محمود شاكر شبلي
ان تكامل الدور الرسالي ...كما في الحوراء زينب (ع) والأمام الحسين (ع) لهو نموذج رائع للتكامل بين الرجل والمرأة في الإسلام ..وأن من دروس معركة ألطف الخالدة هو الدور العظيم الذي أدته زينب عليها السلام أثناء وبعد الواقعة والذي نستطيع إيجازه بمايلي :1-المحافظة على الروح المعنوية لوفد الشهداء ونسائهم :فقد كان ألامام الحسين (ع) منفذا لدور البطولة المطلقة في واقعة الطف التاريخية التي مازالت عبر الدهور تزداد ألقا وتتصاعد سموا بدروسها وعبرها الرائعة .. وقامت الحوراء زينب(ع) بدور أساسي في الواقعة وهو حفظ الروح المعنوية العالية للركب بأجمعه قبل المعركة وأثناءها ومن ثم بعدها ..لقد قتل الرجال واحدا بعد واحد أمام أنظارها , وكانت ومن معها ينظرون ألى جل ألأمر وتفاصيله من على قمة التل الزينبي ..ولم تجزع زينب(ع) ولم تسمح للنساء بالجزع أو النحيب الّا همسا وبعيدا عن الأنظار ..
2- أظهار المعنى الحقيقي للقضية :وفي عباراتها نتلمس الغاية الحقيقية من الواقعة الخالدة ..
( اللهم تقبل منّا هذا القربان ..) هذا ماقالته زينب(ع) بعد ان قتل رجالات بيتها وذبح أخوتها .. انه أعلام لكل من يسمع بأمر الواقعة بأن هذا الموقف كان بملء أرادتنا , لم يفرض علينا , وكنّا نعلم أن هذا ممكن الحدوث جدا ومع ذلك أتينا .. وحذرنا الكثيرون قبل خروجنا ومع ذلك أبينا الّا أن نخرج رفعة للحق وخذلانا للباطل .. لم يجبرنا أحد على الخروج وأنما نحن بملء أرادتنا جئنا ووقفنا هذا الموقف .. وقدمنا الحسين(ع) ومن معه قربانا لأجل دين الله ونطلب من الله أن يتقبل هذا الذبح العظيم .. وعدا ذلك فأنه لاشيء يساويه في الأهمية .كما أنها تعبر عن حقيقة أخرى من حقائق الواقعة الخالدة في مجلس ابن زياد عندما سألها :((وكيف رأيت صنع الله بأخيك ؟))أجابت بشمم ..((والله ما رأيت الا جميلا , هؤلاء رجال كتب الله عليهم القتل , ولبرز أليهم في مضاجعهم ))
فأذن كان دور زينب (ع) هو تكملة مهمة الحسين (ع ) في ابراز تضحيتهم وقتلهم بمظهر الكرامة والعز .. ولهذا أنا لا أعتقد بما ينقل عن مظاهر الجزع والويل والثبور والنحيب عند الحسين (ع) أو عند نساء الحسين (ع) , واعتقد ان هذه الأمور هي تظليل وأضاعة لأهداف الحسين (ع) وتحريف لمهمته وابعادها عن جوهرها الحقيقي..
3- قيادة ركب الأسرى والمحافظة عليه :حيث أنها قامت بالمحافظة على النساء والأطفال من أعتداءات جنود أبن زياد .. كما حافظت على حياة السجاد عليه السلام بعد أن حاول الأعداء قتله وبذلك حفظت النسل الشريف بأمر الله من أن ينقطع بعد أن أراد له المجرمون الأنقطاع ولكن الله سبحانه أراد له أن يستمر ..
