بقلم: ابو ايمن الركابي
الذي نفهمه عن طبيعة عمل الاوقاف عموماً والوقف الشيعي منها هي ان وظيفتها ادارية تتعلق بالاوقاف ومستحقاتها الوجودية والمالية ، واسمها مستمد من وظيفتها فهي دائرة اوقاف وليست دائرة ثقافية او دعوة ، فليست الوظيفة الرسمية للوقف الشيعي الدعوة وتهيئة الدعاة والدخول في معترك المعارك الفكرية والثقافية ، فللوقف وظيفة محددة تتعلق ببنايات الاوقاف من حيث صيانتها وكيفية المحافظة عليها وعلى ديمومتها ومردوداتها المالية.
وفجأة تحولت وظيفة الوقف الشيعي الى وظيفة فكرية ودعوية فتدخلت في طبيعة خطاب المنابر الحسينية وفرضت شروط ومحددات لظهور الخطبة الحسينية في الفضائيات وهي سابقة خطيرة لم يكن يجدر بالوقف الشيعي الدخول في معتركها لا سيما وهي خارج طبيعة عمله ! فمن ذا الذي يعطي لنفسه الحق في تصحيح عبارات الخطيب الحسيني ، ومن يمكن ان يدعي ان لجنة التصحيح الموعودة التي بشرنا بها الوقف الشيعي هي على مستوى معتبر من الثقافة والفكر بحيث تصبح مرجعاً خطابياً للامة ! ومن ذا الذي يزعم انه يمكنه القيام بأعباء هذه المهمة المرجعية الخطابية الخطيرة ؟! ومن يعطي لهذه اللجنة الموعودة الحق في فرض ذوقها الثقافي والفكري على الآخرين !! نعم هناك امور هي ابعد من مسالة الحلال والحرام والخطأ والصواب ، فنحن من خلال متابعاتنا المستمرة لخطباء المنابر الحسينية نعلم ان لكل خطيب ذوق فكري وثقافي معين ، ومن خلال ذوقه تنطلق فكرته ورواياته وما يعبر عنه في خطبته المباركة ، فهل يحق للجنة الموعودة ان تفرض ذوقها على الخطباء !!؟ وهل يحق للجنة من جهة اخرى ان تصحح الروايات وفقاً لذوقها ورأيها واطلاعها !
ومن جهة اخرى نتسائل كم يمكن ان تغيب خطبة الخطيب في دهاليز لجنة الوقف الشيعي الموعودة في طريقها لأتمام عملية قصها وتصحيحها عليها من قبل اللجنة !؟ مثلاً خطبة اليوم العاشر من محرم هل ستكمل اللجنة الموعودة عملية تنقيحها في اليوم العشرين او الخمسة والعشرين من محرم لا سيما واعضاء اللجنة سيكونون منشغلين بمراسيم تقديم العزاء والزيارة ثم تدقيق الخطبة وتدقيق رواياتها وأفكارها ثم يأتي دور روتين الدوائر الحكومية وكتابنا وكتابكم الى ان يطلق سراح الخطبة بعد التعديل وتكون مناسبتها قد مرّ عليها ما لا يقل عن اسبوع في احسن التوقعات !!
ثم اليس فرض قيود على البث المباشر للخطبة الحسينية وتعريضها للبتر بمقص الرقيب قد يفتح الباب لأطماع الطامحين السياسيين للتدخل تحت عناوين المصالحة والوحدة الوطنية للضغط على اللجنة المذكورة لبتر مقاطع لعن الامويين واذنابهم تحت ذريعة الصحبة والاجواء الوطنية التي يجب ان تسود الخطاب الاعلامي !! اليس في ذلك مسخ للخطابة الحسينية وحرفها عن هدفها الاساسي في توعية الامة تجاه الجرائم التي ارتكبها الطواغيت والتي جرّت كل هذه الويلات تباعاً على شيعة آل البيت (عليهم السلام) !
اليس عندنا تجربة مماثلة حيث سبق لإدارة العتبة الكاظمية المقدسة ان منعت الخطيب السيد محمد باقر الفالي من بث خطبته مباشرة وخيرته بين تقطيع مقاطع منها ثم بث تسجيلها او منعه ممن الخطابة ففضل الامتناع عن الخطابة. اليست هذه تجربة سيئة وخطوة رديئة من قبل ادارة العتبة الكاظمية المقدسة تجعلنا نفكر في خطورة ما قد تتعرض له الخطابة الحسينية في العراق نتيجة هذه القرارات غير المدروسة !؟
ثم لماذا حشر الوقف الشيعي اسم المرجعية الدينية العليا في كتابه حينما وجه نسخة منه الى مكتب المرجع الاعلى سماحة السيد السيستاني (دام ظله الوارف) ! فمن المعلوم ان الوقف الشيعي هو جهة حكومية رسمية بينما المرجعية الدينية العليا هي جهة غير حكومية فلماذا يتم ارسال نسخة من الكتاب اليها ولم يتم استشارتها اصلاً قبل اصدار الكتاب مما يجعل البعض يستندون الى عدم ادلاء المرجعية العليا برأيها في الموضوع بأنه يعكس قبولها لهذا العمل بينما في الحقيقة قد تكون المرجعية العليا في طور دراسة الموقف وقد ترى انه لم يحن الوقت لبيان رأيها النهائي في الموضوع فهي اعلم بشؤونها ومصالح الامة الاسلامية من أي احد آخر. اليس في توجيه الوقف الشيعي نسخة من الكتاب الى مكتب المرجعية العليا فيه نوع من محاولة التوريط للمرجعية العليا في الامر واقحامها في موضوع قد لا تكون المصلحة بتداوله على هذا المستوى وعلى هذا النحو. الم يكن من الادب ان تستشار المرجعية العليا قبل توجيه الكتاب المذكور اليها ؟! الم يكن من الادب ان يتم مخاطبة المرجعية العليا بكتاب مستقل يشرح لها وجهة نظر الوقف الشيعي من المسالة لا ان يتم مخاطبتها كما تخاطب اي جهة حكومية بإرسال نسخة من قراراتها ! فماذا يتوقع الوقف الشيعي من المرجعية العليا وهو يبلغها بنسخة من كتابه هل يتوقع ان تنفذ له قراراته ؟ فهل المرجعية العليا جهة تنفيذية حتى يخاطبها الوقف الشيعي على هذا النحو ام هي جهة استشارية ، وهل من يطلب الاستشارة يفعلها بعد ان يقرر قراره ام قبل ان يقرره ؟!! وهل المرجعية جهة استشارة للوقف الشيعي لكي يتم مخاطبتها على هذا النحو ام هي اعلى جهة دينية في العالم الاسلامي وينبغي تقديمها في طلب النصح والارشاد قبل اقرار مثل هذا القرار الحساس والمصيري والمثير للجدل.
ان موضوع كتاب الوقف الشيعي بمنع البث المباشر يتعلق بالخطب الحسينية في العتبات المقدسة واذا نجح هذا الامر وتم فمن المحتمل ان يوسع الوقف الشيعي سيطرته على جميع المساجد والحسينيات ويمنع البث المباشر منها ، فخطوة منع البث المباشر من العتبات المقدسة هي خطوة قد تتبعها خطوات ...والى الله المشتكى.
https://telegram.me/buratha