بقلم داود نادر نوشي
يقال أن رجلا توفى الله زوجته وتركته وحيدا ، وهو يئن ألم الوحدة والفراق لرحيل زوجته أم حسن ، التي شاركته الحياة لعشرات السنين وتقاسمت معه الأفراح والأتراح ، مما دفعه للعويل والنحيب، فاجتمعت نساء الجيران للتخفيف عنه والقدوم إليه ومحاولة مساعدته على مصيبته ، وكان يصرخ أمام النسوة ويقول ، لمن اذهب حين يصيبني الجوع ، فتجيب النسوة ، نحن نعد لك الطعام يا أبا حسن ، ثم يصرخ فيقول أين اذهب حين تتسخ ملابسي ، فتجيب النسوة ، نحن نغسل ملابسك يا أبا حسن ، وأين وأين وأين ، ثم صرخ بأعلى صوته ، من يكون أنيسي في فراشي وكانت الطامة الكبرى ، فبماذا تجيبه النسوة على هذا السؤال المحرج وكان لابد من السكوت فلا من مجيب لصرخة أبو حسن، وعندها صاح أبو حسن بأعلى صوته، سكته يم حسن سكته، سكته يم حسن سكته
وفي وضعنا السياسي العراقي الكثير ممن يجيدون الصمت والسكوت في ظل الوضع الراهن الذي نعيشه ، لاسيما عندما يصرخ العراقيون بأعلى أصواتهم مما هم فيه ، فلا يسمعون الإجابة ، وسكته يم حسن سكته ، واقصد هنا الصرخات المدوية لجميع الشرفاء من العراقيين عندما يتعلق الأمر بالملفات الأكثر مساسا بحياة العراقيين ومنها الترتيبات القائمة على قدم وساق من اجل عودة البعثيين والصداميين إلى سدة الحكم من جديد , والتي مازالت تقطر أيديهم بدماء الأبرياء طوال عقود من الزمن, وتأتي هذه الدعوات انسجاما على مايطلق عليه المصالحة الوطنية وتحت عناوين وأسماء وشعارات هي نفسها التي مزقت أسماعنا خلال حكم المقبور صدام وظهرت لنا من جديد تحت رعاية السياسيين الأقزام المفلسين ' والتي تكفلت بها البعض من القوائم الانتخابية المحسوبة على دول المحيط العربي والمدعومة بأموالهم , وأنا على يقين أن الكثير من تلك القوائم درجت بين طياتها الكثير من البعثيين وعصابات الأجهزة القمعية من اجل الوصول بها إلى البرلمان القادم , وإكمال المخطط المشبوه الذي تحلم به دول الإقليم والبعض من السياسيين المرتبطين بالبعث ألصدامي والذي يراد منه العودة إلى زمن الحكم الطاغوتي وعودة البعث من جديد ، كل هذا يجري تحت مسمع ومرأى المفوضية العليا للانتخابات وقانون المسائلة والعدالة ومن لهم السلطة في تعقب هذه الشرذمة الباقية من فلول البعث , ورغم الصراخ والعويل لكن سكته يم حسن سكته ولا نعرف متى نسمع الجواب .
وهناك صرخات وصرخات مدوية يطلقها العراقيين من اجل تطهير الأجهزة الأمنية من بقايا فلول البعث وأيتام النظام البائد الذين وصلوا إلى أعلى درجات السلم الوظيفي في دوائر الأجهزة الأمنية ، وبالتالي يتحملون الجرائم المأساوية التي يعاني منها العراقيين لاسيما الإعمال الوحشية والإرهابية التي طالت الأبرياء في أواخر 2009 , وهم بذلك يسيئون إلى الإبطال والمناضلين من أبناء الأجهزة الأمنية الذين يقدمون الغالي والنفيس من اجل حماية العراق والعراقيين ، وعندما تتعالى الأصوات من اجل اجتثاث البقايا الباقية من شرذمة الصداميين في قواتنا الأمنية لا نسمع ردا شافي ولاتبرير مقنع وسكته يم حسن سكته .
ولكن إلى متى هذا السكوت والصمت ونحن ندخل السنة السابعة من عمر التغيير الذي أطاح بالدكتاتورية واتى بالعراق الجديد ، إلى متى السكوت ونحن على أبواب انتخابات مصيرية تترسم من خلالها الخارطة السياسية للعراق وتتضح لنا الحكومة الجديدة والبرلمان القادم , وبذلك يتحطم الصمت والسكوت الذي نواجه , لان صرخات صناديق الانتخاب لن يقف أمامها سكوت الساكتين ولا صمت الصامتين , وأمام هدير أصوات الناخبين سيسمع أبو حسن جوابا ولن يردد عبارته الشهيرة سكته يم حسن سكته
https://telegram.me/buratha