محمود الربيعي
هوالقاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام أجمعين، وهو أخو أبي بكر بن الحسن المقتول قبله لأبيه وأمه.
كل الشخصيات التي شاركت في قتال الطغاة يوم الطف كانوا شجعاناً، وكان القاسم بن الإمام الحسن عليه السلام أحدهم عندما خرج شاهراً سيفه ولَمّا يتجاوز عمره الشريف ثلاثة عشر عاما، قاتل القاسم يومها قتال الأبطال وقتل العديد من جيش عبيد الله بن زياد قائد يزيد في كربلاء.
شَدَّ عليه جيش إبن زياد حتى ضربه المجرم عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي بضربة على رأسه الشريف بالسيف فوقع القاسم رضوان الله تعالى عليه من فرسه مضرجا بدمه الطاهر الزكي.. فأنزعج الإمام الحسين عليه السلام مما أصاب إبن أخيه فَشَدَّ على اللعين عمرو فعاجله بضربة شديدةلم ينجه منها إلاّ إندفاع العصابة المجرمة التي حاولت إنقاذه فلم تفلح في إنقاذه فمات لَعَنَهُ الله صريع ضربة الحسين وحوافر الخيل التي مشت على صدره فذهب الى جهنم غير مأسوف عليه وساءت له مصيراً.
بعدها وقف الإمام الحسين عليه السلام كما يصف المؤرخون على رأس القاسم ليقول له: بعداً لقوم قتلوك خصمهم فيك يوم القيامة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال : عَزَّ على عمِكَ أن تدعوه فلا يُجيبك، أو يُجيبك ثم لا تنفعك إجابته يوم كثر واتره ، وقل ناصره ثم أحتمله على صدره وكأن الرائي ينظر إلى رجلي الغلام تخطان في الأرض حتى ألقاه مع إبنه علي إبن الحسين فسأل السائل عن الغلام فقالوا له: هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين .
لقد سُجِّلَ للقاسم رضوان الله عليه موقفه الشريف يوم الطف كما سجلت فيه مواقف كل من وقف مع الحسين عليه السلام فأصبحت أسمائهم مضيئة في قائمة الأبطال والشهداء.
فالقاسم بن الإمام الحسن رضوان الله تعالى عليه لم يرتضي لنفسه أن يتخذ مواقف المتفرجين وهو يرى بعينه أنَّ حُرَمَ رسول الله تنتهك وضح النهار وعلى أيدي شرار خلق الله، كما لم يرتضي أن يترك عمه وحيداً في الميدان يقاتل عدوه لذلك كان ذلك اليوم بالنسبة له إمتحاناً عظيماً.
لقد إمتلئت أرض الطف بالمواقف الرجولية، وأضاءت ساحتها بالشجاعة والبطولة النادرة في ملحمة تاريخية قل نظيرها إن لم تكن الفريدة التي لم تتكرر بخصوصية ابعادها المختلفة.
لم يتردد القاسم عن عقد عزمه في رفع السيف بوجه الطغاة لِيُرِيَ أعداءه وأعداء الإسلام مدى إصراره وشدة صلابته عندما لم يرتضي لنفسه القعود مع القاعدين وفضل الجهاد وطريق الكرامة الذي يحكي قصة الخالدين الذين ارادوا صون شرف الرسول وعزة الأمة، فشكر الله له سعيه في نيل الشهادة، وليلاقي ربه راضياً مرضياً.
هذه البطولة النادرة لم تفارق الحسين وأصحاب الحسين عليهم السلام، فلقد أجتمع كل من كان في الطف مع الحسين على قبول الموت وقوفاً، ولم تَفُتْ عضدهم كثرة عَدَدَ وعِدَدَ عدوهم ودناءة طبعهم اللئيم.
لقد شَهَدَ الحسين عليه السلام أن حب القاسم للموت والشهادة كانت لديه ألذ من طعم الحياة، وأن الموت في سبيل الله كان له أطيب من العسل.
لقد رأى القاسم فيمن تقدمه من مواقف لأخوته وأبناء عمه مايدفعه بقوة الى أن يكون مع القدوة، ومن القدوة الذين يضرب بهم المثل، وأنهم سيكونون أمثلة حياة لكل من طالبي الشهادة والباحثين عن الخلود.
فإلى جميع أرواح الشهداء تحية إحترام وإكبار وإعتزاز لإنهم حفظوا بمواقفهم كرامة الأمة وعزها وفخرها بإلاسلام وجنده الميامين الذين رخصت انفسهم في سبيل الله، ونسأل الله تعالى أن يرزقنا شفاعتهم ويهدينا سبل الرشاد إنه سميع مجيب.
https://telegram.me/buratha