3-كشف الحقائق للعالم أجمع والقضاء على مؤامرة بني أمية :وهذا هو أحد اهم ألأعمال التي اتخذتها زينب على عاتقها وأدت دورا كبيرا فيها ..هذا الدور كان القضاء على مؤامرة بني أمية حيث أنهم كانوا يريدون قتل الحسين(ع) ومن معه وأضاعة اثارهم وتشتيت الأنتباه لقضيتهم .. لذلك حاول ( عبيد الله ابن زياد ) بعد أن قتل (مسلم بن عقيل ) أن يمنع الحسين(ع) من دخول الكوفة لذلك ارسل له ( الحر الرياحي ) وكتيبته لقطع الطريق ومنع الحسين (ع) من الوصول الى الكوفة ومن ثم يتم الأنفراد به وبمجموعته الصغيرة عددا والكبيرة تأثيرا في الصحراء وقتلهم وإضاعة أثارهم تحت رمال الصحراء ومن ثم إشاعة أنهم كانوا مجرد مجموعة من الخوارج الذين خرجوا على ألإسلام يريدون تمزيق الأمة وخلق الفتن وتم الأنتهاء من أمرهم .. وهذا ما كاد أن يحصل بالضبط , بحيث أن الأمور كانت تمشي وفق الخطة التي أعدها أبن زياد ..ولكن من الذي أحبط هذا المخطط الشيطاني والمؤامرة الخبيثة ؟"انها زينب عليها السلام لأنها بعد وقوع الواقعة قد قامت بنقلها حرفيا الى الناس في مدينة الكوفة أولا , الكوفة التي مازالت تتذكر علي أبن أبي طالب(ع) جيدا ويتداول أهلها أخبار زهده وعلمه وشجاعته وجميع فضائله ..الكوفة التي خرج أهلها لرؤية أسرى من كانوا يظنوهم خوارجا , ولكنهم فوجؤا ببلاغة علي بن أبي طالب(ع) تطرق أسماعهم بعنف على لسان أمرأة من أسرى الخوارج .. انها زينب أبنة علي بن أبي طالب(ع) الذي سقط بيد الخوارج قتيلا في محراب صلاته .. انها زينب أبنة فاطمة سيدة نساء العالمين (ع) ..انها زينب حفيدة محمد (ص) خاتم ألأنبياء وخير من مشى على قدم .. وانكشف خداع أبن زياد واحس أهل الكوفة بعظم المصيبة بعد أن أن روت لهم زينب(ع) بالتفصيل أحداث الواقعة وأبتدؤا بالبكاء والنحيب , وأنتظم على أثرها وبعد فترة التوابون بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي وثاروا على بني أمية ثم تبعهم المختار الثقفي .. خروج الموكب الزينبي بأتجاه الشام :وخرج الموكب الزينبي من الكوفة بأتجاه الشام , وقد اراد له بنو أمية أن يكون رمزا لعزهم ورفعتهم , ولكنه أصبح رمزا لذلهم ووضاعتهم .. فقد كان الموكب يمر على الكثير من المدن الأسلامية ويتوقف فيها للراحة وكانت زينب (ع) تؤدي دورها الرسالي بفضح بني أمية وتبيان تفاصيل الواقعة بعد أن يجتمع الناس حولهم ويبدؤن بالتساؤل عنهم ..وكانت الطريق عامرة وكانت زينب(ع) تجد في عملها .. حتى علم المسلمون جميعا بامر الواقعة وأنتقلت ألأخبار الى جميع الحواضر ألأسلامية التي أستنكرت على بني أمية فعلتهم ..
والى أن وصل الموكب الشام فقد توجت زينب(ع) عملها بخطبتها العصماء بقصر يزيد التي كشفت للجميع فيها كل شيء , وغطت زوجة يزيد رأسها بقميصها وخرجت من القصر مستنكرة .. وهكذا فقد أكملت زينب (ع) الرسالة السامية التي بدأها الحسين(ع) وأوصلت مغزاها الى جميع الناس ولولا دورها العظيم في ذلك لأنتصر بنو أمية ولصار أصحاب الباطل حقا وأصحاب الحق خوارجا ولطمرت رمال الصحراء جثث ابي عبدالله (ع) وصحبه ولأندثر ذكرهم ولكن الله سبحانه أراد لذكرهم أن لايندثر فهيأ زينبا (ع) لتنقل قصتهم ومافيها من عبر من وسط الصحراء القاحلة الى قلوب الناس العامرة ..
https://telegram.me/buratha