محمود الربيعي
محمد بن عبد الله بن جعفر الطيار المقدمة التأريخية التعريفيةعلى الرغم من عدم مشاركة عبد الله بن جعفر زوج السيدة زينب عليها السلام إلاّ أنه أرسل إبنيه عون ومحمد إلى كربلاء برفقة أمّهما زينب ، فأستشهدا كلاهما، فقتل عبد الله بن قطنة التيهاني التميمي إبنه عون، وقتل عامر بن نهشل التميمي إبنه محمد.وقد روي أن عدم خروجه كان بسبب كف بصره، فلما نعي إليه الحسين عليه السلام وبلغه قتل ولديه عون ومحمد كان جالساً في بيته ودخل عليه الناس يعزونه، فقال غلامه أبو اللسلاس: هذا ما لقينا من الحسين (وكان الغلام قد ربى عوناً ومحمداً) فحذفه عبد الله بنعله وقال له: "يا بن اللخناء. أللحسين تقول هذا؟ والله لو شهدته لما فارقته حتى أقتل معه، والله إنهما لما يسخى بالنفس عنهما ويهون علي المصاب بهما، إنهما أصيبا مع أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه" ثم اقبل على الجلساء فقال: "الحمد لله، أعزز علي بمصرع الحسين، إن لم أكن واسيت الحسين بيدي فقد واسيته بابني".تحليل لمواقف محمد وأبيه عبد الله بن جعفر الطيار أولاً: ظهر لنا الموقف العقائدي والسياسي الواضح لعبد الله بن جعفر الطيار من خلال رغبته القلبية الصادقة في الخروج مع الإمام الحسين عليه السلام لولا أنه قد فقد بصره بحيث لم يعد قادراً على الخروج والقتال لذلك أرسل ولديه محمد وعون ليشاركا الإمام الحسين عليه السلام في مواجهته للحكم الأموي الظالم.ثانياً: أنه قد تقبل التعازي في منزله لمصابه بالإمام الحسين عليه السلام وبولديه محمد وعون، وكان يتمنى أن يكون قد مات شهيدا مع الإمام الحسين عليه السلام، ولم يقبل الطعن بمواقف الإمام الحسين عليه السلام ولم يقبل لأحد أن يُحَّمِل الإمام الحسين عليه السلام تبعة مقتل ولديه بل أعتبر ذلك فخراً وعزاً.ثالثاً: إن إمتثال محمد وعون رضوان الله تعالى عليهما لرغبة أبيهما لم يكن العامل الوحيد لرغبتهما في الإنضمام الى حركة الإمام الحسين عليه السلام، بل إن موقفهما كان نابعاً من الإيمان الكلي بالقضية وبسلامة موقف الإمام الحسين عليه السلام الذي كان يعبر عن يقظة ضمير الأمة متجسداً بقيادته الراشدة، فالخروج معه يعني الموت بعينه وتحصيل الشهادة الفخرية ومثل هذه المواقف تعتمد على الخيارات الحرة الشجاعة.رابعاً: لقد وصفهما أبوهما بحسن المواساة والصبر في ذلك الموقف الصعب الذي لاخيار فيه غير الشهادة.فالسلام على أرواح الشهداء محمد وعون، أبناء عبد الله بن جعفر الطيار والسيدة زينب عليها السلام، ونسأله تعالى أن يرزقنا شفاعتهم يوم لاظل إلاّ ظله.
https://telegram.me/buratha