خالد الغرايري ـ تونس
يتردد هذه الأيام النداء الحسيني المتجدد من جنبات التاريخ ;<ألا من ناصر ينصرنا,ألا من ذاب يذود عن حياض رسول الله >...هذا النداء الممتد منذ ما يناهز الأربعة عشرة قرنا هو النداء الرسالي المفتوح عبر تاريخنا كمسلمين و كبشر,نداء مقاومة الظلم,نصرة المظلوم و الإنتماء إلى الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه و اله.نداء الأنسانية التائقة للحرية الذي بذل فيه الحسين عليه السلام دمه و دم أبناءه و أخوته و أصحابه و سبيت في سبيله بنات بيت النبوة الطاهرة في ملحمة تاريخية انسانية,إسلامية لانظير لها في تاريخ الأمم,ـهذا النداءـهو عنوان عاشوراء الذي لنا أ ن نتوقف عنده و نلبيه< لبيك يا حسين>مقامة للظلم و إنتماءا للحق حيث ما كنا و كيفما كانت قضيتنا.لقد كانت ملحمة عاشوراء خطا فاصلا في تاريخ الاسلام و المسلمين فمنذ كربلاء أصبح واضحا أن الإنتماء للإسلام يستلزم الإنتماء لنهج الحسين,لنداء الحسين,لمعركة الحسين عليه السلام,فلم يعد بالإمكان الوقوف على الربوة,و لم يعد الحياد ومحاولات التأويل مجديةبعد عاشوراء الحسين.إما أن ننتمي للحق أو نقف مع الظلم,مع الإسلام أو ضده فالذين تقابلوا يوم عاشوراء في معركة رفعت فيها رؤوس أل البيت على أسنة الرماح و مثل بأجساد شهدائهم و سيقت نساءهم سبايايطاف بهن في البلدان,تلك المعركة الفاصلة لم تكن بالتأكيد بين < فئتين من المؤمنين إقتتلا >.لقد كانت معركة الإسلام بألف و لام التعريف سليلا لبيت النبوة الطاهرة,تذود عنه بإمامها, شبابها , أولادها, رضعها و نسائها فليس بعد الإسلام عزيز و لا بعده شرف و على النقيض يقف الظلم بحقده الجاهلي مجندا الكفرة و المنافقين و بياعي الذمم وعبدة كراسي السلطة و المال الحرام.عندما ندرك رهان المعركة ووعي النداء الحسيني , بعيدا عن وعي القطيع وسياسة كلاب الحراسة الذين يسوغون سلطة السيف على سلطة القرأن ـ عندها ـ سنعي حتما أن عاشوراء ليست أبدا عيدا يحتفى بهولا هي مناسبة يحق فيها لغيور على دينه أن يجد في نفسه قدرة على الاحتفال حتى لو كانت عاشوراء هي اليوم الذي إنتصر فيه موسى على فرعون,و لعمرى إنه لمن المضحكات المبكيات أن يستدعى إنتصار موسي على فرعون للإحتفال و ـالشكران ـ على حد تعبير أحدهم ممن يمج الحزن على الحسين بدعوى التقادم...إن حساسية اللحظة التاريخية في ذكرى عاشوراء و أهميتهاو وعي تجلياتها التاريخية و الحاضرة و المستقبلية هي ما يستدعي إحياء ذكرى عاشوراء بالتأمل في تاريخنا و تحديد مواطن الخور فيه و معرفة أسباب تخبطنا في قرون طويلة متواصلة من الإستبداد الذي قادنا التخلف و الجهل و الفقر, احياء الحسين العطرة بإستلهام مبادئه و أخلاقه السير على نهجه في المقاومة و الصمود حتى لو عزت الإمكانات و تخلى القريب و البعيد و إستقالت الأغلبية المغلوبة على أمرهامن قضاياها و معضلاتها .احياء ذكرى عاشوراء الحسين لنقول للعالم أن الحسين نهجا لن يموت و طريقالن يحد ما دامت السموات و الأرض فهو موجود في كل إنسان يناهض الظلم و الظالمين و يرنو للحق و الحرية,موجود في كل قلب و في كل قلم و في كل لسان و في كل بندقية تنافح عن قضايا الإنسان العادلة.لكم حري بنا اليوم أن نستذكر كربلاء الحسين بمعانيها الانسانية ونستظل بنهجها الهادي المهدي بعيدا عن المناكفات المذهبية و تقاليد التشفي و الإستهزاء الجاهلية التي قادت إلى إحطاط المسلمين .لكم حري بعلماء الامة و مثقفيها أن يستقرؤا عاشوراء و يجعلوا من ذكراها يوما للإنتفاض في وجه ـ يزيدات ـ الأمة بدلا من الدعوة لإتخاذ يوم عاشوراء عيدا تقام فيها الإحتفالات و المهرجانات و توزع الهدايا في ذكري قتل فيها سبط رسول الله و ريحانته و سبيت بنات رسول الله و ذراريه بطرقة إرهابية بشعة يحزن لهاكل قلب بشري و ينفطر لها قلب كل مؤمن و يصرخ فيها كل مسلم ,لبيك سيدي يا حسين ,لبيكم سادتي يا أهل بيت النبوة,فداكم النفس و المال و البننين.أشهد الله و أشهدكم سادتي أني أواليكم و أبرأ إلى الله من قاتليكم .وعفوك ربي فلن أقدر على الإحتفال بإنتصار موسي عليه السلام على فرعون,عفوك ربي فقد عاد فرعون مرة أخري يذبح الأبناء و البنات أيضا و يسبي النساء و يحرق الديار ..عفوك ربي فقد كان فرعون بني إسرائيل أرق بهم و ألطف من فرعوننا,عفوك ربي فقد توالد فراعنتناأضعافا مضاعفة و هم يعلون رقابنا حتى اليوم و نحن يا رب موسى لا موسى لنا ,و نحن يا رب الحسين لا حسين لنا,فأعذر يا رب وجدنا و حزننا و بكاءنا و تقبله منابراءة من قتلة الحسين فإنهم قتلوه و منعوا البكاء عليةو لمن تبكي عيونا لا تبكي الحسين,ولمن يا الله حرمة الدم إذا لم تكن لدماء الحسين .لحزاني عاشوراء أقول أثابكم الله و عظم لكم الأجر,للمعيدين في عاشوراء بحكم العادة أقول عاشوراء مدعاة للحزن لا للفرح و تبينوا أمركم هداكم الله, و لدعاة التعييد يوم العاشر من محرمبدافع العداء المذهبي و الشماتة و التشفي أقول إنما بذلك تختارون الوقوف مع أعداء الحسين يوم الطف فهم أول من أقام الأفراح بعد قتلهم الحسين و أصحابه و أهل بيته و فرضوا ذلك في بلادالإسلام و وضعوا لذلك الأحاديث و ركزوا كل مناسبة لإحتفال في تاريخ نبي من الأنبياء في عاشوراء ف فيها كانت نجاة موسي من فرعون و فيها نجاة يونس من بطن الحوت و فيها رست سفينة نوح ...إنها دسائس السلطة و ماكينتها و سطوتها في ظل التسلط و الإستبدادو القمع الذي لم ينقطع و لم يتبدل مذاك .ولله الشكوى و له المرجع و المنتهىخالد الغرايري
https://telegram.me/buratha