احمد عبد الرحمن
في الحوار الذي اجرته معه صحيفة الشرق الاوسط ونشرته يوم امس الثلاثاء، قال رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي من بين ما قاله في الحوار "ان المحاصصة كانت من الخيارات غير الموفقة في التجربة العراقية، ونرى انه علينا الابتعاد عنها، لكن مفهوم الشراكة يعني حضور كل المكونات والاطراف السياسية المتعددة في صنع القرار العراقي، وهي مسألة ضرورية لتحقيق الاستقرار، فالعراق بلد تعددي برلماني، وفي الدستور من حق الكتل الفائزة توليف الحكومة من جميع المكونات، وعلينا التفريق بين المحاصصة والشراكة، فالمحاصصة عملية غير موفقة والشراكة ضرورية لاشعار كل الاطراف ان لهم حضورا في ادارة البلاد".التوقف عند هذين المفهومين -المحاصصة والشراكة- من قبل السيد رئيس المجلس الاعلى يعد امرا مهما، لاسيما في هذا الوقت بالذات، اذ ان هناك خلطا كبيرا بينهما من قبل اوساط سياسية ومؤسسات اعلامية ونخب ومكونات اجتماعية مختلفة، وبعض هذا الخلط ربما كان مقصودا، وبعضه الاخر ليس كذلك.وطبيعي ان التجربة الطويلة المؤلمة والكارثية التي عاشها العراقيون بمختلف فئاتهم وشرائحهم واطيافهم وانتماءاتهم وتوجهاتهم، في ظل الانظمة الديكتاتورية الاستبدادية، وحالة التنوع الواسع في المجتمع العراقي، حتمت ان يكون هناك حضورا حقيقيا للجميع، وبالفعل فأن الانتخابات اتاحت تحقيق ذلك الحضور بدرجة كبيرة.واذا كانت المحاصصة مرفوضة كصيغة لادارة شؤون الدولة وتشكيل النظام السياسي، بأعتبارها ان تخل بالسياقات والثوابت الدستورية، وتحددها الصفقات والمساومات السياسية، فأن منهج الاقصاء والتهميش هو الاخر مرفوض، لانه يمثل حاضنة للمشاكل والازمات والاحتقانات السياسية وغير السياسية في بلد ذات نسيج اجتماعي متنوع.وفي العراق، اذا اريد تحقيق الامن والازدهار والاستقرار والرخاء والتعايش بين الجميع، فأنه من الخطأ الكبير والفادح تهميش وتغييب هذا المكون او ذاك بأية حجة او ذريعة، الا اذا كان ذلك المكون يعمل ويتحرك بالاتجاه المضاد للمصالح والثوابت الوطنية.ولعله من غير الصحيح ان تفهم الشراكة على انها تقسيم للمواقع والمناصب والمقاعد بين عدد من الكيانات والتيارات السياسية، بل ان الشراكة تعني شراكة في كل شيء.. شراكة في الحقوق وشراكة في الواجبات، وشراكة في تحديد مستقبل البلد وتشخيص مساراته الصحيحة.وبينما المحاصصة تعد مفهوما ضيقا ومحدودا، فأن الشراكة على العكس من ذلك فهي تمثل مفهوما واسعا وكبيرا.وافاقه رحبة، ومدياته فسيحة.
https://telegram.me/buratha