المقالات

مصداقية الوقف الشيعي على المحك

1328 19:26:00 2009-12-28

بقلم: صادق حسين الركابي

اعتادت والدتي في كل صباح الاستماع إلى محاضرات سماحة السيد مرتضى القزويني حفظه الله حتى أنها كانت تعيد علينا ما يقوله أو يرويه من قصص و أحاديث و آيات قرآنية تتحدث عن أحوال الناس في الدنيا و أمورهم في الآخرة و تعلمهم مكارم الأخلاق و تحذرهم من مراذلها. إلاّ أننا صدمنا في هذه الأيام بخبر تناقلته بعض وسائل الإعلام مفاده أن ديوان الوقف الشيعي في جمهورية العراق قررمنع بث المحاضرات الدينية مباشرة من الروضة الحسينية حتى يتم التأكد من صحة الأحاديث و الآيات الشريفة التي يتم ذكرها في تلك المجالس و من ضمنها محاضرات السيد القزويني التي كانت تبث مباشرة عبر بعض القنوات الفضائية.

و هي خطوة أثارت حفيظة الكثيرين و أثارت العديد من التساؤلات حول التوقيت و السبب الحقيقي وراء هذا القرار. فالحجج الواهية التي استند عليها ذلك القرار المجحف تتناقض مع بعضها. و المتابع لمحاضرات السيد القزويني يجد بأنه يقرأ مباشرة من القرآن الكريم و يفسر بالاستناد إلى العديد من الكتب و التفاسير المعروفة . كما أن السيد المبجل ليس بشاب ٍ صغير، حديث العهد بالمحاضرات الدينية أو تخرّج منذ سنة أو سنتين و بدأ كغيره يفتي من هنا و هناك و يحرض الناس على الإرهاب و الفتنة. كما أنها ليست المرة الأولى التي يحاضر فيها في مجالس حسينية و يتحدث فيها أمام الآلاف من الناس و هو سيد جليل يُشهد له بالمعرفة بعلوم الدين و الفقه و الاعتدال و الوسطية بعيدا ً عن التعصب و الافتراء.

بل نجده يخاطب حتى التكفيريين بالحكمة و الموعظة الحسنة و يدعوهم مرارا ً و تكرارا ً للتعرف على المذاهب الإسلامية الأخرى و يوضح لهم حقيقة المذهب الجعفري و الشيعة بأنهم مسلمون كغيرهم يشهدون بأنه لا إله إلا الله و أن محمدا ً رسول الله و أن صلاتهم هي لله وحده و قبلتهم هي ذاتها قبلة كل المسلمين و هي الكعبة المشرفة.

فما هو الخطأ الذي ارتكبه هذا العالم الجليل و غيره من علماء الحوزة العلمية حتى يستحقوا مثل هذا القرار الظالم.

و هل يعني هذا بأنه يتوجب على كل عالم ٍ و فقيه ٍ أن يرجع إلى ديوان الوقف الشيعي في خطبه و محاضراته حتى يحصل على موافقة و بركة هذا الديوان ليتمكن من المضي في عمله و إرشاده للناس. هل عدنا إلى مرحلة النظام البائد الذي كان يسيطر حتى على خطب الجمعة خوفا ً من الفكر و الثقافة و العلوم و باستخدام ذات الحجة و هي التأكد من صحة الأحاديث و الآيات.

سبحان الله ، ما أشبه اليوم بالأمس .

و إذا كان مثل هذا القرار يصدر عن مؤسسة شيعية فلماذا نعتب إذا ً على تلك الدول التي تحارب مجالس الحسين و علماء أهل البيت (عليهم السلام) و نقول بأن تلك الدول لا تحترم الحريات الدينية و ممارسة الشعائر المقدسة.

