جواد الشلال
هل من المعقول ان يبقى العراق هكذا ضعيفا واهنا ...وهل من الطبيعي ان يتخلى عن دوره الإنساني ويبتعد عن الحركة في مضمار الأمة بجناحيها العربي والإسلامي ...هل يبقى العراق مجموعة مكونات ضعيفة مترددة وتعيش هاجس سكون ذا إبعاد عقيمة يترأسها مجموعة نقابات تريد ان تكون ممثلة لتلك المكونات وتعمل وفق أرادات جزئية غائبة عن الوعي الجمعي وتختلف عن إرادة الشعب بعمومة وتنسى أو تتناسى الإرادة الإنسانية عبر التاريخ لبلد لم تتغير من مكوناته شيء بل بقت كما هي ولم يحصل له ما حصل ...وبعد أي هزة عنيفة ينهض هذا الشعب بكل مكوناته ليصل إلى مديات بعيدة في التقدم والحضارة والازدهار اذا بات واضحا وجليا ان الركن الأساسي لتدمير مستقبل العراق هو تدمير ركائز الشخصية الوطنية وإشغالها بمعارك جانبية ذات بعد تدميري لكل ما يمت للوطن بصلة ....فما هي التوقعات لمستقبل العراق ...هل هي التجزئة الطائفية والقومية ..أم بلد يحتسي الذل من الوصاية للآخرين ...إما يبقى مرتهن بضعفه للآخرين ولم يستطيع ان يفعل حيال ذلك أي شي بمعنى ان يكون من أشباه المستقلين ...او انه يعود من جديد معافى قوي ومساهم حضاريا في الحراك الإنساني ويصبح الطرف الأكثر تأثيرا في منطقة الشرق الأوسط وتمتد تأثيراته إلى ابعد من ذلك ...ان التكهن في مثل هذه الأمر الخطير غير مرتهن تماما بالواقع الذي نعيش وان كان ذا بعد تأثيري وذو مضمون تحفيزي لكن التوقع المهم الذي يمكن نبني عليه توقعنا ,هو ان تتوفر إبعاد وحدة الشخصية الوطنية العراقية بعد ذلك سيكون العراق الرابح الأول ........فاستلاب الشخصية الوطنية العراقية هو المراد والهدف الأكبر للقوة المناهضة لقيام العراق من جديد ..فإشكالية الاستلاب تلك هي المصيبة الأعظم لتفتيت العراق وتقسيمه وذوبانه في الأمم والبلدان الأخرى أو على الأقل وضعه تحت وصايتها وبالتالي يفقد دوره الإقليمي والإنساني تماما...مع العرض ان العراق الذي انبثقت منه الحضارة مرتين احدهما قبل الميلاد والأخرى إبان النهضة الإسلامية الكبرى من خلال الدولة العباسية التي أصبحت إمبراطورية مترامية الإطراف وذلك خلاف الأمم ذوات الحضارة الواحدة في كل الدنيا اذا الكل يبحث في تاريخ هذا البلد ويعي موقعه الجغرافي ودلالاته التاريخية والحضارية ولكنهم يدرسون باحتراز ودقة طبيعة الشخصية العراقية وحدود طاقاتها ومنابع ثرائها منفردة أو مجتمعة ويركزون على إعاقة مراحل نموها وتقدمها المهم هم يجمعون وخاصة الكارهين لعوامل التقدم والريادة للعراق هم يدركون ان العراق بلد معطاء وانه اذا عاد من جديد وتسلق الخطى نحو المجد والحضارة فأنه يمتلك الحضارة من جديد بشكل مذهل وسيشع نورها ووجدانها على الدنيا كلها وسيكلف تدميرها أو سحقها جهودا كثيرة ووقت طويل لذلك فأن إعاقتها من البداية اقل كلفة في الوقت والجهد والمال لذلك يبحث أعدائه في الزوايا المظلمة ليجدوا قنابل اجتماعية أو اقتصادية لغرض تفجيرها وتمزيق وحدة وشخصية هذا الشعب وقتل روح الإبداع والانتصار على الذات ومرة يبحثون له عن مشاكل سياسية داخلية أو خارجية بغيه إلهاءه ومنعه من التقدم والتطور أو التفكير بحالة التفرد المتميز والتميز الاجتماعي للجميع ...اذا فالوقوف بوجه العراق واحتلاله أو تدميره هي بالواقع محاولة تدمير الشخصية العراقية التي علينا ان نعترف بأنها شخصية ليست بسيطة ساكنه بل هي شخصيه متقدة وأحيانا تصل إلى مراحل التناقض الغريب وكذلك ان ما اصطلح عليه بمنطقة الشرق الأوسط تعيش نظام رسمي متقارب السمات والدوافع من تفرد وحروب وتوريث ونظام قبلي متخلف يتنازع عليه الجميع من أبناء الشعوب المنتمية لبلدانها منذ سقوط الدولة العباسية ولحد ألان ...وهنالك الكثير من يريد الأمر على هذه الحالة...