عباس المرياني
تعتبر السياحة مظهر حضاري مهم لأي دولة تبحث عن وجهها المشرق من خلاله بين دول العالم وتوصل الليل بالنهار في التخطيط والعمل من اجل زيادة عدد الزوار والوافدين الذين يفرغون ما في جيوبهم عن طيب خاطر لتحوله إلى عملة صعبة تغذي بها ميزانية متهالكة تفتقر إلى مجد أبار النفط والغاز وما تدره من أموال تنوء بها خزائن الوارثين. وتتفنن هذه الدول في طرق الجذب والاستقطاب وتسخر كل إمكاناتها الأخلاقية والجسدية والعاطفية لتظهرها لضيوفها الكرام بأجمل وأبها وارق حلة لأنها لأتملك غير ذلك المصدر الشفاف.ومع ذلك فانك تجد هذه الدول تعيش بسعة ودعة لا يسيئها إلا ما يسيء لضيوفها الكرام كونهم مصدر الخصب والنماء وبدونهم لا تعدو عن كونها بلد للفوضى والفقر والمشاكل.وبالمقارنة المنطقية لعدد من هذه الدول التي لا تجد غير الفن والخداع بابا للاستثمار والارتزاق وبين العراق كثير النفط والغاز والزئبق واليورانيوم و.. و....والمياه والزراعة والارطاب والأعناب فانك لن تجد صعوبة في تشخيص العلة الأزلية التي تلازم العراق وتجعله محسودا حتى على مشاكله وقتلاه وتنافس الظباء عليه.وإذا تركنا النفط ومشاكله جانبا وسئلنا الله إن يخسف الأرض به وبطغاته من إل سعود أصحاب الثياب القصيرة واللحى الطويلة لأننا لم نحصل منه إلا على الحروب والدمار ونفاق الإعراب عند كل صيحة ورفع راية.
لو تركنا هذا خلف ظهورنا وتوجهنا إلى مصدر من مصادر الخير والنعمة التي ينعم بها بلدنا واستثمرناه بصورة صحيحة وكرسنا وقتنا وجهدنا من اجله ووضعنا أمواله بأيد أمينة واعتمدنا بعد الله عليه لكنا الآن في عالم أخر لا يمت إلى خرائب العراق بصلة وهذا المصدر هو السياحة الدينية حيث مراقد أهل البيت الكرام في النجف الاشرف وكربلاء والكاظمية المقدستين وفي سر من رأى المنكوبة. لكن الأمر لا يعدو عن كونه أمنيات في زمن الفوضى والاستهتار وإلا كيف تفسر حالة البأس والتخلف وانعدام الخدمات وقلة المرافق الحيوية التي تحتاجها مدننا المقدسة وهي بإمكاناتها الهائلة يمكنها ان تقرض دول وتبني مدننا وتغير معالم لم تستطع حقول البترول من تغييرها. ولا يقتصر الأمر على استئثار جهة واحدة بالأموال الداخلة إلى العراق بفضل بركة أهل البيت بل يتعدى ذلك إلى حالة نكران الجميل والاستئثار بكل هذه الأموال ولم يخصص منها لاخمس ولا ربع لهذه المدن حتى تنهض بأعباء الخدمة والاستقبال والظهور بمظهر حضاري يليق بضيوفها الكرام .ولا عجب ان تستأثر وزارة الخارجية العراقية بهذه الملايين الطائلة التي تتدفق إلى العراق من زوار ووفاد كل دول العالم الى بقاعنا المقدسة لتتنعم بها مع ضيوفها وموظفيها وتترك كربلاء والنجف والكاظمية وسامراء وضيوفهما الأعزاء دون عزاء والذين لا يشترطون إلا التحاف السماء ما داموا بين رياض كربلاء ووادي السلام وغصة تملا صدورهم من الواقع المتردي حتى وان كانوا من الهند أو أفغانستان.
ما الذي سيحدث لو ان الحكومة العراقية أصرت على اقتطاع نسبة 10% من واردات السياحة الدينية ولا أقول أكثر من ذلك حتى لا اتهم بالطائفية وتحويل هذا المبلغ إلى أعمار المدن المقدسة عندها يمكن للجميع معرفة سبب تمسك وزارة الخارجية بحق غيرها وقد يعذرها البعض لان الأرقام ستكون مهولة وبإمكانها تغيير معالم مدن وتحويلها إلى منتجعات ومحطات للراحة والاستجمام.
أنها دعوة واستغاثة صادقة من اجل إنصاف مدننا المقدسة ومنحها جزء من حقوقها وهو ليس استجداء وتوسل من أي جهة لكنه تذكير وعسى ان تنفع الذكرى
https://telegram.me/buratha