هل إن هذا الإجراء يأتي تمهيدا ً لإجراءات أخرى أشد و أقسى على أتباع أهل البيت في بلد يكثر فيه أنصارهم و هو العراق. و هل يأتي هذا القرار الغير حكيم استجابة لضغوطات إقليمية و دولية تجد في العراق خطرا ً على أنظمتها باعتبار أن مبادىء الحسين تهدد عروش طواغيتها.

هل تستحق الانتخابات و الفوز بالكراسي كل هذا الانصياع لضغوطات بعض الدول الإقليمية حتى صرنا نتخلى عن رموزنا و نساوم عليها. لكن ما أكثر العبر و أقل المعتبرين فهذا التاريخ يعيد نفسه و ذكرى عاشوراء تتكرر أمامنا لكن بغير شخوصها و في غير زمانها. و إذا كان البعض يتصور بأن الخضوع لمثل هذه الضغوطات الإقليمية سوف يمكنه من الحصول على مكاسب سياسية و مادية أكبر فهو مخطىء و واهم و هو بالتأكيد لم يقرأ

تاريخ عاشوراء جيدا ً. فيزيد اللعين لم يتمكن من محو ذكر الحسين (ع) و لا من جاء وراءه من حكومات ظالمة اتبعت أبشع الوسائل لترهيب الناس و محو ذكر أهل البيت (ع). و لم تتمكن تلك الحكومات من تخليد حكمها في حين بقي ذكر الحسين و أصحابه خالدا ً على مدى الدهور.

إننا نهيب بديوان الوقف الشيعي و المسؤولين فيه بأن يكونوا على قدر المسؤولية المناطة بهم في نشر فكر الحرية و التعددية بعيدا ً عن الحزبية الضيقة و المقيتة. و نؤكد لهم أن الاستمرار في هذا القرار سوف يفقدهم مصداقيتهم في الشارع العراقي خاصة و الإسلامي عامة.

و أود أن أشير هنا إلى نقطة هامة و أساسية و هي أن صحن الإمام الحسين (ع) و الروضة العباسية هما ليستا ملكا ً لجهة ما أو حزب معين و إنما هما ملك ٌ لجميع الأحرار في العالم فكيف و سيد من أولاد الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلّم) يمنع من إلقاء محاضرات دينية من صحن جده الحسين (ع). و من هو الذي أعطى الحق لجهة دون أخرى أن تمثل ملايين الشيعة في العالم و تصادر حقهم في الاستماع لصوت الحسين (ع) . و أود التذكير أيضا ً بأنه إذا كانت الجهة التي قررت إصدار مثل هذا القرار بمنع المحاضرات من صحن الروضة الحسينية تعتبر نفسها وقفا ً للشيعة فإن كربلاء المطهرة و النجف المقدسة كلها وقف ٌ للشيعة و أحرار العالم. و لا يملك أحد أو سلطة ما الحق في احتكارهما.