ولم يكن بالإمكان لا بالأفكار اليسارية أو اليمينية ولا الحركات الاجتماعية السياسية أو الدينية أو الاقتصادية تحويل مسار تلك البلدان بشكل فاعل وكبير بل ظل الواقع أسير إطار التخلف والخوف من المجهول والسكون الأحادي السياسي القاتل وؤدت جميع الأفكار والمحاولات لترميم وضعه وإدخاله في إطار حركة الحياة الحقيقية التي تعني التقدم والحضارة لكن يبدو ان المرشح القوي لذلك التغيير من هذا الوضع المأساوي وتحويله إلى واقع أفضل ومتقدم بعقود وربما بقرون من الزمان إلى الأمام ..هو العراق..وأكثر تخصيصا هو شخصية أبناء العراق المستقلة والدينامكية والمولعة بالحضارة والتقدم وان من يحاول إيذاء أبناءه سواء بالتدخل الرسمي أو بالإنابة غدا سيتم التدخل بشؤونهم عبر الإشعاع الحضاري للعراق وستكون شعوبهم هم المستفيدة من التدخل الوهاج المسالم الذي يمنح الحرية بلا ثمن اذا سيكون تدخل العراق الفكري ايجابيا لكل شعوب المنطقة... وان بعض أنواع الأمل الخافت والمرتبك قد بدأ عند بعض الشعوب وبدأ يدرك من يحارب أهل العراق عسكريا أو عبر الجريمة المنظمة وترويع الناس بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة سيمر هو بحالة أكثر فزع لكن بأسلوب جديدة هو حرية البشر جميعا وللأقليات حقا غير منقوص للتعبير عن ذاتها ووجودها ضمن الإطار الوطني العام وسيعمل الشعب على المطالبة بحقوقه والاشتراك باختيار قادته ومن يمثله سياسيا ولا يحتاج إلى سلاطين أو حكام مدى الحياة وان هذا الأمر مفزع وبشكل هائل للأنظمة التي لا تريد ذلك وتريد ان تكون هي صاحبة الفرمانات القاتلة والمانحة على حد سواء لتلك الشعوب.... فسترون أي فزع سيمرون به ولو بعد حين.... اذا المعادلة واضحة إننا سنكون الأوائل بالاحتراق والقتل والموت ومن ثم سنكون الأوائل بالحرية والحضارة ...ليست تلك أضغاث أحلام أو أمنيات بل هي النتائج الأولية للازدهار الحضاري وهي علامات لشهداء الحضارة والتقدم أو ربما مقدمات الوهج الإنساني الجديد الذي أريقت وستراق دماء كثيرة ليزداد توهجا ووضوحا..فالألمان مثلا قد اعترفوا بخسارة كل شي في الحرب الكونية الثانية ماعدا شي واحد هو شخصيتهم المستقلة وبالفعل فقد أعادوا كل شي لألمانيا الموحدة من حيث القوة الاجتماعية المتماسكة والقوة الاقتصادية الهائلة وفرض احترام الشخصية الألمانية على كل الدول ...بل أصبحوا بلد يحتذي به ونموذج يتعلم منه الآخرون ودرسا يحاول الكثير ان يستنسخوا منه تجربته لبلدانهم وأممهم ومثل هذا المثل ينطبق على اليابان وكوريا ودول أخرى...فالعراق هذا البلد المتميز بتنوع أفكاره ومناهجه ومستويات عالية من التفكير المناهض للسكون والموت الحضاري والرافض لكل حالات النمطية الموجعة والمتخلفة فهو يبحث ويغامر أحيانا من اجل ان يضع له بصمات في الإنتاج الفكري العالمي وليس طرفا منعزلا او مختفيا تحت أجنحة الكبار بل هو يهوى دائما ان يكون له جناحان كبيران في كل ميادين الحياة ..وبدأت الشرارة الأولى لتلك المعالم الآن رغم الهجمة القاسية والشاذة في كل المعايير على جميع أبناءه ... فشعبنا بدأ خطوته الأولى بالابتعاد بشكل كبير عن ميادين الصراعات الطائفية الداخلية ليتحول بالمرحلة المقبلة لبناء نفسه تدريجيا إلى مراحل أكثر تقدما وتطورا...ومثل هذا الموضوع الذي يراه البعض مملوءا بالتفاؤل غير المبرر أو غارقا بحب العراق ومبالغا فيه إلى حد العنصرية أو لان العراق لا يمتلك الحدود الدنيا من مستلزمات التطور الحضاري إلا إننا رغم إدراكنا لذلك كله إلا إننا نعتمد ونعترف بان العراق لا يخضع لمعايير الحضارة المعروفة عادة لان العراق بلد منتج وولود حضاري متميز وبشكل مذهل يتخطى الزمن ومقدمات البناء الحضاري اللازمة..وما علينا سوى الانتظار الصعب والقاسي وسنرى العراق الحضاري الجديد وان غدا لناظره قريب......
https://telegram.me/buratha