احمد عبد الرحمن
لم يجتمع ملايين المؤمنين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم ومشاربهم واجناسهم في مدينة كربلاء المقدسة واماكن اخرى كما يجتمعون في كل عام في العاشر من محرم الحرام ومناسبات اخرى، من اجل نيل مكاسب وامتيازات انية ودنوية معينة، او لنيل رضى هذا الشخص او ذاك.ان هذه التظاهرة المليونية الحاشدة التي انهمرت فيها الدموع حرى، والتي تتجدد عاما بعد عام بصورة اكبر واشمع واوسع، والتي كان شعارها المركزي الكبير والموحد هو (هيهات منا الذلة) الذي رفعه ابي الاحرار الامام الحسين عليه السلام قبل اربعة عشر قرنا من الزمان، اطلقت رسالة واضحة ومعبرة بصدق واخلاص وولاء لايوصف.. رسالة الجموع المليونية في هذا العام وفي كل عام، تمثل تجديد ومواصلة وتثبيت لمفاهيم وقيم ومباديء الثورة الحسينية الخالدة، انها ذات الرسالة التي اطلقها سيد الشهداء عليه السلام، حينما ضحى بنفسه وعياله واهل بيته من اجل اعلاء كلمة الله عز وجل، والمحافظة على الدين المحمدي الاصيل، وبناء المجتمع الانساني الصحيح القائم على اساس العدل والحرية ورفض الظلم والخنوع والعبودية لغير الباري سبحانه وتعالى.
ولعل التدقيق والتأمل في حقيقة ان الامام الحسين لم يخرج ولم يعلن ثورته للاستحواذ على سلطة او نيل جاه، او اخضاع مجتمع، وانما خرج من اجل الاصلاح الشامل ،ومثلما يقول (انني لم اخرج اشرا ولابطرا ولاظالما ولامفسدا وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم).التدقيق والتأمل في تلك الحقيقة، يؤكد ويثبت بدوره حقيقة مهمة للغاية، الا وهي ان رسالة الامام الحسين عليه السلام التي اطلقها من خلال ثورته العظيمة الخالدة هي رسالة الحياة وليس رسالة الموت مثلما يحاول بعض المشككين والمغرضين تصوير ما حدث في كربلاء بأنه فعلا انتحاريا. فلو كان الامر كذلك لما بقيت تلك الثورة وما شهدتها من تضحيات كبرى، خالدة وحية في نفوس وقلوب ووجدان ملايين الناس، ليس من اتباع اهل البيت عليهم السلام فحسب، ولا من المسلمين فقط، وانما من مختلف الاديان والقوميات والملل والاقوام، الذين وجدوا في تلك الثورة خير ملهم وهادي لهم في طريق مواجهة الظلم والاستبداد والاستعباد والافكار والتوجهات المنحرفة للحكام والطغاة.كيف لاتكون ثورة الامام الحسين عليه السلام قد اطلقت رسالة الحياة، وهي التي جاءت لتصحح المسارات الخاطئة، وترسخ المفاهيم والقيم الصائبة، ولتحفظ وتصون الرسالة السماوية الخاتمة من الزلل والانحراف والضياع الذي اراده لها المستبدون والطغاة وعبيد الدنيا؟.
https://telegram.me/buratha