لذلك نرجو أن يتم تصحيح هذا الخطأ و الابتعاد عن هذه الزلّة و أن لا نكون مرتهنين في مواقفنا لدول و أحزاب فهذا لا يمثل خط الأحرار و لا نهجهم و نحن الذين كنا و لا نزال نقول (هيهات منّا الذلّة) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
Ayad
2009-12-31
ل الاخ ابو الحسن انا لدي تحفظ على كلامك لانك لو قرءته جيدا ستراه ادلة دامغة وحقاءق ك خطبة الشيخ عبد الحميد المهاجر وكلامي يتوافق مع كلام الكاتب اما كونك تعترض على كلامي فاعتقد انت او غيرك من تدافعون عن المالكي لن تغيروا او تنسوا الناس عن الذي حدث بالاضافة لارجاعه البعث بمصالحة البعث
ابو الحسن
2009-12-30
اشكر الاخ الركابي لاثارتة هذا الموضوع مع تحفضي على كلام الاخ اياد للشيخ المهاجر وقاة اللة من حيث ان الامور لا تعالج بهذه الطريقة في كل بلاد فلكل خصوصيتة من حيث التعامل رغم ان موضوع الامام الحسين او الائمة(ع) ثابت بلا ادنا شك في كل زمان ومكان ..... لكن اطرح سؤال بهذه المناسبة : هل ان هذا التصرف لة علاقة بزيارة السيد رئيس الوزراء المفاجئه او الغريبة او الغريبة التوقية حيث النتائج المبهمة ولا تصريحات ولا لقاءآت والذي اثارني اكثر لقاءة بالعراقية الاكثر ابهاما
عبدالرزاق النصراوي
2009-12-29
لقد كانت توجيهات الوقف الشيعي اعتداء صارخا على مشاعر الملايين من اتباع ال البيت ومبررات ايقاف البث المباشر لمحاضرات سماحة السيد القزويتي تافهة وهل يليق بالوقف الشيعي ان يتعامل مع مثل هذا العالم النحرير الضليع بتفسير القران واسرار اللغة العربية بمثل هذا الاسلوب الفج ؟!ونعتقد ان اسباب المنع تعود الى قيام سماحة السيد بتوجيه الانتقاد الى الافكار الوهابية الضلامية ويبدو ان هذا الامر يتعارض مع برنامج المصالحة الوطنية التي يراد اقامتها على مذبح الحقيقة وطمس هوية الاغلبية في العراق ومصادرة مشاعرهم ايظا.
Ayad
2009-12-29
الذين يدعون نفسهم مستقلين هم ينتمون لحزب الحاكم وقرارهم للتاءكد من الخطب الحسينية ليس فيها اساءة ل ال البيت ع هذا كذب بل بالحقيقة يريدون ليس بها انتقاد للحكومة والا بالله عليكم متى سمعتم خطيب حسيني ومعروفون خطبه ليس على منهج ال البيت ع مستحيل هم وخطبهم على منهج ال البيت ع وهناك مؤامرات تحدث غير معروفة لكم اسمعوا ياشيعة خطبة سماحة الشيخ عبد الحميد المهاجر خطبة الليلة الثامنة من محرم سنة ١٤٣١ هجري على صفحة سماحة الشيخ عبد الحميد المهاجر http://al-muhajir.com
Ayad
2009-12-29
بارك الله بك و وفقك اخي الكاتب لقول الحق ونصر والدفاع الشعاءر الحسينية وكثر من امثالك واشكر اخوتنا الاعزاء شيعة الكويت وسماحة الشيخ عبد الحميد المهاجر من نبهونا للمؤامرات المتزايدة على الشعاءر الحسينية فهي تحارب الان ضد الشيعة العراقين الاعزاء وتحارب بايران من قبل جماعات الشاه المعارضة الايرانية وتخريباتهم وقت عاشوراء وعدم احترام قدسية المناسبة ل الانتقاص من الثورة الاسلامية وشيعة ايران الحقيقيين الاعزاء وباليمن الحكومة هجمت على المجالس الحسينية لاخوانا شيعة اليمن الاعزاء واعتقلت وخربت المجالس الحسينية وراءيت بالتلفزيون بناية بالكويت علقت عليها اشياء مسيءة للشيعة واحتجوا اخواننا الشيعة الاعزاء بالكويت ضدها ورفعوا الشعارات الحسينية وبالحجاز اغلقت السعودية مجالس حسينية ولكن اخواننا الاعزاء الشيعة بالمنطقة الشرقية يقاومون ال سعود ويحيون المجالس الحسينية بقوة واكثر انتشارا واخواننا شيعة البحرين الاعزاء يواجهون حرب وقمع ضدهم لكنهم يواجهون الظلم بقوة وثبات ايضا كل الشيعة محبين وانصار الامام الحسين ع يواجهون حرب مكثفة ومتزايدة واستراتيجية جديدة وشاملة على كل الدول التي بها شيعة هذه السنة باوامر امريكية للحكومات ومعارضة تخريب المدن والشوارع بايران
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك