ليث عبد الكريم الربيعي
ينكر الكاتب والمفكر عبد الرحمن الراشد في مقاله (هل يوجد بعثيون؟) فكرة الوجود البعثي في العراق وخارجه، بدعوى أن مثل هذا الوجود وهمي لا يعدو كونه فزاعة ترفع من هذا الطرف بوجه ذاك، والنتيجة النهائية حصد المكاسب الانتخابية، ويتحدى الراشد في مقاله هذا أن يثبت أحد ما وجود حركة بعثية في العراق أو خارجه، مستثنيا من ذلك الطرح الثقافي مثل القومي والشيوعي والناصري ونحوه، الذي يوجد في كل مكان في العالم ولا يمكن أن نعتبره تنظيما حزبيا أو جماعة مقاتلة، كما يزعم في العراق، على حد قوله.المثير في الأمر أن الأستاذ الراشد يصرف عن نظره الوجود البعثي في العراق وسوريا واليمن وليبيا وصولا إلى موريتانيا وغيرها من الدول ممن ارتبطت بعلاقات وثيقة بصدام، وأصبحت هذه الدول بفعل هكذا علاقات مرتعا خصبا لأتباع صدام من البعثية وجلاوزته المتمترسين وراء ستار التنظيم الحزبي لإرهاب المعارضين وإجهاض العمل السياسي في العراق وباقي الدول التي في طريقها إلى الخلاص من ربقتهم والانعتاق نحو فضاء الحرية والديمقراطية.صحيح أن هؤلاء ممن يتشدقون بالانتماء إلى البعث لا يملكون حاليا مفكرين أو منظرين بل هناك جلادين (قادة) يسوقوهم نحو الدمار والخراب والقتل المجاني، إلا إننا لا يمكننا أن ننكر أنهم تربوا في أحضان التجمعات السرية والتنظيمات الحزبية وكانوا ولا زالوا يتمنطقون بمنطق المؤسسين لهذا الفكر الشوفيني كعفلق والبيطار والاتاسي وغيرهم، وما محاولاتهم بالعودة إلى العمل السياسي في العراق بما أطلقوا عليه بـ (تنظيم العودة) إلا نتيجة حتمية لنقاشات وسجالات مطولة لا يمكن غض الطرف عنها، وما تتناقله وسائل الإعلام من وجود كبار قادة حزب البعث في سوريا أو اليمن إلا لدعم عمل أذرعهم في العراق، وبهذا لا يمكن إغفال وجود البعث كتنظيم قائم يستمد وجوده التنظيري من الأفكار القومية والاشتراكية البالية والتي أسس عليها سابقا.ما يؤسف له حقا أن الراشد يقر بان "معظم العمليات التفجيرية في العراق لا علاقة لها بالبعثيين ليس لأنهم أبرياء بل لأنه لا وجود للبعث كتنظيم والتزام" وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي إذا ما اتهمنا بعثيي النظام السابق بالتفجيرات فمن يا ترى بنظر الأستاذ الراشد يريد الإطاحة بالتغيير السياسي في العراق وما مصلحة التكفيريين وحدهم في ذلك، وكيف لهم أن يستدلوا على مقرات الوزارات والمؤسسات الحكومية من دون مساعدة تذكر؟، فإذا ما اتهمنا البعثيين في ذلك فلابد من اتهام متعاطفين مع نظام صدام من السنة والشيعة والذين تربوا على أفكاره ولحم أكتافهم من خيره، وهم بالتالي بعثيوا الهوى من غير أن ينخرطوا في التنظيم، وأزيد الأستاذ علما أن صدام طالما أطلق عبارة "كل عراقي بعثي وان لم ينتمي" وهي ما تحيل إلى أصل تعاطف هؤلاء وتمسكهم بالفكر البعثي كمعتقد.في النهاية فقد شممت رائحة الدفاع الخفي عن الإخوة السنة، وكأن الراشد يجرد صدام من طائفته السنية التي طالما فضلت على غيرهم، لدواعي معارضتهم لنظامه، واذكره أخيرا بان صدام كان ولي أمر المسلمين السنة ولم يجرؤ أحدا لا من قريب ولا من بعيد على التأثير عليه للكف عن ظلم وقهر الشعب، حتى أنهم أباحوا له كتابة القران الكريم بدمه النجس.
https://telegram.me/buratha