عباس المرياني
يشتهر الشعب العراقي خاصة والعربي عامة بعادة أزلية لم تتغير مع عصر السرعة والانطلاق والانترنت وهي أخذ قسط من الراحة بعد الظهر تسمى القيلولة يريح فيها جسده وفكره من مشاغل ومشاكل العمل اليومي والبيتي .وأصبحت القيلولة ممارسة يومية على مدار السنة عند البعض أو في فصل الصيف اللاهب الطويل مع وجود الكهرباء والسبلت أو (المهفة اليدوية) أو بدونهما وهي ممارسة بيتيه لا تخرج من نطاق الدائرة الضيقة للعائلة وقد يصاب الإنسان بالسهاد وامتناع الجفون عن الاستسلام إلى النوم إذا تغير المكان وهذه عادة أخرى قد لا تجدها عند غير العراقيين. لكن الجديد في هذه العادة المميزة جدا والتي تبعث رسالة إلى الآخرين عن مدى استهانة الإنسان العربي والشرقي والعراقي بوقته وتهاونه في الاستفادة منه حتى يتحفنا احد المحافظين الجدد بمرسوم قانوني يعتبر فيه القيلولة منهاج يومي في دائرته (أي مقر المحافظة) وجزء مهم من برنامجه اليومي الشائك وليس من حق أي احد وكائنا من يكون أن يتجاوز على هذا البرنامج الراقي.وليس من حق أي احد أن ينتقد الواقع البائس للمحافظة التي يتسنم هذا المجاهد مسؤوليتها كون هذه القيلولة تعطيه القدرة على الاسترخاء والتفكير والتفرغ لانجاز المهمات الجسام التي سيقوم بها في الوقت اللاحق من بناء وأعمار وتوفير للخدمات وقضاء على البطالة وإعادة أعمار البنى التحتية كما أنها تساعده على القيام بواجباته العبادية خاصة صلاة الليل كونه من المواظبين عليها ودعوته الليلية فيها لأربعين مؤمنا ومؤمنة والتي ستشمل جميع أبناء المحافظة خلال أربع سنوات وهي سابقة لم يلتفت اليها المحافظين السابقين واللاحقين.
كما إن شهريار هذا لا يحتاج إلى شهرزاد كمؤنسة له رغم تجانس اسمها مع اسمه لأنها ستسمعه حكايات تقض مضجعه وستخبره عن الواقع المزري الذي تعيشه المحافظة بكل إحيائها وأزقتها وموانئها وحقولها وبساتينها ونخلها وان الذين انتخبوه يعضون على أصابعهم حسرة وألم وأصبح اسمه مثار للسخرية والتهكم والمرارة والانتقام.ورغم كثرة الانتقادات الموجه إلى صاحبنا ومطالبة البعض بعزله أو التوقف عن هذه الممارسة في إثناء الدوام الرسمي والتواجد في المحافظة إلا انه لا زال يمارس قيلولته بكل حرية مع فراشه الوثير والبعيد عن صخب العائلة مع التزام كامل من قبل أعضاء مجلس المحافظة بقواعد السلوك الأدبي في الاستجابة لرغبة السيد المحافظ وعدم إزعاجه بعكس أجواء البيت وفوضى الأولاد والأطفال ومطالب الزوجة التي تنتهي.ومن حسن طالع المحافظ وسوء طالع أبنائها ان أجواء محافظته صيفية على مدار السنة وحتى لا يستيقظ شهريار من قيلولته على الجميع عدم مراجعة المحافظة في جميع ساعات النهار
https://telegram.me/buratha