والاستفادة من التأريخ المعاصر بالاتجاه الايجابي وليس السلبي.
https://telegram.me/buratha